الرئيس بري أولم تكريما لأمير الكويت في حضور الرئيس الحريري والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى 

أقام رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري بعد ظهر اليوم في عين التينة، مأدبة غداء حاشدة تكريما لأمير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح والوفد المرافق، في حضور رئيس الحكومة سعد الحريري والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والرئيسين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري وعدد كبير من الوزراء والنواب وقائد الجيش العماد جان قهوجي والسفراء ورؤساء الهيئات القضائية والنقابية. وكان أمير الكويت قد وصل في الاولى والربع من بعد الظهر الى عين التينة حيث استقبله الرئيس بري امام القصر وسط مراسم استقبال رسمي حيث عزفت قوى الامن الداخلي النشيدين الوطنيين الكويتي واللبناني. واستعرض الامير الصباح والرئيس بري ثلة من حرس الشرف في شرطة المجلس، ثم عقدا لقاء بحضور رئيس الحكومة سعد الحريري قبل ان ينتقلوا الى مائدة الغداء.

 

وألقى الرئيس بري خلال المأدبة الكلمة الآتية:

"للكويت، بساط الرمل وبساط النخل. وللكويت، كوكب الواحات الذي تدور حوله الشمس، وللكويت، توأم لبنان وامتداده الذهبي المدهش التي لم تفقد الامل بقيامته، وهي لم تزل تعشق اشتعال صيفه وقناديل ازهاره، المشعة بالشوق من جباله وسهوله

وللكويت التي لا تبدل وجهها ولا تخلع جلدها، وتستمر هي هي اميرة الوفاء واميرة الصبر واميرة على الود. وللكويت الحقيقة القديمة المستمرة التي لا تتقادم في السن ولا تشيب، وتظل عيناها كلاهما عينا مستيقظة كنجمة صبح تتبادل الحراسة مع نجم المساء.

للكويت شاطىء الفرح الانقى وساحة عيد الالفة المزدحمة بالحكايات، التي اذا بحثنا عنها وجدتنا واذا اضعناها انتبهنا انها تقيم في قلوبنا.

ولأمير الكويت، لكفه الشقيقة التي تشتاق ان تصافح افراحنا وتبلسم احزاننا.

ولأمير الكويت حبيب لبنان وشقيق لبنان، امير الدبلوماسية واستاذها طوال عهود، الذي انتهج الاعتدال والانفتاح والتواصل طريقا، والايمان بالصداقة والسلام مبدأ، والتنمية والرخاء هدفا، والذي حمل اوجاع الامة في فلسطين ولبنان في القلب، ولم يتعب الى ان اصابه وجع الكويت، يوم استيقظ على كابوس النظام الذي اشعل حرب الخليج واستباح العراق واحتل الكويت الى ان تحررت، فعاد ليحمل امل لبنان بقيامته كطائر الفينيق محلقا في سماء امته وحمل الآم فلسطين التي لاتزال تحمل صليبها على طريق جلجلتها الى ان تتحقق الاماني الوطنية لشعبها.

لصاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح امير دولة الكويت تحية لبنان، كل لبنان بكل جهاته وطوائفه وفئاته ومؤسساته، وكذلك الى الاعزاء في الوفد المرافق وبعد بعد.

فإني بإسمي وبإسم مجلس النواب اللبناني اتوجه الى صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح امير دولة الكويت الشقيقة، بأسمى آيات التقدير والوفاء والامتنان للجهود الكويتية المستمرة والايادي البيضاء الكريمة، التي كانت سابقة الى لبنان ولم تزل تواصل مهماتها تحت كل العناوين وعلى كل مساحة لبنان.

اننا يا صاحب السمو نذكر على التوالي ادواركم ومساهماتكم لوقف الفتنة في لبنان، وانحياز الكويت الى لبنان في كل المحافل العربية والاقليمية والدولية، ومساندة بلدكم بكل مؤسساته الرسمية والشعبية للبنان لازالة اثار الحرب الاهلية وحروب اسرائيل على ارضنا واحتلالها، الى ان بدأ التحرير التدريجي للاراضي اللبنانية وصولا الى تحرير المنطقة الحدودية في ايار عام 2000 بإستثناء مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، وكذلك ازالة الاثار الدموية لحروب اسرائيل على بلدنا في اعوام 1993 و1996 و1999 و2006.

انني قبل ان ادخل هذا الباب لا بد ان اذكر المساعدات الكويتية الى لبنان منذ مطالع الستينات لمشاريع التنمية وتوسيع الطرق واغاثة المناطق المتضررة من العدوان الاسرائيلي، واغاثة المتضررين من الحرب اللبنانية، ودعم قوات الردع العربية واعمار منشآت ومستشفيات ومشاريع مياه وكهرباء واقامة المتحف التاريخي لمدينة بيروت، وانشاء مشاريع زراعية وسندات خزينة والودائع المالية في البنك المركزي لدعم النقد اللبناني.

