تلبية لدعوة المجلس القومي للمرأة برعاية سيدة مصر الاولى سوزان مبارك رئيس المجلس، شاركت رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية سعادة النائب جيلبيرت زوين ممثلة الجمهورية اللبنانية ترافقها الباحثة في مشروع برنامج الامم المتحدة الانمائي في مجلس النواب والمنتدبة من قبل المجلس السيدة فاطمة فخرالدين.

 

شارك في المؤتمر، اضافة الى لبنان، سبع دول عربية هي: الاردن، البحرين، الجزائر، السودان،  فلسطين، مصر وموريتانيا. وقد استهدف المؤتمر تبادل المعارف والتجارب ومناقشة الافكار والرؤى حول دور البرلمانيات العربيات في رسم سياسات التنمية في الوطن العربي خاصة في ظل ظروف عالمية ترتبط الى حد كبير بموارد الارض التي هي مقومات التنمية.

 

تخلل المؤتمر زيارة المشاركين لسيدة مصر الاولى سوزان مبارك في قصر السلام التي تحدثت الى المشاركين عن اهمية دور المجلس القومي للمرأة في اتاحة الفرصة للنساء في رسم سياسات التنمية وعن الانجازات التي حققها المجلس من رفع سن الزواج، تجريم ظاهرة ختان الاناث، ونيل الموافقة على تطبيق الكوتا النسائية في الانتخابات المقبلة وضمان 64 مقعدا للنساء، واضافة تعديلات على قانون الطفل.... وتمنت على كافة الدول العربية انشاء مجلس مشابه والاحتذاء بدوره لتعزيز مكانة المرأة والطفل في مجتمعاتنا العربية. وتحدثت النائب جيلبيرت زوين خلال هذه الزيارة عن الصعوبات التي واجهتها في اقناع المعنيين بتبني نظام الكوتا لصالح النساء عندما قدمت مشروع قانون في هذا الشأن.

 

ركز المؤتمر على عدد من قضايا التنمية هي: الطاقة- الموارد المائية- التغيرات المناخية في الوطن العربي- احتمالات السلام والنزاع العربي الاسرائيلي، وهي المحاور التي تمثل التحديات التي تحتاج الى سياسات تنموية متكاملة.

ترأست سعادة النائب جيلبيرت زوين محور الموارد المائية، وتحدث عن دور المرأة اللبنانية في التنمية (مرفق نص الورقة والتي اعدت بدعم من مشروع برنامج الامم المتحدة في مجلس النواب) كما تحدثت عن قضية تغير المناخ وقدمت توصية اضيفت الى التوصيات النهائية تضمنت اهمية دور البلدان العربية، المساهمة بنسبة 2% فقط من الانبعاثات الحرارية،  في الضغط على الدول الصناعية، المسببة بنسبة 50% من هذه الانبعاثات والرافضة خفضها، الى تغيير موقفها. كما طالبت السيدة زوين هذه الدول(بتوصية خاصة باسم الوفد اللبناني) "بالتخلي عن مفاهيم التنمية التقليدية المسيطرة اي "النمو المستمر" وابتداع مفاهيم جديدة للتنمية، واعادة تأسيس النظام الاقتصادي والسياسي على اسس ومتطلبات ديمومة النظام البيئي."

 

وقد صدر عن المؤتمر، اضافة الى توصية لبنان، التوصيات الاولية التالية:

·        ضرورة استمرار الحوار بين البرلمانيات العربيات لمواجهة القضايا التي تواجه المنطقة.

·        المطالبة بوضع سياسة هادفة للتعامل مع موارد الطاقة في المنطقة وبما يحفظ حق الاجيال القادمة ويحقق استدامة موارد الطاقة تأكيدا للامن القومي والسلام في المنطقة.

·        التعامل مع الموارد المائية بما يحقق الامن بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني واهداف وما تحققه من استقرار وتنمية للمواطن العربي.

