كلمة
الرئيس نبيه بري
في رعاية الحفل
السنوي لتكريم مزارع التبغ النموذجي
رعى رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي الأحد
7/7/2002 الاحتفال السنوي في " يوم تكريم مزارع التبغ النموذجي " في ساحة الإمام
الصدر في مدينة صور، بحضور عدد من الوزراء والنواب ولفيف من العلماء ورجال دين،
وحشد كبير من الفاعليات السياسية والوفود الحزبية والسياسية والنقابية والبلدية
وآلاف المزارعين وعائلاتهم.
كما حضر الإحتفال رئيس إتحاد الفلاحين في سوريا على رأس وفد من الإتحاد.
بدأ الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد التبغ
الذي قدمته فرقة من مزارعي التبغ. تحدث أولاً رئيس إتحاد نقابات مزارعي التبغ
والتنباك في لبنان حسن فقيه، ثم تحدث رئيس نقابة موظفي وعمال إدارة حصر التبغ
والتنباك في لبنان فضل الله شريف.
كما تحدث رئيس الإتحاد العمالي العام غسان غصن.
وفي الختام كانت كلمة راعي الإحتفال دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي.
أبرز ما ورد في كلمة الرئيس بري:
-
إنّ زراعة التبغ جزء لا يتجزأ من المقاومة ومن
الإنتصار وهي مثلت زراعة الصمود بوجه الحرمان وكذلك الإحتلال والعدوان
الإسرائيليين.
-
أعترف بأن الواقع الإقتصادي الإجتماعي يزداد
سوءاً، ويستدعي أولاً وقبل كل شيْ إزالة جميع خطوط التماس الداخلية وإتخاذ الأهبة
الوطنية، بل إعلان حالة طوارىء اقتصادية.
-
أنّ الجميع هم في موقع المسؤولية عن الوضع والواقع
الراهن، موالاة أو معارضة.
-
إنّ إدارة حصر التبغ والتنباك استطاعت أن تضمن
صمود الناس في أرضهم في المناطق التي تحتلها إسرائيل، وان تحاصر محاولة إسرائيل
تحويل أبناء المنطقة الحدودية إلى قوة تشغيلية في المستوطنات؟
-
لن نسمح بتصفية زراعة التبغ، ليس لأنها الزراعة
المشتهاة أو التي يمكن للبنان المنافسة من خلالها، بل لأنها زراعة حلال وتمثل
عملاً أسرياً كاملاً عائلياً قامت بأود آلاف العائلات في لبنان منذ الاستقلال إلى
اليوم.
-
نطالب بتنفيذ توصية مجلس النواب في جلسته
الإستثنائية التي انعقدت في مدينة بنت جبيل بتاريخ 31/5/200 بزيادة محصول التبغ
مليوني كيلو في كافة المناطق، وإعطاء تراخيص للمزارعين غير المرخصين، والموافقة
على مشاريع قصيرة الأمد بإقامة مشاريع فرز في المنطقة المحررة والبقاع، وطويلة
الأمد، والموافقة على مشروع المصنع اللبناني السوري المشترك.
-
التأكيد على ثابت واحد هو بناء الثقة بلبنان
كضرورة لبنانية وعربية ودولية مستمرة، والتنبه إلى أنه لا يمكن تجسيد الثقة
بلبنان دون بناء الثقة بالدولة.
-
إنّ إسرائيل ماضية في مخططها لجعل حياة
الفلسطينيين في الأرض المحتلة غير محتملة وغير ممكنة وهي تقدمت بمشروع سري للسلام
إلى الرئيس بوش يقول أنه بعد 15 سنة يمكن أن يبحث في سلام على 49% من أرض الضفة
الغربية ويسعى الآن إلى ترهيب الفلسطينيين بكل الوسائل الممكنة وبالتالي دفعهم
إلى التحول إلى موجات جديدة من النازحين واللاجئين.
-
إنّ لبنان وكل الدول العربية، خصوصاً دول الجوار
الإقليمية لفلسطين ليست بمنأى من تشظي القضية الفلسطينية.
-
إنّ إسرائيل لم تغير سياسة العدوان والتهديد
التقليدية ضد لبنان، ولم تتخل أساساً عن أطماعها في لبنان ولا عن رغبتها في
الإبقاء على لبنان، كمشوه حرب وكمعاق إقتصادياً، لتلغي إمكانية قيامه كمنافس
محتمل للنظام الإقليمي الذي تسعى الولايات المتحدة لإحلاله، كما تبين بكل دقة في
الخطاب الشرق أوسطي للرئيس الأميركي بوش.