كل ذلك سبق ادوار الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية الذي يعمل بتوجيهات سموكم، والذي لا يمكن حصر دوره واهتماماته، الا ان لمسته المشكورة باتت موجودة في كل مدينة وبلدة وقرية لبنانية. ان ذلك غيض من فيض الدور الكويتي في لبنان، والذي يتضمن زيادة الاستثمارات وبيع النفط الكويتي بأسعار تشجيعية للبنان.

الا ان الاهم هو التواصل الانساني الذي يعبر عنه استقبال الكويت لجالية لبنانية منذ سبعين عاما، يكاد يبلغ مقدارها اليوم كما قال فخامة الرئيس امس استنادا الى وزارة الداخلية الكويتية نحو مئة الف نأمل ان تكون خير عون للكويت، وان تحترم قوانينها المرعية الاجراء، وان تكون الاحرص على امنها وازدهارها".

أضاف الرئيس بري: "على مرتفعات بلدة حانين الشهيدة صفحة مفتوحة على كتاب الكويت التي اعادت اعمارها، وكانت لم يبق منها سوى غرفة دون سقف وكروم تأكلها العصافير، ومقبرة جماعية لضحايا مدنيين اغتالتهم يد الارهاب الاسرائيلية.

على تلك المرتفعات تصعد ابراج رمزية مصغرة لابراج الكويت، لتشهد لليد الامينة الصادقة للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في لبنان، تلك اليد التي اعمرت قرى في العرقوب واعالي اقليم التفاح، وامتدت على مساحة اربع وعشرين قرية في الجنوب والبقاع الغربي.

ايضا على اعلى قمم مارون الرأس، وحيث ترفل روح الشهيد هاني علوية تمتد الكويت نبضا خفاقا في كل البيوت التي اعاد اعمارها رجل الاعمال الكويتي الصديق ناصر الخرافي. وتمتد الكويت دون توقف الى اليوم في كل لبنان، عبر متابعة الصندوق الكويتي من الجنوب الى الضاحية وقرى البترون والبقاع الغربي وبعلبك والشمال وزحلة وعكار وصيدا والشوف وجبل لبنان.

لذلك نشهد يا صاحب السمو للكويت، إنها الشقيق وقت الضيق، وأنها الحاضرة والناظرة في كل لبنان عبر ترميم المدارس وانشاء المتاحف والمشاريع الانمائية، وشبكات الري ومياه الشفة والكهرباء والبنى التحتية والصرف الصحي والطرقات، وتأهيل المستشفيات والمراكز الصحية، والدعم النفسي ومشروع الخدمات العامة في مناطق الاصطياف اضافة الى مشاريع تدريب الكوادر الحكومية.

ان ما تقدم بالاضافة الى التعويضات وازالة اثار الحرب الاسرائيلية على لبنان من الضاحية الجنوبية واربع وعشرين قرية، والتي تؤكد ان لبنان قام حقا من الموت الاسرائيلي ليس كل شيء، بل الاهم الالتزام الكويتي بتنفيذ مشروع الليطاني حيث يتراجع الرسمي اللبناني ويتلكأ.

اتذكر يا صاحب السمو، ان سموكم وكل المسؤولين في الكويت لا يترددون خلال لقاءاتنا عن تأكيد التزامهم تجاه انجاز مشروع ري الضفة الجنوبية لنهر الليطاني، مع الملاحظة ان الكويت مولت مخططات المشروع ورصدت الاعتمادات لاطلاقه، وانه كلما قلنا عسى يشد رحال حكومتنا الى مكان آخر، عسى ان تكون زيارة صاحب السمو امير دولة الكويت مناسبة لاطلاق تنفيذ المشروع

صاحب السمو ان لبنان اليوم يقع في دائرة القلق من احتمال حرب عدوانية اسرائيلية جديدة، تهرب خلالها اسرائيل الى الامام من الاستحقاقات المتعلقة بالاجابة عن اسئلة حول ترسانتها النووية، وامتحان اجاباتها على الاسئلة المتعلقة بالحل النهائي وقيام الدولة الفلسطينية. ان اسرائيل النووية والتي تملك احدث ترسانات الاسلحة التقليدية، تحاول اقناع العالم بأن التوازن في الشرق الاوسط قد اهتز بعد اتهام المقاومة في لبنان بإقتناء صواريخ مركزة بعيدة المدى

لقد وقع كل لبنان على خارطة بنك الاهداف خلال الحرب الاسرائيلية العدوانية عليه صيف عام 2006، فيما قصفت مخيمات الشمال ومواقع زراعية مدنية في البقاع، والجسور والمرافق الجوية والبحرية ومحطات الكهرباء والارسال بكرة نار جوية وبرية وبحرية اسرائيلية بعيدة المدى. اليوم تواصل اسرائيل سلوك القاعدة عينها، التسلح بأحدث المنظومات القتالية والمناورات والاستعدادات وفي الوقت نفسه الشكوى من لبنان.

