نص البيان الصادر المشترك عن الرئيس بري والأمين العام لحزب الله السيد نصرالله شرحا فيه الوقائع للبنانيين وأكدا على الموقف الحاسم بدعم قيام المحكمة الدولية وفق الأصول الدستورية ويرفضان الخضوع لأي ابتزاز


 

صدر ليل الجمعة 24/11/2006 البيان المشترك الموجه إلى اللبنانيين عن رئيس حركة "أمل" رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله وكتلتي نواب "أمل" و"حزب الله" في المجلس النيابي، وهذا نصه:
 

أيها اللبنانيون،
بعد أن كثر الجدل في الآونة الأخيرة حول الموقف من المحكمة ذات الطابع الدولي، ومحاولات الاستغلال التي مارسها البعض لتمرير مواقف سياسية، كان لا بد من التوجه إليكم بعرض الصورة على حقيقتها، انطلاقا من ثوابتنا الوطنية والسياسية، ومن مبادئنا التي ترتكز على قيم العدالة والحقيقة، فإن حركة "أمل" و"حزب الله"، منذ وقوع الجريمة الكبرى التي أصابت لبنان باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، أكدا وأعلنا حرصهما على العمل لكشف الحقيقة في هذه الجريمة وتحديد المحرضين والمخططين والمنفذين وإنزال العقاب بهم، باعتبار هذه المسألة أولوية وطنية يجب الوصول إليها.
إننا ونحن نجدد يوميا التزامنا بالعمل لإنجاز كل المقدمات التي تؤمن قيام محكمة ذات طابع دولي، حصلت جريمة اغتيال النائب الشهيد جبران التويني، وطرح موضوع طلب توسيع التحقيق، وإنشاء المحكمة الدولية، ووضع الأمر على جدول أعمال اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء، دون إعطاء الفرصة للوزراء لدرس الموضوع وتحضيره بما يسهل إقراره، وأمام إصرار رئيس الحكومة يومها على موعد الجلسة دون إعطاء فرصة يومين فقط للتحضير والنقاش كانت كافية لو تجاوب لتحقيق الغاية دون ان نصل إلى موقف تعليق وزراء الحركة والحزب مشاركتهم في الحكومة، نتيجة تجاهل دورهم في التحضير والمشاركة واتخاذ القرار.
ولأن قيادتي الطرفين حريصتان على المحكمة والحقيقة، بقيتا تؤكدان في كل مناسبة على موقفهما الداعم لها وصولاً إلى انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في 2/3/2006 الذي انعقد بدعوة من الرئيس نبيه بري، والذي وضع البند الأول على جدول أعماله كشف الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومتفرعاتها.
ولأنهما بقيا على نفس الموقف الداعم للحقيقة، فإنهما أكدا بشكل واضح في الجلسة الأولى للحوار الوطني على دعمهما تشكيل محكمة ذات طابع دولي، حيث تم الاتفاق على هذا البند خلال الساعة الأولى لانعقاد المؤتمر، وبإجماع الحاضرين الذين شهدوا لموقف الرئيس بري والسيد حسن نصر الله المتقدم بهذا الخصوص، والموثق بالتسجيلات الخاصة بالمؤتمر.
ولأنهما يصران على عدم تزييف موقفهما من موضوع المحكمة، فإنه خلال الفترة الفاصلة بين مؤتمر الحوار الوطني ولقاء التشاور الأخير، لم تترك قيادتا الحركة والحزب وخلال كل المناسبات المركزية وعلى لسان الرئيس بري وسماحة السيد نصر الله، فرصة إلا وأكدتا فيها على الموقف الحاسم من هذه القضية، في وقت كانت الأكثرية النيابية ولأسباب سياسية، تحاول تغطية بعض أزماتها بإيهام الرأي العام بأن أي تعبير سياسي او موقف من الحكومة او أدائها، ينطلق من خلفية الرفض للمحكمة، وهو الأمر الذي كشف عن تشويه الحقائق المتعلقة بقضايا سياسية ترتبط بالحرب الإسرائيلية على لبنان وبالأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية، وبشكل أدى إلى فتح سجالات أضعفت صورة الإجماع حول كشف الحقيقة، ولم يخدم مشروع المحكمة، وخلق حالة من البلبلة الشعبية رغم تكرار موقف الحركة والحزب بهذا الخصوص.
 

