كلمة الرئيس نبيه بري في الأول من أيار بمناسبة عيد العمال


 

رعى رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي الأربعاء 1/5/2002 الاحتفال الحاشد الذي أقامه الاتحاد العمالي العام في مقره في كورنيش النهر.

 

بدأ الاحتفال برعاية وحضور الرئيس برّي ورئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري ممثلاً بالوزير بشارة مرهج، والرئيس رشيد الصلح وعدد من الوزراء والنواب ونقيبي الصحافة والمحررين وممثلين عن مفتي الجمهورية اللبنانية وعن نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.

 

أستهل الحفل بالنشيد الوطني والوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء في فلسطين. ثم توإلى على الكلام عدد من الخطباء.

وختامـاً، كانت كلمة راعي الاحتفال دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي التي برزت فيها المواقف التالية:
 

حول الوضع الإقتصادي :

  • ان إدارة المسؤوليات تجاه الأزمة المعيشية تستدعي إجراءات تصحيحية باتجاه جعل الأسواق أكثر رأفة بالمواطن وكسر الاحتكار.

  • لا يمكن أبداً معالجة الوضع الاقتصادي على الإطلاق بخفض العملة اللبنانية لأن في ذلك مؤامرة على لبنان وشعبه.

حول العولمة والدول النامية :

 

طالب الرئيس برّي الحكومة بـ :

  • الانحياز إلى الدول النامية في المطالبة بوضع قواعد عالمية ذات إطار قانوني للنشاط الاقتصادي للشركات المتعددة القوميات، كي لا يؤدي نشاطها إلى سحق الناس وتفكيك اقتصادات الدول.

  • المطالبة بإعادة هيكلية منظمة التجارة العالمية ورفض الآليات المتبعة لاتخاذ القرار وذلك لعدم توفر الشروط الديمقراطية والمشاركة المتكافئة وعدم مراعاة مصالح البلدان النامية وقدراتها.

كما دعا دولته إلى رفض ادراج معايير العمل ضمن اتفاقيات منظمة التجارة العالمية والالتزام بالمبادىء والمعايير المعتمدة في منظمة العمل الدولية.

 

وحول حروب إسرائيل المستمرة على لبنان، قال :

  • ان حروب إسرائيل ضد بلدنا استهدفت في أبعادها ضرب إزدهار لبنان وتحوله إلى مصرف الشرق الأوسط. كما ضربت إسرائيل بتصعيد متواتر استقرار النظام العام في لبنان. وهدفت إلى تدمير إمكانية نهوض العاصمة بيروت كواجهة لسوق عربية مشتركة وواجهة لسوق متوسطية.

وأن أحد الأبعاد الهامة للعدوانية الإسرائيلية كانت ولا تزال شطب إمكانية تحول لبنان إلى منافس لإسرائيل في أي نظام أقليمي محتمل.

 

وحول حرب إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية :

 

ان حرب اسرائيل التي تطلق عليها أسم عملية " السور الواقي " هي في الواقع ليست عملية متدحرجة، بل هي في الواقع عملية واسعة تستهدف :

استكمال تشريد الشعب الفلسطيني وترحيله عن أرضه.

وهذه العملية هي في جوهرها عملية سياسية بوسائل عسكرية تهدف إلى الغاء كل امكانية يمكن ان تتوفر لبقاء الشعب الفلسطيني وصموده في اراضيه وان خيارات شارون هي الاطباق على الشعب الفلسطيني واستقدام عشرات الوف المستوطنين من أوروبا وأصقاع العالم.

 

وحول المشهد الدولي المتعلق بتشكيل لجنة تقصي الحقائق حول مجزرة الجيش الإسرائيلي في جنين قال الرئيس برّي :

 

لم يعد هناك أي فاصل بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.
وعاد بالذاكرة إلى مجزرة قانـا وصدور قرار دولي بالزام إسرائيل بدفع تعويضات عن المبنى والشهداء حيث أدار ت اسرائيل ظهرها للأمم المتحدة والشرعية الدولية وعلق دولته بالقول :

اذا كانت الأمم المتحدة لا تستطيع ان تدافع عن أموالها فكيف تدافع عنا ؟

  • إن إسرائيل لا تمثل استثناءً دولياً فحسب، بل تمثل استثناءً أميركياً وهي ترفض تطبيق القرارات الدولية منذ العام 1948.

