الرئيس بري رعى اعمال الدورة ال 26 ل "الاسكوا" في بيروت :
تابعت اللجنة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا "الاسكوا" أعمال دورتها السادسة والعشرين لكبار المسؤولين العرب والتي تعقد في بيت الأمم المتحدة في وسط بيروت، برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وفي اليوم الثالث للدورة، عقد اجتماع على مستوى الوزراء ومحوره الشباب، افتتح بكلمات رسمية لكل من راعي الدورة ونائب رئيس الوزراء للشؤون الإقتصادية وزير التخطيط والتعاون الدولي في الجمهورية اليمنية عبد الكريم الأرحبي، وزير التخطيط والتعاون الدولي في الأردن الدكتور جعفر حسان، الامين العام لمجلس دول التعاون الخليجي عبدالرحمن بن حمد العطية، ووكيل الأمين العام للامم المتحدة والامين التنفيذي للاسكوا بدر عمر الدفع. وتليت رسالة الامين العام للأمم المتحدة بان - كي مون الى الدورة.
استهل الإفتتاح باحتفال غنائي لفرقة الفيحاء بقيادة المايسترو باركيف تاسلاكياب في حضور الرئيس نجيب ميقاتي، النائبين عبداللطيف الزين ومحمد قباني، الامين التنفيذي السابق ل"الاسكوا" ميرفت تلاوي وحشد من المسؤولين اللبنانيين والعرب ومعنيين ومهتمين في شؤون الشباب والتنمية.
وتحدث الأرحبي فدعا الى "ان تحمل الدول المتقدمة والمؤثرة في القرار الإقتصادي العالمي مسؤوليتها في إرساء قواعد جديدة للاقتصاد العالمي تكون اكثر عدلا بالنسبة الى الدول النامية وبما يمكنها من التصدي للتحديات التي تواجهها وتحقيق أهدافها التنموية الأساسية وبالذات أهداف التنمية الألفية".
وقال:"نقف اليوم على موضوعات في غاية الأهمية بالنسبة الى بلداننا العربية، والتي يأتي في مقدمها موضوع الفرص والتحديات الماثلة امام الشباب في العالم العربي، باعتبار الشباب الأداة الفاعلة في عملية التنمية الإقتصادية والإجتماعية فضلا عن كونهم يمثلون غالبية السكان في المنطقة العربية، وبالتالي فإن مسؤولية تنميتهم وتطوير قدراتهم وإبداعاتهم وتوفير فرص العمل لهم مسؤولية كبيرة تتطلب الكثير من الجهد من الحكومات العربية. كما ان بناء القدرات البشرية والمؤسسية يحتل ايضا اهمية كبيرة في أجندة الكثير من الدول الأعضاء، لكون هذا الموضوع مرتبطا ،0الى حد كبير، بموضوع الحكم الرشيد، والإدارة الكفية وتعزيز المساءلة والشفافية التي نسعى جميعا الى تحقيقها في بلداننا".
واهاب بالجميع "إعطاء هذين الموضوعين الإهتمام وصولا الى فهم مشترك يفضي الى بلورة رؤية ملائمة تستجيب لتحقيق أهداف التنمية الشاملة في المنطقة".
ثم القى الدكتور جعفر حسان كلمة قال فيها: "اسمحوا لي، في البداية، أن أتقدم بجزيل الشكر والثناء الى حكومة الجمهورية اللبنانية الشقيقة وشعبها على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، والترتيبات المتميزة التي أعدت بغية إنجاح اجتماعاتنا هذا الأسبوع.إن هذا اللقاء من الأهمية بمكان لأنه يشكل أرضا مناسبة لأعرض جملة القضايا ذات الاهتمام المشترك لبلدان المنطقة وتبادل الخبرات والأفكار حولها، وخصوصا حول موضوعي الشباب وتطوير القدرات البشرية والمؤسسية، عنوان هذه الدورة وأولوية هامة لكل دول المنطقة.نتفق جميعا بأن التنمية المستدامة هي المبتغى الذي نسعى الى الوصول إليه، حيث تبذل دولنا جهودا كبيرة في سبيل تحقيق هذا الهدف خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار حجم الامكانات المتوافرة لدى بلداننا وما يقابلها من تحديات مستقبلية لا بد من تجاوزها، والتي أصبحت إلحاحا في ضوء الأزمة الإقتصادية التي يمر بها العالم".