اننا في حضور سموكم وانتم عراب الدبلوماسية العربية، نرى اسرائيل تحاول تحويل الانتباه الى لبنان، فيما تقوم بهدم المساجد في الضفة والقطاع، والاعتداء على الاوقاف الاسلامية وبناء كنيس الخراب عليها والحفريات اسفل المسجد الاقصى، والاستيطان وتهديد الفلسطينيين بترانسفير جديد".

وختم الرئيس بري: "بالعودة الى زيارتكم يا صاحب السمو، فإننا نعلم ان الكويت لم تكن لمرة واحدة تريد الشكر على ما تراه واجبا تجاه لبنان ، ولكن الواجب يملي علينا الاعتراف بالفضل رغم اننا نحمل واجبا عن الامة واقطارها، هو واجب الدفاع والمقاومة عن حدود وثغور لبنان الجنوبية التي هي خط تماس الجغرافيا والتاريخ مع القضية الفلسطينية، والتي هي حدود وثغور الامتين العربية والاسلامية وحدود امنهما وسلامهما الاقليمي، عسى ان نوفق في حمل امانة التاريخ والجغرافيا ورسالة المحبة والتسامح التي هي رسالة لبنان ورسالة الكويت".


أمير الكويت

ثم ألقى أمير الكويت كلمة قال فيها:

"اشكركم على ما تفضلتم به من عبارات رقيقة، وترحيب حار، جسد مشاعر الود والاخاء الذي يجمع بلدينا وشعبينا الشقيقين، مقدرين لكم هذه الدعوة الكريمة لهذه المأدبة العامرة، التي جمعتنا بأخوة اعزاء نكن لهم كل المودة والمحبة.

ان ما يربط دولة الكويت وشقيقتها الجمهورية اللبنانية من وشائج القربى، والمصير المشترك، والعلاقات الحميمة المتميزة، تقتضي منا دائما مواصلة هذه اللقاءات، وتبادل الزيارات، على مختلف المستويات، للدفع بعرى التعاون القائم بين البلدين الشقيقين الى مجالات ارحب، وخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والتعاون البرلماني، ولتكريس الجهود الرامية لتفعيل الاتفاقيات الثنائية المبرمة بين البلدين، لتظل هذه العلاقات نموذجا يحتذى به ولاسيما في اطار التفاهم القائم بين بلدينا الشقيقين ووحدة رؤاهما ازاء قضاياهما المشتركة.

اننا نستذكر دائما بكل التقدير مواقف بلدينا وشعبينا النبيلة، ووقوف كل منهما مع الآخر، ودعمه ومؤازرته خلال الفترات العصيبة التي مر بها كلا البلدين والتي اظهرت حسن النوايا وصدق المواقف.

لقد سرنا ما يشهده لبنان الشقيق من حركة تنموية واسعة ونهضة شاملة، وعمل دؤوب لإعمار ما دمرته الحروب الاسرائيلية، وما صاحب ذلك من وفاق وطني بين صفوف الشعب اللبناني، وما تحقق من استقرار سياسي كان محل تقدير الجميع، مؤكدين بهذا الصدد موقف دولة الكويت الداعم للجمهورية اللبنانية الشقيقة، ومساهمتها الفعالة في تمويل العديد من مشاريع وبرامج التنمية القائمة ودعم الاقتصاد الوطني اللبناني.

وفي الختام لا يسعني الا ان اشيد بروح التفاهم التي سادت مباحثاتنا، والتي ابرزت تطابق وجهات النظر ازاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك سواء على المستوى العربي او الاقليمي، وخاصة ما يتعلق منها بالعلاقات الثنائية المتميزة، وعلى ما تم التأكيد عليه من مواصلة العمل على تعزيز وتدعيم اواصر التعاون القائم بين بلدينا الشقيقن لما يحقق مصالحهما المشتركة، متمنين للبلد الشقيق وشعبه الكريم المزيد من الرفعة والرقي والازدهار".

 

ثم قدم الرئيس بري للشيخ صباح درع المجلس.