  • انتهى الفصل الأول من العملية المتدحرجة لـ " السور الواقي " وسيستتبع ذلك الضغط على الفلسطينيين لإحراجهم وإخراجهم من أرضهم.

  • وحذر من ان الإسرائيليين أخذوا في حسابهم رفضهم فكرة التعايش مع أي فلسطيني. وأن كل فلسطيني ضمن حدود كيان العدو سيكون بلا حقوق سياسية، أي أنه سيشبه عجوزاً أعمى يقوده مستوطن.

أن شارون ينتظر ليهضم الضفة الغربية ويصفي حملته العسكرية ويستكمل عمليته المتدحرجة على مختلف المسارات وسيستهدف دون شك لبنان وسوريا.

أن لبنان وسوريا لا يزالان يشكلان في مقاومتهما الأنموذج العربي لوحدة المصير المشترك في تصديهما لحروب إسرائيل.

وأضاف : لماذا لا نرى العلة الأساسية. يبقى ان الإدارة الأميركية ستمثل على الدوام بالنسبة للشارع العربي وخصوصاً للشارع الفلسطيني واللبناني والسوري الشريك الكامل لإسرائيل في جرائمها وإرهابها ومسؤوليتها الدولية، هناك خطأ كبير ترتكبه الأنظمة العربية لقد طالبنا في المؤتمر البرلماني العربي في القاهرة إيجاد وسائل إعلامية عربية من أموال أو فوائد الأموال العربية الموجودة في أميركا للتوجه إلى الشعب الأميركي ولكن لم يرد أحد، بل كان الرد من الكونغرس الأميركي بإنشاء CNN أميركية لجلب العرب إلى أميركا وليس العكس. حتى تنتبه الولايات المتحدة ان إدارة مصالحها ومسؤوليتها الدولية تتطلب منها إلغاء الاستثناء الذي تمثله إسرائيل في رفض تطبيق القرارات الدولية، عبر إلغاء كل الاتفاقيات العسكرية والأمنية والاقتصادية التي تجعل من إسرائيل ولاية أميركية استثنائية تعيش على حساب دافع الضريبة الأميركي.

 

نص كلمة دولة رئيس مجلس النواب اللبناني الاستاذ نبيه برّي:
 

بسمه تعإلى

 

للذين يغسل الصباح سواد ليلهم وتعب اعينهم وحزن قلوبهم بعطره ومواعيده، فيقومون إلى يومهم قبل العصافير، فلا يبصرون لبنانهم شاحباً وهزيلاً وخائفاً ومرتعشاً، لأنهم يرونه بأم اعينهم الصافية كعين الديك : واضحاً وهادئاً ومتوعداً وواعداً.

 

للذين يقومون من نعاسهم ويفتحون نوافذ اعينهم في كل فجر على امل بوطن جديد، لا تفسد احلامه الديون ولا ترهقه الضرائب، ولا تتزاحـم فيه الامراض على اجسادنا.

 

للذين لا تتجمد الازهار في عيونهم حيث الفضاء الجميل الذين لا يراوغهم اليأس، ولا تشتكي سواعدهم الا من قلة فرص العمل.

 

للعمال الذين يبنون مدننا وبلداتنا وعماراتنا وبيوتنا، ثم يأوون بلا ضمانات ولا ائتمانات مقبولة إلى ظل وردة وشوكة في العراء.

 

للعمـال الذين يغربلون تراب حقولنا لنقرأ فيها اصواتنا، ثم يصرخون في برّيتنا فلا نسمع اصواتهم.

 

للعمال الذين يرفعون شمس نهاراتنا على اكتافهم من اجل ان نمضي إلى اعمارنا، ثم ترانا نغامر بالوقت، نقتله ويقتلنا.