وتابع: "لعلنا نتفق بأن أبرز ما يواجهنا من تحديات يكمن في القدرة على توفير فرص العمل المطلوبة، والتغلب على التحديات التي تواجهها أسواق العمل في دولنا، خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار الارتفاع في معدلات النمو السكاني وبالتالي الإرتفاع الكبير في أعداد الشباب في مجتمعاتنا، حيث تشير الاحصاءات والتقارير المنشورة عن اللجنة إلى أن مجتمعاتنا تملك أعلى المعدلات على المستوى العالمي للفئات العمرية تحت 25 عاما والتي تشكل ما نسبته بين 45 و 60 في المئة من عدد سكان المنطقة، الأمر الذي يتطلب جهودا كبيرة لتأمين فرص العمل لهم في أسواق العمل. حيث يصل معدل البطالة بالمتوسط في دولنا إلى نحو 25 في المئة بين فئة الشباب، وإن بقيت من دون إصلاح ومعالجة وتدخل، فهي بلا شك ستساهم في ايجاد تهديدات حقيقية لمجتمعاتنا ومستقبل التنمية في هذه المنطقة".
اضاف: "وهذا يلقي علينا بمسؤوليات جمة من حيث التخطيط السليم للموارد البشرية وبناء القدرات المؤسسية، حيث تبرز أهمية ذلك في ضوء ما ستمر به بلداننا في المستقبل المتوسط وخلال العشرين عاماً القادمة بما يعرف بالفرصة السكانية والهبة الديمغرافية وما يتطلبه ذلك من تركيز الجهود على تلبية احتياجات جيل الشباب وبما يعظم الاستفادة من هذه القوة البشرية الكبيرة، وبالتالي فإن إدماج الشباب في العملية التنموية وتوظيفهم بالشكل الأمثل في أسواق العمل، يحتاج منا تكثيف الخطوات نحو تطوير مواردنا البشرية، وفي مقدمتها التطوير المستمر لقطاع التعليم في منطقتنا من خلال الاستثمار في هذا القطاع بالتركيز على نوعية التعليم، وتوفير البيئة التعليمية المناسبة وتطوير المناهج، وتحقيق متطلبات الألفية، وتوفير البيانات الدقيقة لعملية تخطيط التعليم والموارد البشرية، وتأهيل أنظمة التدريب المهني والتقني بما يساعد على مواءمة متطلبات سوق العمل ومخرجات النظام التعليمي".
واردف : "يقودني ذلك إلى القاء الضوء على أهمية تمكين الشباب من اكتساب مهارات اقتصاد المعرفة لتمكينهم على التكيف مع حاجات سوق العمل والمنافسة في الأسواق المحلية والاقليمية والعالمية، وعلى إنشاء المشاريع الذاتية والصغرى التي تسهم في توليد فرص العمل، بالإضافة الى المشاريع الكبرى، خصوصا في ضوء حاجة منطقتنا الى انتاج ما لا يقل عن ثلاثة ملايين فرصة عمل سنويا تتطلب منا توجيه الاستثمارات للافادة المثلى من هذه الفرص ودرس حاجات مختلف القطاعات من المهارات والتخصصات الجامعية للاعوام العشرة المقبلة. وهنا لا بد لي من التأكيد أن المسؤوليات في هذا الجانب لا تقع فقط على كاهل القطاع العام، بل لا بد من مساندة ومشاركة كل الشركاء في القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني من طريق بناء شراكات حقيقية فاعلة هدفها الافادة من القدرات البشرية التي تمتلكها دولنا واستغلالها وتوظيفها بالشكل الأمثل، وبما يؤدي إلى إزالة معوقات الاستثمار في المنطقة وتسهيل انتقال العمالة بين دولنا، والتوجه إلى مشروعات الاقتصاد الحقيقي الذي يساعد على توفير فرص عمل حقيقية".
