كلمة
الرئيس نبيه بري
لدى استقباله
وفد الصحافيين الكويتيين
تحدث
رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي الثلاثاء 25/6/2002 لدى استقباله في مكتبه في
المجلس النيابي وفد جمعية الصحافيين الكويتيين برئاسة رئيس تحرير جريدة " الأنباء "
عدنان الراشد وحضور السادة : احمد الديين جريدة( الرأي
العام) وخليل على حيدر جريدة (الوطن) والدكتور شملان العيسى جريدة (السياسة) وعز
المساعيد رئيس تحرير مجلة (النهضة) وبدرية درويش جريدة (الكويت تايمز) وعدنان
الراشد امين عام الجمعية ونائب رئيس تحرير جريدة ( الانباء ) والدكتور عبدالله
الشايجي والزميلة زينة الجوعان والزميل علي حسين.
برزت في
الحديث المواقف التالية:
-
تراجع الخطاب الاميركي من العولمة الاقتصادية إلى
العولمة الامنية. وخطاب الرئيس بوش لم يخرج عن هذه القاعدة.
-
خطاب الرئيس بوش يفرض نظرية جديدة وهي الاخذ
بالنظرية الاسرائيلية " الامن مقابل السلام " وهذا يعني ان نظرية مدريد " الارض
مقابل السلام " انتهت.
-
الدولة الفلسطينية الموقتة المقترحة هي مجرد ادارة
مدنية من الفلسطينيين والرئيس بوش لم يعط دولة، بل كلاماً حول الموضوع ونحن لم
نسمع من قبل بدولة موقتة. بل بحكومات وترتيبات موقتة.
-
ان مبادرة بوش تقسم العرب إلى قسمين معتدل ومتطرف
ولم يأت على ذكر المبادرة العربية الاخيرة التي شكلت ورقة التوت وها قد سحقها
شارون.
-
ملخص مبادرة الرئيس بوش هو ان الامن بند اول في
التوافق السياسي. وخطابه هو محاولة جدية وبارعة لتجزئة القرارات الدولية تمهيداً
لافراغها من محتوياتها.
-
الدولة هي عبارة عن عاصمة وحدود وانسان. لم يتحدث
بوش عن القدس عاصمة للدولة الفلسطينية.
-
بالنسبة للحدود، لم يتكلم عن حدود ال 67، بل عن 28
ايلول 2000 أي عن الاربعين في المئة.
-
فيما يتعلق بالانسان او ما يسمى اللاجئين، فقال
انه سيبحث في ما بعد.
-
قلت لكل المسؤولين الاميركيين وغير الاميركيين ان
تحرير الجنوب هو مسؤولية سورية كما ان تحرير الجولان مسؤولية لبنانية ومعركة
التحرير هي واحدة.
-
ان السلام الشامل ليس عقد اتفاق، بل مناخ فليطبقوا
قرارات مدريد.
-
المؤتمر الماروني اخذ الجرثومة الطائفية إلى
الخارج ونناشد البطريرك صفير مصالحة موارنة الخارج مع لبنان وليس مع سوريا،
فهؤلاء ليسوا ضد سوريا بل ضد لبنان ".
-
الموارنة كانوا رواد القومية العربية وان هذه
الطرح الذي يطرح الان يجعل المؤتمر غريباً وهجيناً.
-
ان سبب العمليات الاستشهادية هو عدم احقاق الحق
والعدالة.
-
لم يعد للاستشهادي من خيار غير ان يقاوم بجسده وقد
بدأناه نحن في حركة امل.