 

للعمـال الذين يكتبون طرقاتنا لتأخذنا بأيدينا إلى بيوت بيوتنا، وإلى سمائنا وسهولنا واعناق جبالنا، فنسلكها عكس اتجاهها لنخرج من ثيابنا وعناويننا وفضائنا، لأن وطننا يضيق بنا فنغترب إلى اصقاع الارض، نحمل علامة فارقة وحيدة : صُنع في لبنان.

 

للعمال الذين وقعت ابتسامة اطفالهم من على شفاههم في حديقة الامم المتحدة في قانا.


وللعمال الذين يبحثون عن غياب اطفالهم تحت كومة ركام منازلهم في مخيم جنين.

 

ولكل العمال العرب الذين يأتون من احلام القرى والملاحات والبيارات والمخيمات واحـزمة البؤس ليفتحوا الباب لسوق عربية مشتركة.

 

للعمال في عيدهم وفي يومهم هذا الف تحية وسلام وبعد :

 

بداية ابدأ بشيء عملي، سابحث مع فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء، لسحب مشروع التعاقد مع الموظفين بعد درس ذلك في مجلس الوزراء.

 

ولأنني تعودت ان اكون مسؤولاً امام الناس لا عن الناس، اقف في هذه المناسبة التي شرفني الاتحاد العمالي العام برعايتها لاقول صراحة، ان ضغط الازمة الاقتصادية - الاجتماعية وانعكاساتها السلبية على سوق العمل وسوق الانتاج تكاد تتطلب البكاء على اطلال سوق العمل، بدل الاحتفال بعيد العمال وانشاء " اتحاد للعاطلين عن العمل "، وهو امر مؤسف دون شك يضعنا جميعـاً في القطاعين العام والخاص، كما يضع الاتحاد العمالي العام ومختلف النقابات والقوى السياسية امام ادارة مسؤولياتنا بطريقة مختلفة، بما يمكن الدولة من خلق المبادرات التي يمكن ان تولد المزيد من الخيارات خصوصاً فرص العمل والتخفيف من اعباء ازمة البطالة.

 

ان ادارة المسؤوليات تجاه الازمة المعيشية وتجاه القضايا الوطنية الكبرى تستدعي ان نقف وان نفكر، هل هناك وسائل وطرق واليات يمكن اتباعها كإجراءات تصحيحية لمعالجة الوضع القائم، ولوضع بلدنا على السكة الصحيحة لاطلاق دينامية اقتصادية تمكن الناس من توسيع خياراتها ؟

 

الجواب نعم، يوجد فيما لو قررنا مجتمعين. فهل نقرر ام ننتظر ما لا ينتظر من ترد وافلاس والواحد يرمي على الاخر، ايها الناس، سببان كافيان :

الاول : الحروب الاسرائيلية المستمرة ضد بلدنا والمنطقة.
الثاني : العولمة وانعكاساتها على الدول النامية.

 

قبل ان ادخل في عرض اسرائيل وعدوانيتها فإنني سأعرض لموضوع العولمة والدول النامية.

 

مما لا شك فيه ان الانعكاسات المترتبة علىالعولمة تؤدي يوماً بعد يوم إلى تفكك اقتصادات الدول النامية وتفاقم المشكلات الاجتماعية.

 

لقد اثبتت الوقائع التي يشكل لبنان انموذجاً لها، ان التوجيهات العاجلة عن طريق اجهزة دولية تدعي اختصاصها في مجال التنمية، وكذلك الاستدانة من البنك الدولي وفق شروط محددة وعبر القروض الميسرة، لا يمكن ان تعالج ازمات الدول وانما تجعل تلك الدول تجهد من اجل خدمة الديون، كما تجعل ايضاً اجيال تلك الدول تجهد في سبيل سداد الديون على حساب مستقبلها وعلى حساب خطط التنمية المستدامة.