وتابع: "إنه لمن الجدير بالذكر أن التنمية المستدامة مترابطة بالتكامل والتعاون الإقليمي بحيث يعول الأردن كثيرا على المشاريع الإقليمية الكبرى سواء في مجال الطاقة أو النقل، أو المياه، والتي ستساهم في تعزيز المصالح المشتركة وتحقيق التكامل والترابط الإقتصادي وتكوين قاعدة لمشاركة القطاع الخاص في تمويل وتنفيذ هذه المشاريع، والتي سيطلق الاردن عددا منها هذا العام. ومن هذا المنطلق، فإن الأردن يتطلع إلى استضافة مركز الإسكوا للتكنولوجيا، والذي نأمل أن يكون منبرا هاما في تعزيز ونشر وبناء المعرفة والابتكار في هذا المجال الحيوي والأساسي للتنمية، مؤكدا ضرورة إنشاء المركز بأسرع وقت لتمكيننا جميعا من الافادة منه وإعتماد القرار بذلك في هذه الدورة".
وقال: "لا يفوتني الإعراب عن الشكر والتقدير للجنة الإسكوا على الدعم الذي وفرته للدول الأعضاء وعبر برامج التعاون الفني والخدمات الاستشارية الإقليمية والتي ساعدت في تبني وتطوير ورسم سياسات وبرامج موجهة نحو تعزيز الاصلاحات الاجتماعية والبشرية، ونأمل تعزيز هذا الدور من خلال الإطار الاستراتيجي للجنة للأعوام 2012-2013 والذي من شأنه أن يساعد كثيرا في معالجة موضوعات الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية والقدرات المؤسسية والبشرية في دولنا، إلى جانب دعم السياسات الوطنية نحو تحقيق تنمية شاملة، وبناء القدرات على المستوى الاقليمي للمساعدة في وضع السياسات المشتركة لمواجهة التحديات الكبيرة، وذلك من خلال تشجيع مبادرات التكامل الاقليمي، وتسهيل التجارة والاستثمار والنقل، وتطوير إستخدام التكنولوجيا ونشرها وتعزيز دور المرأة".
وختم: "كلي أمل أن تستمر اللجنة في العمل على تعزيز قضايا الدول الأعضاء وخدمتها وأن تبقى شريكا أساسيا لها لتحقيق التنمية المنشودة. وختاماص أكرر شكري العميق لحكومة لبنان وشعبه، متمنيا له دوام الإزدهار والرخاء والإستقرار".
العطية
من جهته أكد العطية ان "امن لبنان واستقراره ورخاءه يبقى إحدى اولويات السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون التي اكدت دائما وقوفها ومساندتها التامة لهذا البلد الشقيق، ليواصل دوره الإيجابي في محيطه العربي".