نص الحديث
كاملاً :
سئل: لا بد أن نسأل عن خطاب الرئيس الأميركي
جورج بوش ومطالبته بإيجاد قيادة فلسطينية جديدة وإنشاء دولة فلسطينية موقتة، ما هو
موقفكم من هذا الخطاب وكيف ترى الوضع الآن بعد مبادرة بوش ؟
أجاب الرئيس برّي : " مبادرة الرئيس بوش يمكن
الدخول إليها من أبواب عديدة،
أولاً: من البوابة
العربية، أو من بوابة الإرهاب التي يرغبون هم في الدخول منها، أو من باب الأمم
المتحدة وقراراتها، أو من باب الحق الإنساني وحق الشعوب بالاستقلال. في كل هذه
الأبواب لا تجد باباً ينسجم مع المبادىء التي انطلقت منها الولايات المتحدة
الأميركية. ولكي لا يكون الأمر مجرد رد عام. يجب أن نتوقف عند هذا الخطاب لنقول أن
العولمة الاقتصادية التي طالما كثر الحديث عنها قد تراجع عنها اليوم، وبدأ الكلام
عن العولمة الأمنية، أيام " الكاوبوي " كانت تعلق ورقة يكتب عليها " مطلوب "
(Wanted) مقابل أجر معين، الان تلاحظون ان الخطاب الأميركي يتضمن أحياناً دولاً،
وأحياناً جماعات أو أفراداً بالأسماء تحت العنوان نفسه " مطلوبون أحياءً أو أمواتاً
"، هذه هي العولمة الأمنية التي يتم الدخول منها إلى قضية بحجم ليس فقط وطن، بل
قضية شغلت العالم طيلة القرن العشرين تقريباً وستأخذ على الأرجح، إذا بقيت على هذا
المنوال، القرن الحادي والعشرين، عنيت بها القضية الفلسطينية ".
أضاف :
" مع الأسف الشديد، فإن خطاب الرئيس بوش أمس لم يخرج
عن هذه القاعدة "والمطلوب " الذي لم يكن مسمّى أمس كان ياسر عرفات. هذه النقطة
الأولى التي أود أن أقولها.
ثانياً : إنطلقت المبادرة من متطلبات
إسرائيل، يعني أن نظرية مدريد انتهت أمس، تعلمون أن الجميع شاركوا في مدريد بما
فيهم إسرائيل وأميركا على أساس الأرض مقابل السلام، وعندما أتى آرييل شارون وقبله
أيهود باراك وبنيامين نتنياهو بدأ الحديث عن الأمن مقابل السلام، وهذا هو المطلب
الإسرائيلي. وأمس ثبت خطاب بوش هذا الواقع وأخذ بهذه النظرية وقضى نهائياً على ما
يسمى الأرض مقابل السلام. إذن انتهى مبدأ " الأرض مقابل السلام " وبدأت نظرية جديدة
يفرضها خطاب بوش وهي الأخذ بالنظرية الإسرائيلية " الأمن مقابل السلام "بل ليته
يكون الأمن مقابل السلام، انه الأمن مقابل بداية سلام لا نعرف كيف سينتهي، بدليل
انه أتى بنظرية جديدة، وأنا شخصياً لم أسمع بدولة موقتة في كل قراءاتي السياسية وفي
كل الجغرافية السياسية، لقد سمعت بحكومات موقتة وبترتيبات موقتة ولكن لم أسمع بدولة
موقتة، وقد أخذ بهذا الأمر، وإذا أردنا أن نتمعن في هذه الدولة الموقتة لوجدنا إنها
إدارة مدنية من الفلسطينيين لأجل تأمين الأمن للإسرائيليين، وكلما تقدموا بالأمن
كلما أعطوهم قليلاَ للدخول في النهاية إلى مفاوضات على حقيقة الدولة، ما هي الدولة
؟ الدولة هي عبارة عن عاصمة وحدود وإنسان.
لكن في خطابه أمس هل تحدث الرئيس بوش عن عاصمة لهذه
الدولة التي هي القدس؟.
لقد قال إن هذه المسألة تبحث فيما بعد. أما بالنسبة
إلى الحدود فقال كلاماً صريحاً عن 28 ايلول عام 2000 أي عن الاربعين في المئة، ولم
يتكلم عن حدود ال67. بقي موضوع الحدود معلقاً ايضا إلى المستقبل. فالاهم هو الانسان
او ما يسمى اللاجئين. وقال ان موضوع اللاجئين يبحث فيما بعد اذأ لم يعط الرئيس بوش
دولة، بل اعطى كلاما عن هذا الموضوع ".