·        ضرورة ان يؤخذ البعد الخاص بالنوع الاجتماعي المرتبط بتداعيات التغيرات المناخية وان يكون هذا البعد في قلب سياسات التصدي لظاهرة التغيرات المناخية.

·        التأكيد على ضرورة مشاركة المرأة في مفاوضات السلام تصحيحا للوضع القائم وفي الجهود الساعية لتحقيق السلام تأكيدا لدورها المحوري في السعي لتحقيق الامن والسلام في المنطقة.

·        رفع هذا البيان الى البرلمان العربي للنظر في امكانية تبني رؤى نصف الامة العربية كما عبرت عنها البرلمانات.

سيدة مصر الاولى سوزان مبارك المحترمة

رئيسة المجلس القومي للمرأة  

الدكتورة فرخندة حسن المحترمة

امين عام المجلس القومي للمرأة

اصحاب وصاحبات السعادة،

ايها السيدات والسادة،

 

 

نلتقي اليوم في مناسبة كريمة للتباحث في "دور البرلمانيات العربيات في صياغة السياسات من اجل التنمية"، وهي فرصة مهمة جدا لتبادل الخبرات بين بلداننا العربية من اجل ايجاد حلول عملية لادماج المرأة في قضايا تواجه كافة افراد المجتمع، والمرأة بوجه خاص، اذ تعتبر المرأة الاكثر تضررا في مواجهة الازمات الا انها لا تشارك في عمليات صنع القرار المتصلة بالتغلب على حلها او ادارتها. 

 

وتشكل هذه الازمات، التي نحن بصدد مناقشتها  من طاقة ومياه وتغير المناخ، فرصة تاريخية لإعادة النظر بالسياسات التي تتخذ بشأن قضايا مصيرية تؤثر على مستقبل كوكب الارض وذلك بالتخلي عن فكرة "النمو المستمر" ومفاهيم ونماذج التنمية التقليدية المسيطرة وابتداع مفاهيم جديدة للتنمية، وإعادة تأسيس النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي على أسس ومتطلبات ديمومة النظام البيئي.

 

وفي هذا الاطار فقد طرح برنامج الامم المتحدة الانمائي مؤشرا جديدا للتنمية البشرية تجاوز المقاييس الاقتصادية المألوفة الى مقاييس اكثر ملائمة وشمولية تدل على نوعية الحياة من خلال عدة عناصر من بينها  حالة المرأة في المجتمع. ووفقا لهذا المؤشر فان مشاركة المرأة اللبنانية في بناء التنمية وفي مواقع صنع السياسات وتنفيذ القرارات التي تؤثر في حياتها مازالت ضعيفة ويعيق تقدمها معيقات عدة من اهمها:

 

1-      عدم ادماج النوع الاجتماعي في صنع السياسات واتخاذ القرارات التي يتأثر بها الجنسين

2-      الوضع الاقتصادي الصعب (الذي يزيد من صعوبته احجام المرأة عن المشاركة فيه).

3-      التمييز ضد المرأة الموجود في القوانين.

4-      النظام السياسي (المبني على توزيع الحصص الطائفية والمناطقية الذي يضعف الفرص على الفئات المهمشة بشكل عام وعلى المرأة بشكل خاص).

5-      الموروث الثقافي السائد المتحيز ضد المرأة والمكرس في قوانين الاحوال الشخصية. 

 