أيها اللبنانيون،
إزاء التطورات التي سادت الساحة السياسية بعد انتهاء الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنان، بادر الرئيس نبيه بري إلى الدعوة لعقد لقاء التشاور الذي ضم أطراف الحوار حول قضايا تشكيل حكومة وحدة وطنية، وقانون جديد للانتخابات، والتحضير للاستحقاقات الاقتصادية والمالية.
وبما أننا كنا حريصين على التذكير بموقفنا الايجابي من المحكمة، فقد كان لقاء التشاور فرصة لتوسيع النقاش باتجاه إعادة تظهير الموقف من المحكمة، وبعد ان اخذ الموضوع حيزا من نقاش المجتمعين حيث جددت قيادتا حركة "أمل" و"حزب الله" موقفهما المعروف تجاه هذه القضية وبشكل صريح وواضح في الجلستين الأولى والثانية للمشاورات، وصولاً إلى الخلوة التي عقدت على هامش الجلسة الثالثة، بعد ان دخل النائب سعد الحريري إلى لقاء جانبي كان يعقد بين دولة الرئيس بري والنائب علي حسن خليل من جهة، والنائب محمد رعد والوزير محمد فنيش والنائب حسين الحاج حسن من جهة ثانية، وطرح النائب الحريري على المجتمعين صيغة تقوم على الموافقة على مبدأ إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي، ومناقشة التفاصيل المتعلقة بها في جلسات جانبية تضم الأطراف الثلاثة، قبل عرضها على مجلس الوزراء، وبما يؤمن تسهيلا وإجماعاً حول إقرارها وبالسرعة اللازمة، والموافقة في نفس الوقت على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تتمثل فيها قوى المعارضة بأكثر من ثلث عدد الوزراء، وتتأمن فيها المشاركة الحقيقية وتكون مدخلاً لمناقشة القضايا الخلافية وحلها.
ولأننا متحمسون إلى حسم موضوع المحكمة وإنجازها بادرنا بعد هذا اللقاء الذي رفعت على اثره جلسة التشاور إلى الاتصال أكثر من مرة، لاستعجال استلام مسودة المحكمة، لوضع ما اتفقنا عليه موضع التنفيذ، فلم يحصل هذا الأمر إلا الساعة العاشرة من مساء الجمعة التي سبقت جلسة التشاور الأخيرة، وبعد ان كان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة قد اتصل بالرئيس نبيه بري، والذي أكد عليه عدم تحديد موعد لانعقاد جلسة مجلس الوزراء بهذا الخصوص، قبل اللقاء يوم السبت، وبالتالي قبل القيام بالخطوات التنفيذية لما اتفق عليه في الخلوة مع النائب سعد الحريري، تسهيلا لإقرار المسودة بعد ان يكون قد تسنى للوزراء وللجنة المعنية دراسة التفاصيل المتعلقة بها.
إلا أننا فوجئنا في مستهل جلسة اليوم التالي، السبت 11/11/,2006 بحملة مركزة صوّرتنا كأننا نطرح صيغة مقايضة بين المحكمة ومطالب سياسية، وبتجاهل لكل الحديث الذي جرى في الخلوة والذي بدأه النائب سعد الحريري، وبتحديد موعد لانعقاد جلسة الحكومة يوم الاثنين في 13/11/2006 دون مفاتحة أحد بالموضوع، ودون الأخذ بعين الاعتبار كل الكلام الذي أيدناه حول الاستعداد لمناقشة المسودة بأعلى درجات الايجابية والانفتاح. وترافق هذا الأمر مع إقفال باب النقاش السياسي حول البند الأساسي على جدول الأعمال، والمتعلق بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، واعتبار بعض أركان الأكثرية ان هذا المطلب غير قابل للنقاش.
إننا وإزاء هذا الانقلاب وسياسة الأبواب الموصدة التي اتبعت بتجاهل منطق المشاركة الذي نطالب به، كان لا بد من إعلان قرارنا المشترك باستقالة وزرائنا من الحكومة.
 

أيها اللبنانيون،
وإزاء توظيف جريمة اغتيال النائب والوزير الشهيد بيار الجميل لاستمرار تشويه موقفنا من المحكمة ذات الطابع الدولي، فإننا نعرض لهذه الوقائع للتأكيد على الموقف الحاسم بدعمنا قيام هذه المحكمة وفق الآليات التي تحافظ على الأصول الدستورية، وتضمن الغاية المرجوة، في الوقت الذي نصر فيه على حقنا المشروع في المطالبة بالمشاركة السياسية الحقيقية، ولن نقبل الخضوع لأي ابتزاز للعدول عن موقفنا تجاه هذه المشاركة.
ان مواجهة الطرف الآخر لمطالبنا السياسية المشروعة باستخدام ذريعة موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي لإرباك الرأي العام، والتعويض عن ضعفه، لا تخدم بالتأكيد الحقيقة والعدالة، وبالتالي لن تثنينا عن الالتزام أمام اللبنانيين باستمرار المطالبة وباستخدام كل الوسائل الديموقراطية المتاحة وفق الأنظمة والقوانين المرعية، والتي سنضطر لاستخدامها إذا ما استمر الطرف الآخر بالتعنت وتجاهل ركائز الوفاق الوطني اللبناني.
اللهم اشهد إننا قد بلغنا.