كلمة الرئيس نبيه بري في جلسة الهيئة العامة الأربعاء 3 نيسان 2002

 لبحث العدوان الإســرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني


 

أيها الزملاء،

 

عندما يسقط السور الحديدي الذي تضربه الآن القوات الإسرائيلية حول المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، في تلك اللحظة، سيرى العالم أكثر المشاهد إيلاماً لجرائم الحرب. جرائم لم يشهد مثلها التاريخ حتى ولا تاريخ، النازية، وستبرز (رام الله) كورد النار من بين الخراب الكثير لنشهد أمام محكمة التاريخ على أسوأ صور إرهاب الدولة التي تمثلها إسرائيل.

 

أيها الزملاء،

 

وحدنا في لبنان، وكذلك في سوريا لم نفاجأ بتوقيت الإجتياح الإسرائيلي الجديد على المناطق الفلسطينية.

 

لقد أرادت إسرائيل من خلال هذا التوقيت ان تؤكد على ]لاءاتها[ مقابل تراجع العرب عن لاءاتهم ما بين قمة الخرطوم وقمة بيروت، لأنها لمست وللأسف الشديد ان النظام العربي ليس عاجزاً فحسب، بل انه يخضع للإعتبارات القطرية على حساب الحقوق والمصلحة العربية العليا، وهي لذلك وإستناداً إلى الإنحياز الأميركي المطلق لسياساتها تواصل دفع العرب إلى لحس المبرد، آملة في المزيد من التراجعات، وغير معترفة ان العرب انما يظهرون للعالم حسن نيتهم عبر تأكيد حاجتهم إلى السلام.

 

اننا في لبنان لم نكن ننتظر حصول ما يحصل الآن على مساحة فلسطين لنتعرف على عدوانية إسرائيل وعلى العقلية الإجرامية التي تحكم المستوى السياسي فيها وعلى رأسه آرئيل شارون، الذي قاد غزو لبنان عام 1982 والذي حاصر بيروت طيلة شهور وجعلها حقل رماية لأسلحة جيشه الجوية والبرية والبحرية والذي ارتكب مجازر صبرا وشاتيلا، نفس شارون الملوثة يداه بدماء الجنود المصريين الأسرى المجردين من السلاح والذين تمت تصفيتهم في حفلات إعدام جماعية خلال حربي سيناء في عامي 56 و 67.. نفس شارون الذي نشر المستوطنات على مساحة فلسطين والجولان وقام بتسليح قطعان المستوطنين كجيش رديف.

 

ولم نكن في لبنان ننتظر حصول ما يحصل لنتأكد ان إسرائيل ستواصل الهرب إلى الأمام من عملية السلام بالإنقلاب على أسسها التي وضعت في مؤتمر مدريد، وكذلك الهرب إلى الإمام من كل مبادرة للسلام، لأن السلام الذي تريد إسرائيل هو السلام لشروط الأمن الإسرائيلي وعلى حساب الشعب الفلسطيني وكل شعوب المنطقة.

 

وغني عن القول أيها الزملاء ان الوقائع الدامية الجارية الآن في فلسطين والتي جرت في السابق، كانت نتيجة حتمية للتعمية عن حقيقة ان كل نقطة في إتفاق أوسلو تحتاج إلى إتفاق، وانه سيجري تعميد صياغة إتفاقات ما بعد أوسلو بالدماء الفلسطينية.

 

وربما من المفيد مسبقاً وكي لا يتظاهر أحد فيما بعد انه لم ينتبه لبعض الحقائق وانه سارع إلى التمسك بالإيجابيات فيما يتعلق بقراري مجلس الأمن الدولي 1397 و 1402، فإنني أنبّه سلفاً ان القرارين المذكورين انما يكرسان تجزئة تنفيذ القرار 242 وإختصاره على المسار الفلسطيني، ويتحدث الأول عن رؤية لدولة فلسطينية وليس عن دولة فلسطينية ذات حدود وسيادة وعاصمة، كما يتجاهل حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

 

لقد سجلت بإسم المجلس النيابي اللبناني تحفظ الشعبة البرلمانية اللبنانية على هذا القرار خلال عرضه كنقطة إضافية على جدول أشغال المؤتمر السابع بعد المئة للإتحاد البرلماني الدولي الذي انعقد في مراكش، وأجدد اليوم تحفظنا على هذا القرار.

 

أيها الزملاء،

 

لسنا بحاجة إلى هذا الإجتماع للتأكيد على وقوف وإنحياز لبنان دولة وشعباً ومؤسسات إلى جانب أماني الشعب الفلسطيني وحقوقه، وفي الطليعة حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.

 

ولسنا بحاجة إلى إثبات إنحيازنا إلى حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، لأن هذه المقاومة وإنتفاضة الشعب الفلسطيني هما نتيجة طبيعية للإحتلال وللعجز الدولي عن إزالة هذا الإحتلال.

 

ولسنا بحاجة إلى إعلان عبارات التضامن، فلبنان كان الساحة التي ترعرع ونما فيها الوجدان المقاوم للشعب الفلسطيني، ودفع لبنان الغالي والنفيس ولازال ثمناً لحركة المقاومة الفلسطينية، وكان بلدنا ولازال عرضة للإعتداءات وللإجتياحات ولحروب إسرائيل على أرضه التي جمدت الحياة في بلدنا طيلة عقود.