وتابع :" لننتقل من الموضوع الفلسطيني الاميركي إلى
الطامة الكبرى، أي نحن العرب، عندما طلبت انا من الامين العام للجامعة العربية
الاستاذ عمرو موسى تأجيل موعد القمة العربية إلى ابعد من آذار، مع المحافظة على
دورية انعقادها في بيروت بالذات، كنت ارغب في ان نأخذ وقتنا لنتحرر من الضغط
الاميركي والاوروبي، ويا للاسف لم يؤخذ برأينا وعقد المؤتمر في بيروت، وقدم العرب
ورقة التوت في الوقت ذاته الذي كان ارييل شارون يشحذ سكينه. ان المبادرة العربية
التي اجمع عليها العرب سحقها شاورن لقد قلنا هذا الكلام فقالوا انه خطير، الان تحدث
الرئيس بوش ولم يأت في خطابه بكلمة واحدة عن المبادرة العربية، وانتهت المبادرة
العربية بهذه المبادرة ان مبادرة بوش تهدف إلى تقسيم العرب قسمين : معتدلاً
ومتطرفاً، كانه لا تكفينا المصائب التي حصلت لنا بعد اجتياح الكويت وحرب الخليج
وتداعياتها على الساحة العربية.
وتابع :" في الخطاب محاولة جدية وبارعة لتجزئة
القرارات الدولية تمهيداً لافراغها من محتوياتها، اين الامم المتحدة، اين القرارين
242 و 338 ؟ وحتى عندما تحدث عن خارج فلسطين، عندما تحدث عن القرار 425 و القرار
242. في اختصار، ما زلت عند رأيي ان الامن هو بند اول في التوافق السياسي.
سئل : ماذا عن
الضغوط على لبنان ؟
أجاب :" لقد تعودنا ذلك ولو كنا سنأخذ بهذه
الطروحات كنا ما زلنا في الفتنة اللبنانية اولاً وما زالت اسرائيل في ارضنا ثانياً،
ولم نكن قد توصلنا إلى شيء، عندهم ايمانهم ونحن عندنا ايماننا. اسرائيل موجودة في
ارضنا والتحرير واجب علينا وسنتابعه، وان موضوع سوريا هو موضوع لبنان، موضوع
الجولان لا ينفصل عن موضوع جنوب لبنان، وهذا الكلام قلته لكل المسؤولين الاميركيين
وغير الامريكيين، وهذا ما جرى بالتأكيد خلال لقائي مع الرئيس السوري الراحل حافظ
الاسد اكثر من مرة، وهو ان تحرير الجنوب مسؤولية سورية كما ان تحرير الجولان
مسؤولية لبنانية. وبالتالي فان المعركة لتحرير لبنان وسوريا هي معركة واحدة، اما ما
هو المطلوب ؟ فعليهم ان يطبقوا مبادىء مدريد والسلام الشامل، السلام ليس مجرد عقد،
بل مناخ.
حول المؤتمر الماروني :
سئل : ما هو موقفكم من المؤتمر الماروني
العالمي ؟
أجاب :" الحقيقة انني مغترب ابن مغترب، وفي
لبنان عالم الاغتراب ليس عالماً بسيطاً، لبنان الصغير يشكل قارة لا تغيب عنها الشمس
في شتى انحاء العالم. اما على الصعيد السياسي والبرلماني فلبنان له نواب ورؤساء
مجالس ورؤساء مجموعات برلمانية في 19 دولة، الامر الذي دفعني إلى تأسيس منظمة
البرلمانيين المتحدرين من اصل لبناني، وقد عقدنا مؤتمرين. ان المغتربين في الخارج
لبنانيون بعيدون عن الطائفية والمذهبية التي ابتلينا بها هنا، وهم يبنون مواقفهم
على اساس وطني لا طائفي.
أردت من هذا العرض ان اقول : كنا نامل ان نستنجد
بالانتشار اللبناني لالغاء الطائفية في الداخل لكن هذا المؤتمر ويا للاسف، اخذ
الجرثومة الطائفية إلى الخارج، وهو امر مخيف ويصادف اننا نخوض معركة الان، واخوضها
شخصياً، وهي معركة تلوث البيئة اللبنانية من المازوت. ولقد اوقفنا المازوت هنا فظهر
لنا المازوت في مثل هذه المؤتمرات، وهو يلوث البيئة اللبنانية في العالم.
