أجرى التلفزيون التركي مقابلة مع الرئيس بري في ختام زيارته الرسمية لتركيا تناول فيها العلاقات بين لبنان وتركيا والتطورات في المنطقة.
بداية، سئل عن العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين؟ أجاب: "ان العلاقات اللبنانية - التركية هي في تقدم مستمر، ولكنني انا شخصيا والقيادة التركية ايضا نطمح الى علاقات أفضل، وبالتحديد الى توقيع اتفاق تعاون استراتيجي بين لبنان وتركيا تماما كما الاتفاق الذي وقع بين تركيا وسوريا وبين تركيا والعراق. والنسبة إلى الموضوع الاقتصادي، أتوقع ان يكون هناك توقيع لاتفاقية التجارة الحرة بين لبنان وتركيا، هذه العلاقات لم تكن بالقدر الكافي حتى الآن، فحجم التبادل التجاري بين تركيا ولبنان كان العام الماضي أقل من مليار دولار، وأنا أشارك الرئيس أردوغان باننا نطمح ان يكون هناك حجم للتبادل التجاري ابتداء من هذا العام أكثر فأكثر ليصل الى ثلاثة مليارات دولار. ولعل اجتماعنا اليوم بالاقتصاديين اللبنانيين والاتراك، بعدد يناهز المئة شخص، هو خطوة على هذه الطريق".
وردا على سؤال قال: "ان اسرائيل منذ قيامها ضد الشعب الفلسطيني عام 1948 وهي لا تألو جهدا في الاعتداءات المتكررة على لبنان، وبالتحديد عامي 1978،1982، وباستمرار احتلالها لمزارع شبعا عام 1993، عام 1996، عام 1999، عام 2000 وعام 2006، والآن تهدد ايضا باعتداءات جديدة، علما انه بعد حرب عام 2006 صدر القرار 1701. ان اسرائيل وكل يوم من دون اي مبالغة تخرق هذا القرار. ان مشاركة تركيا في قوات ال"يونيفيل" بحوالى 600 جندي هو عمل يدل على مدى التقارب السياسي بين تركيا وليس لبنان فحسب بل بينها وبين كل البلدان المجاورة والعالم العربي ككل. هذه السياسة التركية مرحب بها في لبنان، وأنا باسم لبنان والمجلس النيابي اللبناني والجنوب خصوصا نقول شكرا لتركيا، شكرا ايضا للدعم الذي يلقاه أهل الجنوب من الهيئة العليا للاغاثة التركية. قبل زيارتي لتركيا بأيام قليلة وضع حجر الاساس لمستشفى للحرائق (صيدا) وقبله مدرسة مهنية في بلدة كفرصير الجنوبية، وهناك عشرات المشاريع، ويوجد ايضا مشروع لمركز صحي في بلدة قانا. هناك كثير من المشاريع تقوم بها تركيا مساهمة بذلك، ليس في ترسيخ دعمها وانما ايضا في سبيل القول للعالم كله ان اسرائيل هي التي تعتدي ابتداء من غزة مرورا بالقدس ووصولا الى لبنان، وايضا بالعالم العربي والاسلامي. وهنا أريد ان أقول انه في مؤتمرات عديدة كان لتركيا دور يجعلنا ننظر اليها كجزء من العالم العربي والاسلامي مرة اخرى بعد الامبراطورية العثمانية".
وعن العلاقات اللبنانية-السورية قال الرئيس بري: "لبنان وسوريا الآن هما في علاقات جيدة، وكان الرسول يوصي بالجار دائما حتى قيل انه كاد ان يورثه، فكيف بالاحرى اذا كان لبنان وسوريا اللذان هما شعب واحد في دولتين، هما توأم، لذلك العلاقات اللبنانية - السورية هي أكثر من ضرورة للبنان وايضا لسوريا، لا أمن للبنان من دون سوريا ولا أمن لسوريا من دون لبنان. لبنان وسوريا يكملان بعضهما البعض، والحقيقة ان العالم العربي كله يكمل بعضه ببعض، وأعتقد ان الاسرائيليين لا يتمادون في ظلمهم للشعب الفلسطيني لو كان العرب مجتمعين أكثر ومنسقين على الاقل في ما بينهم. لقد قلت للرئيس أردوغان انه بعد مؤتمر "دافوس" وموقف الرئيس أردوغان اصبحنا ننظر اليه ليس في لبنان فحسب، بل في العالم العربي كله، كبطل قومي واسلامي، لماذا؟ لانه وقف وقفة ضد الظلم. لبنان وسوريا لهما تاريخ مشترك ضد الانتداب الفرنسي وايضا ضد الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على لبنان، ولا ننسى ان سوريا هي البلد العربي تقريبا الأوحد، مع الأسف أقول ذلك، الذي لا يزال يقف بجانب لبنان ومقاومته وبجانب بطولات اهل الجنوب وتضحياتهم".
وردا على سؤال قال: "ان النظرية التركية الجديدة في السياسة الآن وخصوصا في هذه المرحلة هي ان العلاقات مع الجوار يجب ان تكون "صفر مشكلة"، اي من دون اي مشكلة مع الجوار، أنا أفهم هذا الأمر وأقول انه سينجح ان شاء الله مع تركيا في كل الميادين ولكن بالتأكيد لن ينجح مع اسرائيل. اسرائيل دولة قائمة على الاعتداء، أريد ان أسمح لنفسي بان أقول كلمة عن لقائي مع الرئيس عبدالله غول ومع الرئيس أردوغان، اسرائيل حتى الآثار الاسلامية والفلسطينية تحاول الآن ان تحولها الى آثار يهودية، بعد هذين اللقاءين سمعت رئيس وزراء اسرائيل نتانياهو في الولايات المتحدة الاميركية يقول "مما لا شك فيه ان السلام ضروري ولكن نحن بالنسبة إلينا فان وقف بناء المستوطنات لا يشمل القدس على الاطلاق، لان القدس هي عاصمة اسرائيل"، ويقول انه منذ ثلاثة آلاف سنة بني اليهود في القدس، ولكن لا يقول ان هناك شعبا هو الشعب الكنعاني اي الشعب الفلسطيني كان قبل هذا التاريخ، الموقف الاسرائيلي لا يمكن بأي شكل من الاشكال ان يسمح بنجاح السياسة التركية في المنطقة وخصوصا هذا الانفتاح نحو العرب ونحو الاسرائيلي. لم يعد سرا ان المحادثات غير المباشرة بين السوريين والاسرائيليين التي كانت برعاية تركية وبإشراف تركي، كان من ضمن شروطها ومن ضمن شروط استمرارها وتحويلها الى حوار مباشر، كان الاساس لهذا الامر شرطين، عدم حصول اي اعتداء على غزة، وعدم حصول اي اعتداء على لبنان. هذا كان من ضمن الشروط لكي تقوم تركيا بهذا الحوار. مع ذلك وقبل يوم واحد كان هناك اتصالات بين القيادة التركية والقيادة الاسرائيلية وأكدوا انهم لن يقوموا بأي اعتداء، لكن مع ذلك حصل الاعتداء، لا بل المجزرة ضد غزة".
وختم الرئيس بري: "الاسرائيليين سيفشلون السياسة التركية في ما يتعلق بموضوع السلام، وبالتالي لا بد من هذه السياسة التركية من ناحية ثانية، ليزيد التلاحم خصوصا بين ايران وتركيا والعالم العربي".