 

ولا يمكن ابداً معالجة الوضع الاقتصادي علىالاطلاق بتخفيض العملة اللبنانية، هذا الامر مؤامرة على لبنان وعلى شعب لبنان والذي لا يريد ان يسمع ويرى فليأخذ المثل من الارجنتين حيث نصح البنك الدولي بتخفيض العملة وجرى ذلك فما كانت النتيجة ؟ لقد كانت النتيجة ان الافلاس حصل والامر الاخر هو ان الارجنتين بعد الذي عاناه شعبها تعود الان إلى تثبيت سعر العملة الاجنبية.

 

انني في هذا المجال اطالب الحكومة :

اولاً : بالانحياز إلى جانب الدول النامية في المطالبة بوضع قواعد عالمية واطار قانوني، وضمان الاستقرار القانوني للنشاط الاقتصادي للشركات المتعددة القوميات او العابرة للقوميات، بحيث لا يؤدي نشاطها إلى تفكيك اقتصادات الدول وسحق الناس.

ثانياً : انحياز الحكومة إلى جانب المطالبة بإصلاح الاجراءات المؤسساتية داخل منظمة التجارة العالمية للوصول إلىاعادة هيكلة المنظمة في عملها بدءاً برفض الاليات المتبعة لاتخاذ القرار، ونظام حل النزاعات لعدم توفر الشروط الديموقراطية والمشاركة المتكافئة، ولاستحالة الاستمرار في ظل مثل هذا النظام الذي لا يراعي اطلاقاً مصالح وقدرات البلدان النامية.

كما ادعو الحكومة إلى تبني المواقف والتوصيات التي صدرت عن المنتدى العالمي حول العولمة والتجارة العالمية الذي انعقد في بيروت في تشرين الثاني المنصرم، خصوصاً تلك التي تؤكد على رفض ادراج معايير العمل ضمن اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، والالتزام بالمبادىء والمعايير المعتمدة في منظمة العمل الدولية، وهي المنظمة ذات الاختصاص في موضوع العمل.

 

وبالعودة إلى السبب الاول، الحروب الاسرائيلية المستمرة ضد بلدنا والمنطقة، ارى انه لا حاجة للاسهاب في شرح ما تسببت وماتزال اسرائيل تتسبب به من آلام للبنان.

 

ان كل لبناني مخلص يعرف ان حروب اسرائيل ضد بلدنا والمنطقة استهدفت في ابعادها ضرب ازدهار لبنان واستقطابه لنظام الخدمات وتحوله إلى مصرف الشرق الاوسط حتى منتصف السبعينات.

 

لقد اشعلت اسرائيل واجّجت الحرب الاهلية في لبنان لتحرق اول ما تحرق وسط لبنان التجاري الذي مثله قلب العاصمة وشارع المصارف.

 

وضربت اسرائيل بتصعيد متواتر استقرار النظام العام في لبنان، عبر اشعالها لمنطقته الحدودية وصولاً إلى اجتياحاتها والذي مثل اجتياح عام 1982 ذروة تلك الاجتياحات، التي هدفت اسرائيل من ورائها إلى تدمير امكانية نهوض بيروت بدورها كواجهة لسوق عربية مشتركة وواجهة لسوق متوسطية.

 

لقد قلت في السابق، واجدد القول اليوم، ان احد الابعاد الهامة للعدوانية الاسرائيلية كانت ولاتزال وستبقى شطب امكانية تحول لبنان إلى منافس لاسرائيل في اي نظام اقليمي محتمل.

 

ايها السادة

 

في هذه المرحلة بدأت اسرائيل رسمياً بحرب شاملة في المنطقة كنت قد حذرت من انفجارها الوشيك في اكثر من مناسبة محلية آخرها في الدوير بتاريخ 10/3/2002 وفي مؤتمرات برلمانية دولية وعربية.