 

الا ان الحاجة إلى عقد هذه الجلسة هو للتأكيد على جملة ثوابت وتوصيات ووصايا لبنانية لا بد ان تعكس نفسها كثوابت في حرب النضال التي يخوضها الشعب الفلسطيني، وكثوابت في السياسة العربية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وبحل أزمة الشرق الأوسط.

 

أولاً : ان المجلس النيابي اللبناني اذ يوجه تحية الإعزاز والإكبار إلى أشقائنا أبناء الشعب الفلسطيني البطل قيادة ومؤسسات وفصائل ومواطنين صامدين بمواجهة حرب الإبادة التي يقودها الإرهابي شارون فإنه ومن أجل تجسيد التضامن العربي وتلبية لمطالب الجماهير العربية يطالب الحكام العرب :

أ ـ الإلتزام الكامل بتطبيق أحكام المقاطعة العربية ضد إسرائيل.

ب ـ قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ووقف جميع أنواع الإتصالات السياسية والإقتصادية وخلافها معها.

 

ثانياً : تأكيد حق الشعب الفلسطيني المثبت في القوانين والأعراف الدولية بمقاومة الإحتلال الإسرائيلي توصلاً لتحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

 

ثالثاً : دعم لبنان المطلق لحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرض وطنهم بإعتبار ذلك الحق حقاً فردياً وجماعياً لا تملك أية جهة حق التنازل عنه.

 

رابعاً : المطالبة بتثبيت المصداقية الدولية عبر :

أ ـ رفض المعايير الدولية المزدوجة فـي تنفيذ القرارات الدولية ورفض إعتبار إسرائيل إستثناء لا تنطبق ولا تطبق عليها القرارات الدولية.

ب ـ تثبيت المصداقيـة الدوليـة بالعمـل الجـاد لبناء سـلام عـادل وشـامل يرتكـز على تنفيذ القرارات الدوليـة ذات الصله بقضية الشرق الأوسط وفـي الطليعـة القـرارات رقـم 242 و 338 و425 وعلـى مرجعيـة مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام.

 

خامساً : المطالبة والعمل من أجل إجبار إسرائيل على دفع التعويضات المناسبة للشعب الفلسطيني جراء ما لحقه خلال مراحل الإنتفاضة والعدوان الدموي الراهن.

 

سادساً : يثمن المجلس النيابي اللبناني الموقف السوري المبدئي والثابت في تصديه للمشروع الصهيوني التوسعي والمفاهيم التي أكدت عليها كلمة سيادة الرئيس بشار الأسد خلال قمة بيروت.

ويؤكد المجلس على تضامنه الكامل مع سوريا ومساندتها في إستعادة كامل الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران عام 1967، ويشيد المجلس بصمود المواطنين العرب السوريين في الجولان المحتل ويؤكد مساندتهم في تصديهم للإحتلال الإسرائيلي وتمسكهم بأرضهم وهويتهم العربية.

 

سابعاً : يتوجه المجلس النيابي اللبناني بتحية الإكبار والإعتزاز بأهلنا الصامدين في جنوب لبنان، ويؤكد رفضه للتهديدات الإسرائيلية الموجهة إلى لبنان وسوريا ويحذّر العالم من الحشودات الإسرائيلية على حدوده ودعوة إحتياط الجيش الإسرائيلي، ويؤكد المجلس ان لبنان بوحدته الوطنية وبجيشه ومقاومته سيصد أي عدوان وسيتمكن من دحر أيّة محاولة إسرائيلية للعدوان على شعبه وأرضه تماماً كما ورد في كلمة فخامة الرئيس.

 

ثامناً : يدعو الهيئات والمؤسسات والمنظمات الشعبية والمواطنين اللبنانيين إلى دعم ومساندة الشعب الفلسطيني وإنتفاضته ومقاومته، وإنشاء هيئات وصناديق شعبية في كل محافظة لخلق حالة مستمرة من مساندة الشعب الفلسطيني تمكنه من الصمود في أرضه ومقاومة عدوانية إسرائيل وإحتلالها.

يُنشىء المجلس النيابي لهذه الغاية أيضاً صندوق تبرع على رقم حساب لتمكين النواب الكرام وموظفي المجلس من تقديم التبرعات، ويكلّف السادة النواب : الزميل الشيخ قبلان عيسى الخوري رئيس السن والزميل سمير عازار رئيس لجنة المال والموازنة إضافة إلى الأمين العام لمجلس النواب الإشراف على هذا الصندوق.

 

تاسعاً : يُدين المجلس النيابي اللبناني الموقف الأميركي المنحاز الذي مهد الطريق للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، ويؤكد إستنكاره للمواقف والتصريحات الأميركية التي تساوي بين الجلاد والضحية، والتي تحاول وصم المقاومة بالإرهاب متجاهلة إرهاب الدولة في إسرائيل والا ليس من بعد اليوم سلام عليكم ولا على شعوبكم، والسلام عليكم.