أما على الصعيد القومي فنحن نصرح بأعلى صوتنا ان
الذي يحصل ضدنا حتى في الولايات المتحدة ليس خطأ فقط من سياسة الولايات المتحدة، بل
الخطأ الاول والثاني والثالث والرابع هو خطأ العرب. مشكلتنا نحن العرب اننا موجودون
باعداد كبيرة في الولايات المتحدة ونستطيع من فوائد الاموال العربية المودعة في
المصارف الاميركية، انشاء محطة تلفزة على غرار ال "سي.ان.ان". عربية المضمون
وانكليزية اللسان، لكي نؤثر ونغير المجتمع الاميركي. مرة اخرى اقول، ان فيتنام لم
تنتصر على الولايات المتحدة في سايغون، لقد انتصرت اولاً في واشنطن، ونحن نعول على
جاليتنا لهذه القضية القومية وخصوصاً الموارنة لانهم كانوا رواد القومية العربية من
بطرس البستاني إلى اليازجيين. ان الطرح الذي يطرح الان يجعل من هذا المؤتمر مؤتمراً
غريباً وهجيناً عن هذا الشعور القومي الذي كان يتحلى به الماروني دائماً وكان
رائداً فيه، ولا ننسى ان مثل هذه المؤتمرات قد عقدت قبل استقلال لبنان على مستوى
طوائف اخرى.
أضاف :" هذا الطرح يجعل المؤتمر غريبا وهجينا بدليل
الهجوم على سوريا، لقد تركز في الوقت الذي اقدمت سوريا بعد مجيء الرئيس بشار الاسد
على خطوات كثيرة في سبيل حلحلة الامر، من بينها اعادة الانتشار مروراً بالموقف
الاخير لها حتى في انتخابات المتن. وهذا الامر يجعلني اسأل : اين السياسة الاميركية
من مقررات هذا المؤتمر؟ وهل يعتقد الاميركيون انه اذا اتخذ الكونغرس الاميركي قرارا
الزم بموجبه الحكومة الاميركية مقاطعة سوريا، فسيضطر لبنان والعرب إلى المقاطعة؟ هل
يعتقدون ان العرب وصلوا إلى درجة انهم باتوا مقطوعين من شجرة. هذا الكلام ليس
تهديداً انما هو رد على التهديد. اما طلبي الوحيد نتيجة هذا المؤتمر فهو مناشدة
البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ان يصالح هذا الفريق مع لبنان
وليس مع سوريا فهؤلاء ليسوا ضد سوريا. بل ضد لبنان، وبالتالي ليس مطلوباً منهم ان
يتصالحوا مع سوريا، بل مع لبنان.
سئل :" ما هو موقفكم من العمليات الانتحارية
المسماة استشهادية، وإلى أي حد يمكن ان تستمر ؟.
أجاب : " دعني اصحح لك السؤال لأقول إلى أي
مدى ستستمر العمليات الاستشهادية التي تسمى انتحارية. هل مسموح قتل المدنيين
الفلسطينيين الابرّياء لا شيء محرماً الا وله علة، ان هذا الشعب وصل إلى مرحلة يضحي
فيها بنفسه و لم يتركوا له أي خيار ولا ننسى ان هذه العمليات الاستشهادية بدأت في
لبنان. بلال فحص ابن حركة امل هو الذي بدأ بهذه العمليات، وكذلك احمد قصير وحسن
قصير وغيرهم. وقد اقدمنا على ذلك لانه لم يعد لنا الخيار سوى ان نقاوم الالة
العسكرية الاسرائيلية الضخمة باجسادنا بعدما انتظرنا من العام 1978 حتى 1982
لينفذوا القرار 425 الصادر من اعلى هيئة دولية. وهو في المناسبة مشروع وضعته
الولايات المتحدة الاميركية بنفسها. لم يتركوا لنا أي خيار، فدفعونا إلى مثل هذه
العمليات، ان سبب العمليات الاستشهادية هو عدم احقاق الحق والعدالة فليحققوا السلام
الشامل والعادل، وعندها يرفض الجميع مثل هذه العمليات ".
|