ان الصورة الرقمية للمرأة في المجتمع اللبناني، سواء في البناء الاقتصادي ام في التنمية الشاملة، تعطينا فكرة دقيقة عما قلناه سابقا.  فلم تستطع المرأة اللبنانية الوصول الى البرلمان الا بنسبة 4,7% في العام 2005 (انخفضت هذه النسبة الى 3,1 في العام2009). وهذه نسب غير مقبولة على المستوى العالمي الذي يمثل نسبة 15% لمشاركة النساء في البرلمان.  وفي السلطة التنفيذية تم تعيين وزيرتين في الحكومة لاول مرة في العام 2004 ومنذ ذلك الحين بقي وجود المرأة في الحكومات المتعاقبة رمزيا عبر حقيبة واحدة من اصل 30 وزيرا ثم عاد وارتفع الى وزيرتين في العام 2009. ولم تصل المرأة اللبنانية الى منصب رئيسة وزراء، ولم تعين اية امرأة لمنصب محافظ وسيدتان فقط تشغلان منصب قائمقام. وهي حاضرة بنسبة 37% في السلطة القضائية للعام 2006 .  ولم تتعد نسبة النساء 2.4% في عضوية المجالس المحلية للعام 2004 وفازت 7 نساء من اصل 943 في موقع رئيس مجلس بلدي. وفازت 104 نساء في عضوية المجالس الاختيارية و27 امرأة من اصل 2339 لموقع رئاسة المجالس الاختيارية للعام 2004. ولتحسين نسبة النساء في السلطات المنتخبة جرت محاولات لاصلاخ قانون الانتخاب عقب الانتخابات البلدية في ايار العام 2010 وادخال كوتا نسائية، الا ان هذا التعديل لم يتم وأتت نتائج الانتخابات الاخيرة مشابهة للوضع القائم. (هذا مع العلم بان لجنة المرأة والطفل النيابية كانت قد تقدمت باقتراح قانون لادخال الكوتا النسائية على قانون الانتخاب كجزء من الاصلاحات التي كان من المفترض ان تتم).   

 

ان وضع المرأة في النقابات وفي الاحزاب مماثل لوضع المرأة في الوظائف المتصلة بصنع القرارات ورسم السياسات. فمشاركة المرأة في العمل النقابي ضئيلة بشكل عام ومرتفعة في بعض النقابات. الا ان وجودها في الهيئات القيادية كان معدوماً حتى انتخاب اول امرأة نقيب للمحامين في العام 2009. فهي على سبيل المثال غائبة عن الهيئات القيادية في اتحاد المصارف، غرفة التجارة والصناعة، ومجلس ادارة جمعية الصناعيين وعن المكتب التنفيذي للاتحاد العمالي العام، وامرأة واحدة موجودة في المجلس التنفيذي للاتحاد. وفي الاحزاب السياسية تمثل المرأة اللبنانية اقل من 20% من العدد الاجمالي للاعضاء ولا تتجاوز هذه النسبة 5% في المكتب السياسي لمعظم الاحزاب.

 

ويقدر معدل النشاط الاقتصادي للمرأة اللبنانية بنسبة 22% للعام 2004 و25% للعام 2008 الا اننا لا يمكن ان نتحدث عن مشاركة حقيقية للمرأة في عملية الانتاج والتنمية، لان دورها لا يزال هامشيا ومحدودا.  فحصة المرأة لا تتعدى نسبة 7% في مراكز الفئة الاولى و19% في مراكز الفئة الثانية و28% في مراكز الفئة الثالثة و32% في مراكز الفئة الرابعة للعام 2004 من الوظائف الحكومية.  وان نسبة 84% من القوى العاملة النسائية موجودة في القطاع الخاص، لكن نسبة النساء اللواتي يشغلن مناصب عليا لا تتعدى 5% بينما يحتل الذكور نسبة 12% في ذات الفئة العمرية (15-65) والمهنية. وهي حاضرة بنسبة 44,8% من اجمالي العمالة المصرفية للعام 2008، (وهذه نسبة تتجاوز بكثير نسبة العمالة الانثوية الاجمالية في لبنان 25% للعام ذاته) ، الا انها لم تحصل على مركز مدير الا بنسبة 19,6% مقابل 81,4% للذكور رغم التساوي بين الجنسين في التحصيل العلمي والمؤهلات.

بالاضافة الى التمييز الموجود في توزع الوظائف بين الجنسين في القطاع الخاص، يوجد تفاوت بالدخل حيث مبدأ الاجر المتساوي غير محترم.