وبعدما عرض إنجازات مجلس التعاون الخليجي على مستوى العمل المشترك بين أعضائه، أكد ان "المجلس يعطي اهمية قصوى لموضوع الشباب وتعزيز دورهم ، "ادراكا منه بترابطه الوثيق والمباشر مع عملية التنمية بمفهومها الشامل. لذا حظي الشباب في دول المجلس بأهمية خاصة في الخطط الإستراتيجية الوطنية، وكذلك في إطار العمل المشترك لمجلس التعاون، باعتبارهم عاملا اساسيا لأي تخطيط للنهوض بمجتمعات دول المجلس الى مصاف الدول المتقدمة. على المستوى الوطني، عملت دول مجلس التعاون على تعزيز دور الشباب، وتوفير الفرصة كاملة لهم في التعليم، العمل، الرياضة والمنتديات الفكرية والترفيهية، كما بذلت جهودا كبيرة لإصلاح التعليم والإهتمام بالمعرفة، والتشجيع على الإبداع، وكذلك التوسع في إنشاء الجامعات والمعاهد المتخصصة وغيرها من مؤسسات التعليم العالي بهدف توفير التعليم بعد الثانوي، بتخصصاته كافة، مراعية في تصميم البرامج والمناهج الدراسية متطلبات سوق العمل. وبينما كثفت عدد من دول المجلس من برامج الابتعاث الى الخارج، أخذت دول اعضاء أخرى بأسلوب انشاء فروع لجامعات اجنبية عريقة، وتبنت دول المجلس برامج للتوجيه المهني تعين الشباب على اختيار ما يتناسب وميولهم وقدراتهم من المهن، مع دفعهم نحو تغيير النظرة لديهم تجاه بعض المهن والحرف".
وأشار الى ان "دول المجلس عملت على توفير سوق العمل للشباب من خلال التركيز على مجالات التنمية الإقتصادية التي تحقق ذلك. كما عمدت الى وضع برامج وطنية لمساعدة الشباب على الانخراط في قطاع الأعمال الحرة، وإعداد قادة فاعلين في مختلف الميادين وتهيئتهم للعمل في أوساط الشباب
رسالة بان كي - مون
ثم تلا الدفع رسالة الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون وفيها: "يسعدني ان أتوجه بأطيب التمنيات الى جميع المشاركين في هذه الدورة الوزارية للجنة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا.
تجتمعون اليوم، وهدفكم هو التقدم والتنمية الإجتماعيين في المنطقة، يأتي اجتماعكم في ظروف عصيبة. فالتحديات الكبرى تهدد المنطقة باستمرار، من تغير المناخ، وندرة المياه، وأزمة الغذاء، والركود الإقتصادي لا يوفر أي منطقة من مناطق العالم. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، علينا ان نعمل من اجل توفير العمل اللائق للجميع، ونعزز الدمج الإجتماعي، ونخفف من عدم المساواة. وأكثر من ذلك، علينا ان نعزز الأمل لدى الشباب ونوسع لهم آفاق المستقبل".
اضاف: "يسرني أن يكون موضوع الشباب من المواضيع الرئيسية التي ستركز عليها مناقشاتكم في شأن السياسة العامة، ففي ذلك ما يشجع الحوار بين عنصر الشباب والخبراء وصانعي السياسات، لتحسين الفرص المتاحة لهم في منطقة الأسكوا. وسيستفيد من مناقشاتكم ايضا الحوار العالمي الموسع حول قضايا الشباب، لا سيما ان سنة الأمم المتحدة الدولية للشباب ستبدأ في 12 آب 2010. ونأمل أن يكون لما تبذلونه، من جهة، على هذا الصعيد ثماره في ترسيخ الإعتراف بمساهمة الشباب ومشاركتهم الكاملة في جميع أوجه الحياة الإجتماعية. وانني أرحب باعتماد إعلان في شأن الشباب، يجدد التزام وضع سياسات فاعلة تلبي اولوياتهم وتطلعاتهم الى "المستقبل".
وتابع: "أنوه أيضا بالتركيز على القدرات البشرية والمؤسسية. فلتحديث القطاع العام وللاصلاح الإداري دور جوهري في تحقيق الأهداف الإنمائية الوطنية وبناء مؤسسات تتصف بالقوة والفاعلية. وانني على ثقة بأنكم ستتخذون خيارات في السياسة العامة تتسم بالمصداقية وروح التجديد، وتلبي الحاجات المحلية، وتهدف الى تحقيق مزيد من الفاعلية في الحكم ومزيد من المناعة للمجتمعات، وتعزز الأمل بمستقبل أكثر إشراقا للجميع في منطقة الإسكوا".