 

ان هـذه الحـرب التـي تطلق عليها اسرائيـل اسم عملية ( السور الواقي ) والتي هي وحسب الاعلان الاسرائيلي عملية متدحرجة، هي في الواقع عملية واسعة تستهدف في ابعادها :

 

اولاً : استكمال تشريد او ترحيل الشعب الفلسطيني عن ارضه.
ان هذه العملية المبنية بشكل مخادع لتظهيرها كعملية امنية بوسائل عسكرية مستفيدة من الارهاب وفي ما حدث في 11 ايلول وما سمي بعملية اسامة بن لادن. بعد 11 ايلول بكل صراحة اسامة بن لادن ومبادئه خسرت في كل انحاء العالم ما عدا في الولايات المتحدة الاميركية انتصرت هناك لانها بقيت راعية للارهاب الاسرائيلي، هي في جوهرها عملية سياسية بوسائل عسكرية تهدف لا لنزع اظافر الشعب الفلسطيني ونزع سلاحه فحسب، ان من السذاجة بمكان الاعتقاد ان شارون يمهد للدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح، او لفرض خيار ( الحكم الذاتي ) وفق اتفاقيات كمب ديفيد، فالعملية تهدف إلى الغاء كل امكانية يمكن ان تتوفر لبقاء وصمود الشعب الفلسطيني في ارضه.

 

ثانياً : انني احذر الامة العربية وخصوصاً دول الجوار الجغرافي لفلسطين، بأن خيارات شارون محددة وواضحة، وهي الاطباق على الشعب الفلسطيني، لا مجرد حصاره واخراجه من عنق الزجاجة في اتجاهات جغرافية محددة، واستقدام عشرات الوف المستوطنين من اصقاع العالم وخصوصاً من اوروبا.

انني انبه من اغفال الحقائق والابعاد الاستراتيجية المرتبطة بحرب شارون.

وكذلك التطلع إلى النتائج الرقمية لحرب شارون الاخيرة وحصاد الارواح الناتج عنها، او التركيز على صورة المشهد الدولي الاخير المتعلق بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول مجزرة جنين، حيث لا بد من التأكيد انه ولو مكنت اسرائيل اللجنة المذكورة التي شكلها مجلس الامن من ممارسة اعمالها فإن صدقية الامم المتحدة ومنظماتها باتت في مهب الريح. اذا لم يعد هناك اي فاصل بين الامم المتحدة والولايات المتحدة الاميركية.

وبالعودة بالذاكرة قليلاً إلى الوراء في هذا المجال :

فقد صدر تقرير بتاريخ الاول من ايار عام 1996 موجه إلىالامين العام للامم المتحدة حول مجزرة قانا، وارسل الامين العام للامم المتحدة هذا التقرير مشفوعاً برسالة منه إلى رئيس مجلس الامن الدولي بتاريخ السابع من ايار 1996 حول نفس المجزرة ثم صدر قرار دولي بالزام اسرائيل بدفع تعويضات، ليس لابناء الشهداء او اباء الاطفال اليتامى فالمبنى كان للامم المتحدة وكلفته مليون ومئتا الف دولار ولم تدفعها اسرائيل رغم صدورالقرار الدولي، فاذا كانت الامم المتحدة لا تستطيع ان تدافع عن اموالها فكيف تدافع عنا ؟

انني اعلق هذه النتيجة سلفاً على نتائج تحقيقات اللجنة الراهنة المكلفة بالتحقيق في مجزرة جنين.
ثم وبعد كل صور الفظائع التي تناقلتها الفضائيات الدولية هل يحتاج الامر إلى لجنة تحقيق ؟

الا تكفي القرارات الصادرة عن مجلس الامن التي تطلب انسحاب الجيش الاسرائيلي من المناطق الفلسطينية والتي بقيت قرارات مع وقف التنفيذ ؟

الا تكفي كل القرارات الصادرة منذ العام 1948 عن مجلس الامن الدولي ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وازمة الشرق الاوسط ولبنان، والتي بقيت دون تنفيذ، للتأكيد ان اسرائيل تمثل ليس استثناء دولياً وانما استثناء اميركياً لا تطبق عليه القرارات الدولية ؟

 

ايها السادة

 

ان الحرب الاسرائيلية هي عملية متدحرجة، انتهى الفصل الاول منها المتعلق بالضفة الغربية على المستوى العسكري، وسيستتبع ذلك كما اشرت الضغط على الفلسطينيين لاحراجهم ومن ثم اخراجهم.

 

ان قطاع غزة وعرب عام 1948 سوف لا يكونان بمنأى عن فصول هذه العملية المتدحرجة.