 

من الملفت للاهتمام ان الارقام تشير الى عدم وجود فجوة جندرية في الالتحاق التعليمي للاناث، لا بل نسب الاناث متقدمة على نسب الذكور في بعض المراحل التعليمية.  وهذا يعني ان ما انجزته المرأة تعليميا لم ينعكس بصورة ملائمة على حضورها في مواقع صنع القرار، وبان هناك فجوة موجودة بين نسب تعليم الاناث ونسب مشاركتها الفاعلة في مواقع صنع القرار وسوق العمل، ما يسبب اهدارا لموارد التنمية حيث يتم الاستثمار في تعليم الاناث ولا يتم الاستفادة من طاقتها في عملية التنمية. فهي تشكل نسبة 55,5% من طلاب المرحلة الثانوية، و54,5% من خريجي الجامعات والمعاهد العليا، بينما لا تشكل سوى نسبة 33,5% من افراد الهيئة التعليمة. وهي تشكل نسبة69,7% من خريجي الجامعة اللبنانية، بينما لا تشكل سوى نسبة 31,5% من افراد الهيئة التعليمية للعام 2007-2008. 

 

في هذا الاطار اثبت واقع المرأة في لبنان صحة الانتقادات حول خلفية الهدف الانمائي الثالث للالفية الذي يقول بان "المساواة في التعليم تساعد على ضمان عمل المرأة واكتساب سلطة سياسية، والمساهمة بالتالي في الشأن العام". الا انه لا يوجد دليل واضح بين درجة تمثيل المرأة في القيادات وبين المستويات التعليمية التي بلغتها وبان مشاركة المرأة السياسية لا تأتي بالضرورة كنتيجة لارتفاع نسبة محو الامية والتعليم او الدخل. ان مضمون التعليم وسياقه هما من العوامل الرئيسية لتمكين المرأة الا ان الالتحاق التعليمي وحده غير كاف. فلا بد من حدوث تغيرات قانونية وسياسية وثقافية واجتماعية واسعة النطاق لكي تتمكن المرأة المتعلمة من المشاركة بشكل كامل في البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر في حياتها.

 

اخيرا يمكن القول بان المرأة اللبنانية ليست سيدة مصيرها لا في الحياة الاجتماعية ولا الاقتصادية ولا السياسية ولا يمكنها ان تكون شريكة فاعلة في عملية التنمية اذا ما بقي موقعها داخل الاسرة ضعيفا وقابعا تحت تقاليد واعراف مختلفة، من بينها عدم معالجة موضوع العنف ضد المرأة. (في هذا الاطار لا بد من  الاشارة الى ان لجنة المرأة والطفل كانت قد دعمت اقتراح قانون حماية النساء من العنف المنزلي المقدم من جمعيات المجتمع المدني الذي تبنته الحكومة واخذ طريقه الى اللجان النيابية في مجلس النواب لدراسته على امل اقراره قريبا). ولا يمكن تغيير هذا الوضع الا عن طريق تعديل القوانين التمييزية واصدار قانون مدني موحد للاحوال الشخصية، اضافة الى تغيير النظام السياسي والغاء الطائفية السياسية وتغيير صورة المرأة في البرامج التربوية وتطبيق اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة/سيداو التي تعتبر بمثابة خارطة الطريق لضمان مشاركة فاعلة للمرأة في عملية التنمية الحديثة ولسن القوانين التي تضمن تحقيق المساواة بين الجنسين ووضع قضية المرأة على اجندة صانعي القرار واعتبار قضية مشاركة المرأة في صنع السياسات واتخاذ القرارات اولوية وطنية ذات ابعاد تنموية شاملة وضرورية في عملية الاصلاح وفي ادماج المرأة في منع الازمات وادارتها، واعتبار المرأة جزءا من الحل وليس جزء من مشكلة التنمية.

 

وشكرا على الجهود التي بذلت من اجل  تنظيم هذا المؤتمر الهام في متابعة قضايانا العربية المشتركة.