ثم تحدث الدفع فأشار الى ضرورة "إجراء مراجعة نقدية بناءة للمناهج الإنمائية في التعاطي مع الشباب، بهدف الوصول الى معالجات عملية تنسجم مع الخصوصيات الديموغرافية والإقتصادية والإجتماعية، ومع ما تفرضه المرحلة من فرص وتحديات تؤثر على قضايا الشباب وعلى أدائهم الإجتماعي".
وأمل "ان تتبنى اللجنة الوزارية للدورة الإعلان الخاص ببلدان غرب آسيا الذي يحدد التزام سياسات الشباب كفرصة صريحة وواضحة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية في المنطقة. وقد ناقش اجتماع كبار المسؤولين مسودة هذا الإعلان.
واشار الى ان الدورة "تتناول تحديث القطاع العام كركن اساسي لتحقيق الأهداف الإنمائية الوطنية، فبناء المؤسسات وتعزيزها وتطوير القدرات البشرية والمؤسسية هي عوامل أساسية لتحسين الأداء الإقتصادي والإجتماعي، بخاصة ان الترابط بين التنمية المؤسسية وبناء الدولة بات موضوعا تتفق عليه المراجع المختصة على المستويين الوطني والدولي".
ولفت الى ان "رأس المال الإقتصادي والبشري يتعرض لخسائر جسيمة من جراء النزاعات والإضطرابات التي يعانيها عدد من البلدان الأعضاء في الإسكوا، وما تشهده المنطقة من نزاعات يتفاقم بفعل التحديات المحلية والعالمية"، داعيا "الى العمل من اجل تحقيق السلام بكل أبعاده السياسية والإقتصادية والإجتماعية. وبناء السلام يبدأ بأنفسنا، حتى نتمكن من تقرير مصيرنا بأيدينا، ونبني السلام مع الآخرين على أساس الحلول العادلة والشاملة. وقد أدركت منظومة الأمم المتحدة ان المشاكل المحلية يجب أن تأتي حلولها محلية".
الرئيس بري
وكانت كلمة الختام للرئيس بري جاء فيها: "للمرة الثانية، لا أتردد البتة في قبول رعاية أنشطة "الاسكوا" في بيت الامم المتحدة في بيروت، نظرا الى الادوار المتنوعة التي تقوم بها مختلف مكاتب الامم المتحدة وخصوصا "الاسكوا" التي تتجاوز تأثيرات قراراتها وأنشطتها لبنان الى محيطه العربي والمنطقة.ان حوافز هامة مضافة جعلتني اشارككم اليوم في افتتاح اعمال هذه الدورة.فقد كنت اتحين الفرصة لتقديم الشكر الى الاخ العزيز بدر الدفع الامين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا ووكيل الامين العام، على شخصيته القيادية المميزة، وعلى احتكامه الى الكفاءة في التوظيفات ووضعه الانسان المناسب في المكان المناسب، ومن اجل التنويه بمواقفه الشجاعة التي برزت خصوصا خلال الحرب الاسرائيلية العدوانية على قطاع غزة، والدور الذي اداه لتشجيع زيارة الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون للقطاع، ولشكره اليوم مع ادارته على تنظيمه هذه الدورة الوزارية، وعلى جعل عنوان "دور الشباب وتمكينهم" الموضوع الاهم الذي تتناوله".
واضاف: "أهلا بكم دائما في لبنان الذي تنشد مدارسه واكثر من خمسة واربعين جامعة ومعهدا للتعليم العالي كل صباح: "نحن الشباب لنا الغد". ثم اذا اقبل هذا الغد وشارف كل عام دراسي الانتهاء، يبدأ وجع ايجاد فرص العمل ووقف النزف المتواصل لمواردنا البشرية الشبابية وهي تحمل دائما شهادة جامعية ودمغة "صنع في لبنان".