 

لقد حذرت اخوتي الفلسطينيين في الجليل خلال كلمتي في الاجتماع البرلماني العربي الخاص بدعم الانتفاضة الذي انعقد في صنعاء باليمن بأن الاسرائيليين اخذوا في حسابهم رفضهم فكرة التعايش مع اي فلسطيني، وان اي فلسطيني سيبقى ضمن حدود ما يسمى دولة اسرائيل سيكون بلا اية حقوق سياسية، اي انه سيشبه عجوزاً اعمى يقوده مستوطن.

ثالثاً : ان العملية الشارونية المتدحرجة خارج حدود النكبة الفلسطينية الثانية المخططة ستستهدف دون شك لبنان وسوريا.

ان شارون ينتطر ليهضم الضفة الغربية ويصفي ذيول حملته العسكرية ويستكمل فصول عمليته المتدحرجة على مختلف المسارات.

 

ايها السادة

 

بداية لا بد ان اقول لجميع الاخوة العرب ان احداً لن يكون بمنأى عن تشظي الواقع الفلسطيني، واقول بصراحة اكبر ان الاردن ومصر لا يتمكنان من فك ارتباطهما بالانعكاسات المترتبة على عمليات الترانسفير للفلسطينيين عبر الحدود.

 

ونقول ان اسرائيل العنصرية ستسقط مجدداً في امتحان محاولة استهداف لبنان التعايش الذي يمثل النقيض لمجتمعها العنصري.

 

كما ان لبنان وسوريا اللذين يمثلان العمق الاستراتيجي كل واحد منهما للاخر واللذين مثلا في مراحل المقاومة والتصدي لحروب اسرائيل ولا يزالان الانموذج العربي لوحدة المصير المشترك، سيتمكنان من احداث الصدمة التي ستعيد المجتمع الاسرائيلي إلى الواقع.

 

اخيراً وليس آخراً لماذا لا نرى العلة الاساسية، يبقى ان الادارة الاميركية ستمثل على الدوام بالنسبة للشارع العربي وخصوصاً للشارع الفلسطيني واللبناني والسوري الشريك الكامل لاسرائيل في جرائمها وارهابها ومسؤولياتها الدولية، حتى تنتبه الولايات المتحدة ان ادارة مصالحها ومسؤولياتها الدولية. هناك خطأ كبير ترتكبه الانظمة العربية لقد طالبنا في المؤتمر البرلماني العربي في القاهرة ايجاد وسائل اعلامية عربية من اموال او فوائد الاموال العربية الموجودة في اميركا للتوجه إلىالشعب الاميركي ولكن لم يرد احد بل كان الرد من الكونغرس الاميركي بانشاء CNN اميركية لجلب العرب إلى اميركا وليس العكس. تتطلب منها الغاء الاستثناء الذي تمثله اسرائيل في رفض تطبيق القرارات الدولية، عبر الغاء كل الاتفاقيات العسكرية والامنية والاقتصادية التي تجعل من اسرائيل ولاية اميركية استثنائية تعيش على حساب دافع الضريبة الاميركي.

اخيراً

 

ايها العمال وبعيداً عن ( الفيلم الاميركي الطويل ) الذي يستمر عرضه على حساب دمنا وبعيداً عن الفيلم الاميركي القصير الذي يخرج ابو عمار من سجن صغير إلى سجن كبير بحجة مواجهة الارهاب نقول : ان الموقف الذي يتطلب الاهبة الوطنية الآن لن يلغي دور مؤسسات الدولة في تحمل مسؤولياتها تجاه جعل الاسواق اكثر رأفة بالمواطن، وكسر الاحتكار وكل انواع الوكالات الحصرية وكل تهديد للبيئة يمثله المازوت او الكسارات، التعويضات للسائقين ولأصحاب السيارات هو أمر مقدس ولكن لا علاقة له بأن نستأخر الامور في ما يتعلق بالمازوت لأن من يتضرر هو السائق وصولاً إلى واقع ممكن يؤسس لازدهار الانسان في لبنان.

 

عشتم
وعاش لبنان