وتابع: "أعرف ان هذه الدورة الوزارية ترسم سياسات العمل المتصلة بعمل "الاسكوا" واهدافها ونشاطاتها.واعرف ان موضوع دور الشباب وتمكينهم ليس هدفا لبنانيا وانما يشمل نطاق عمل مكتب الاسكوا وان الخلاصات والاستنتاجات تعتمد على طاولة وزارية مستديرة للحوار بين الشباب الجامعي والثانوي في لبنان والوزراء المشاركين في هذه الدورة.اعود بالذاكرة الى التسعينات يوم انعقد برلمان الشباب في مجلس النواب ويومها انفجرت الاسئلة الجريئة في وجهي كرئيس لمجلس النواب حول التعليم والعمالة والبطالة والمشاركة، والطوائف والطائفية والمذاهب والمذهبية، والفئات والفئوية، ووقفنا جميعا" امام سؤال المواطنة الذي يشكل الواجبات المتبادلة بين المواطن والدولة، وتكريس حقوقه في السكن والعمل والتعليم والصحة والبيئة والامن والثقافة الخ".
وقال: "اليوم، يا اصحاب المعالي، ستقفون امام عاصفة الاسئلة نفسها التي سأمهد لها الآن ، هادفا من صراحتي مثلكم الى التخفيف من الاقصاء السياسي والاقتصادي للشباب، وداعيا الى وضع استراتيجيات ملموسة تستهدف الشباب، وتحدد مجموعة من الاولويات التي تحرص على اتاحة الفرص الكافية امام استخدام طاقاتهم وامكاناتهم في جميع المجالات والاتجاهات". واردف: "كنت اتمنى ان تكون المناسبة اليوم فرصة لاطلاق قانون خفض سن الانتخاب الى الثامنة عشرة، وان تكون متاحة امام الشباب المشاركة في الانتخابات البلدية الجارية الآن والتي لا يزال امامها مرحلتان، ولكننا في القوى البرلمانية المختلفة لم نتقدم حيث لم يتجرأ الاخرون، وأصبنا الشباب من الجنسين في الصميم عندما تخلينا عن اقرار اصلاحات قانون الانتخابات البلدية واعتماد الكوتا النسائية المعقولة، وعندما فسرنا النسبية على طريقة ارقام ال TVA. كنت اتمنى كذلك ان اقدم لكم انموذجا في تنفيذ برنامج العمل العالمي للشباب الذي اعتمدته الامم المتحدة عام 1995 ومرت عليه حكوماتنا مرور الكرام. لذلك، اسمحوا لي ان اقدم لبنان انموذجا للعثرات وفي رسم استراتيجيات شبابية، ليس بقصد النيل من احد، فأنا اقف في صلب النظام ولو اني احاول ألا اغرق فيه
انني اقصد القول ان لا مجال للتعمية عن الحقائق، فقد عمدت "الاسكوا" الى اجراء مسح استقصائي بهدف حصر المعطيات والمعوقات لسلوك الطريق لتنفيذ البرنامج العالمي للشباب، وهي من دون ريب اكتشفت ان ضعف الالتزام السياسي للقوى البرلمانية وغيرها والتي تشكل الموالاة والمعارضة بموضوع الشباب، أفسح المجال للحكومات بأن تتلكأ عن سلوك هذا الطريق، اضافة الى النقص الفاضح في البيانات والمعلومات والاحصاءات المفيدة التي تمكن من رسم صور للواقع، واعداد التوصيات والاقتراحات والقرارات اللازمة".
وتابع: "ان الوقائع تؤكد إما قصور وإما عجز وإما رفض الحكومات في منطقة "الاسكوا" اعتماد سياسات وطنية شاملة ومتكاملة للشباب، وتحديد رؤية وطنية لدورهم، وتنسيق سياسة وطنية تشمل القطاعات كافة، وتتضمن شراكة بين وزارات ودوائر الحكومات ومنظمات الشباب الاهلية، وتشجيع انشاء مجلس وطني للشباب الى جانب وزارات الشباب، والا لماذا لم تبادر الحكومات الى التزام تنفيذ برنامج عمل الشباب الذي أعدته الامم المتحدة منذ 15 عاما، والذي تلقى دفعة قوية من المجتمع الدولي عام 2007 بعد المصادقة على تقرير الامين العام؟ ولماذا لم تبادر الحكومات الى التزام القرارات السبعة للجمعية العمومية للامم المتحدة التي وقعتها، وآخرها القرار 64/130 الصادر في شباط (فبراير) 2010، والتي دعت الدول الاعضاء والهيئات الدولية المتخصصة واللجان الاقليمية والدول ومنظمات المجتمع المدني الى تشجيع وتطوير لسياسات تستهدف الشباب".
وسأل: "ألم يحن الوقت، ايها السادة، بعد من اجل تحقيق اعتراف رسمي عربي على مستوى جامعة الدول العربية ومختلف انماط السلطات العربية بقيمة الشباب كمورد بشري ما دمنا كلنا نعترف بان معدل الشباب زهاء الستين ولنقل فوق الخمسين، وعامل اساسي للتغير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والاعتراف بأن الشباب فئة مميزة لها حاجاتها وقدراتها المختلفة عن الجميع؟".
وقال: "لقد انتهت نصف المهلة الزمنية هذا العام قبل الانتهاء من تحقيق الاهداف المتعلقة برصد تقدم الشباب في اطار تنفيذ برنامج العمل العالمي للشباب. وأنا اعترف بإسم المؤسسات البرلمانية العربية والاقليمية بأن لا وجود لأجندة مطمئنة في اقطارنا، ولا وجود لسياسات شبابية ، وان الكلام عن استراتيجيات في هذا المجال هو لتغطية السماوات بالابوات، وللضحك على ذقون الشباب الذين لم يلمسوا أي تقدم لاعتبارهم اولوية على الصعد الوطنية والمشتركة. لا يكفي ان ننزل الى الشاطئ الأزرق".
واضاف:"انني لا اطلب الكثير ولا احلم في وضعنا العربي الراهن بالكثير. جل ما اتمناه هو: اولا: سد الثغرة الواسعة في المرحلة الانتقالية بين التعليم العالي واسواق العمل حتى العلم فيه عرض وطلب ولا يجوز ترك العلم يأخذ مداه من دون اي توجيه او تخصص معين. وللمرة الالف، ادعو الى انشاء مجالس عليا للتربية وفي كل دول المنطقة، تنسق ناتج التعليم العالي مع حاجات سوق العمل. في احدى المراحل كانوا في فرنسا يريدون بناء موانئ فطلبوا توجيه الجامعات للتخصص في بناء المرافئ و بالفعل تخصص خلال ثلاث أو أربع سنوات زهاء ستة الاف مهندس ونحن في لبنان نجد في كل مبنى، مع احترامي لهذا العلم و انا متخصص به، ان هناك حقوقيين و اطباء و مهندسين و نحن في لبنان و المنطقة العربية في حاجة الى اختصاصات اخرى.
ثانيا: التنسيق بين الجهات الحكومية والاهلية في انشطة نماء الشباب.
ثالثا: ايجاد الوسائل الكفيلة الترويج للتغيير المنهجي في التعاطي مع قضايا الشباب.
رابعا: بحث الوسائل والبرامج والاصلاحات المطلوبة التي تؤدي الى ايجاد وتوليد فرص عمل وتحسين الخدمات الاجتماعية.
خامسا: تركيز دور الدولة في النشاط الاقتصادي على مسألتين:
أ - معاناة الناس من البطالة والافقار والتهميش الاجتماعي.
ب - الهجرة التي تتم وسط تجاهل الدولة لادوارها الاقتصادية ولاسباب هذه الهجرة، بل الانتباه ان المشكلة اصبحت ان الدولة لعلها ترى في الهجرة مخرجا اساسيا لمشكلة البطالة يخفف عنها عبء رسم استراتيجية استيعاب للشباب، والاصح القول ان الهجرة اصبحت استراتيجية رسمية للهروب من مشكلة البطالة وتحسين الاوضاع.
في هذا المجال ايضا، لا بد من ملاحظة ان هجرة الشباب اصبحت كذلك عدوى بسبب انهم يلمسون ان اقرانهم الذين كانوا معهم على مقعد دراسي واحد يحققون وضعا ماديا ومعنويا مقبولا وعندما يغادرون لبنان يأخذون رواتب افضل. ففي الخارج لا توجد القيود الموجودة في المنطقة العربية ولا القيود الموجودة في لبنان بالطوائف و المذاهب ويتفوقون في الخارج ويصبح بعضهم رئيسا أو ملكة جمال.
ج - الهجرة الداخلية من الارياف والاطراف الى العاصمة والمدن الكبرى. في ما تقدم، فإن المشكلة الكبرى التي بدأنا نعانيها في لبنان كانموذج لاجتماعكم هي هجرة الفئات الشبابية الاكثر تعليما.
في الختام وصيتان: واحدة لهذه الدورة بأن تجد الوسائل الكفيلة الزام أو التزام الحكومات تبني ووضع آليات لتنفيذ برنامج العمل العالمي للشباب، والتزام قرارات الجمعية العمومية للامم المتحدة والوفاء بتعهداتها لتطوير سياسات شاملة ومتكاملة للشباب.
اقول بصراحة ان التحدي في هذا المجال هو رسمي لسلطة القرار العربي بإتاحة الفرصة امام الشباب. أما الوصية الثانية فهي اولا تحية للشباب ونحن نفتتح هذه الدورة في التاسع عشر من ايار، على مسافة ايام قليلة من عيد التحرير، وفي التحية تذكير بان الشباب في كل مراحل المقاومة الى اليوم هم الذين دحروا الاحتلال وحققوا تحرير الارض بإستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهم الذين صدوا العدوان واثبتوا عجز القوة الاسرائيلية خلال حرب صيف 2006. وهم اليوم الذين يشكلون عنصر الردع لنيات العدوان المبيتة، بل اننا نقول انه لولا رهاننا المتجدد دائما على الشرعية الدولية ممثلة بالامم المتحدة والتزامنا المؤكد تنفيذ القرار 1701 لكان من السهل على شباب مقاومتنا تحرير ما تبقى من ارضنا المحتلة.
وعليه فإنه لا يجوز، من جهة، الرهان على سلاحنا الاستراتيجي المتمثل بالشباب في مواجهة العدو، وفي الوقت نفسه، الاستمرار في الاستدانة على مستقبلهم وتوقيع عقوبة البطالة والهجرة عليهم ثم الاستمرار في تعليق مشاركتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في حياة دولنا ومجتمعاتنا".
وختم: "اقول لشباب لبنان، أعيدوا تشكيل روابطكم الطالبية، ابعثوا الحياة في الاتحاد الوطني للطلبة الجامعيين الذي كان لي شرف رئاسته ذات يوم، ابعثوا الروح في جسد اتحادات الشباب الغائبة عن الوعي، انضموا الى جسم النقابات وجددوا شبابها، اقتحموا الاحزاب والمؤسسات السياسية واسكنوها بنبضكم، لأن تلك هي الوسيلة الوحيدة لردم الهوة بين رؤية الامم المتحدة للمستقبل ولعالم الشباب، وتراجع الحكومات عن الاستثمار على اعماركم. وفقكم الله في اعمال دورتكم مع تجديد تحيتي للصديق بدر الدفع الامين العام التنفيذي للاسكوا".