-
إنّ إسرائيل لن تنسى هزيمة مشروعها في لبنان ولا
إندحار جيشها عن معظم أرضنا المحتلة، وهي ستسعى دائماً للإنتقام من لبنان ومن
المقاومة في لبنان، ومن سوريا في لبنان ومن سوريا في سوريا.
-
لا أحد يملك حق التفرد بالقرارات المتصلة بالمصلحة
الوطنية العليا وكذلك حق الفيتو على تلك القرارات.
نص
الكلمـــة كاملاً
:
بسمه تعالى
للذين منحهم الله نعمة ان يروا بأم العين زهرة
الحنين، في اللحظة التي تتفتح على اعلى ( طربونة ) شتلة التبغ.
للذين لا يلفهم ابد النعاس، ويحرسون مواطن الحلم في
طريق يطول بين منازلهم وحقولهم، وليس الا وحدهم وقمر مرتجف في حلكة ليل يلف بالخوف
بقية الاشياء.
للذين نعانق الصباح على ايديهم ونلبس وجوههم ونحن
ندخل بوابة الحياة، حتى لا تأكل روؤسنا المدن، وحتى لا نخاف على انفسنا واوطاننا،
وحتى نضحك من قلوبنا، ونحزن من قلوبنا ونحن نقول كلمتنا من القلب الى القلب.
لرجال التبغ الذين يسهرون ملء العين وهم يحرسون
حدودنا وكبوتنا وغفلتنا وصحونا. الرجال الذين يحلفون على كتاب التـراب وعلـى الورد
وعلى العطش، ان لا يقفـوا على شواطـىء الترحال، الذين لم تكسرهم الوان الهم الطويل،
الذين لم يغلبهم الحرمان على امرهم، الذين لم يطوعهم الاحتلال، الذين صبروا وصمدوا
ورابطوا على امتداد الحدود من الناقورة الى العرقوب، الذين انغرسوا في حقولهم في
عمق الجنوب، الذين لم تغرهم، المدن ولم يغادروا خيطان غلالهم ولا ( بنادك ( مواسمهم
في حقول الشمال والبقاع.
لرجـال التبـغ الـذين صبـروا على فـراغ اكفهم الا من
( العاتول )، والذين صبروا على شتاء الشتاء وصاروا يشعلون احطاب عواطفهم ليدفئوا
عوائلهم، والذين صبروا على صيف الصيف وهم لازالوا ينتظرون ( ماء المشروع )، والذين
صبروا منذ الاستقلال الى اليوم وهم ينتظرون تفسير البيانات الحكومية، ولازالوا على
حالهم، في عيونهم توق الى الماء، وفي المناسبات الوطنية توق الى تفسير الامنيات،
وفي امسياتهم لهف لملء الفراغ بالوعود الصادقة المناسبة.
لنساء التبغ اللواتي يعجنّ الوان النهار في هدأة
الليل، اللواتي يجمعن اشتات الذاكرة كلماتنا المبعثرة الهاربة فتعود الى لغتنا
رونقها والقها.
لأمهات التبغ اللواتي يحرسن ليلنا واحلامنا بدعائهن،
ويدفئن بردنا بجمرات اعينهن، ويغطين خجلنا بمناديلهن، ثم يقمن من ولادتنا والسهر
علينا الى السهر على غدنا، فيسلكن الدرب الى ليل القطـاف، ويفتحن الاكف على الفجر
بعد ليل عشر، ثم يعدن وهن محملات بغلال الحواكير، ويكتبن بأقلام الميابر حكاية
المواسم، وينشرن علىالخيط غسيل اعمارهن.
لأمهات التبغ الصابرات على النهارات التي تمضي دون
ان تضحك لهن عيون الصور، ودون ان يسترحن ودون ان ينعكس الوقت في قلوبهن.
ولأبناء التبغ الذين كبروا بين المساكب والمشاتل بين
العـاتول والشتلة، وبين المنشر والبندك، وبين الرصاصة والقذيفة، وبين اللغم
والغارة، والذين تقدموا جيلاً بعد جيل ليصيروا مدار ورشة الوطن التي كتبت عصر
المقاومة، وليتعلموا رغم القلة والحرمان والاحتلال، ولتزهو قراهم وليتباهى اباؤهم
وامهاتهم، بان ابناءهم تقدموا الصفوف في جميع اختصاصات التعليم العالي، ولتفخر
منطقة الحدود بصفة خاصة بأن ابناء التبغ يحتلون مواقع المسؤولية في النقابات
القطاعية، وان اعلام لبنان المحلقة في سماء الطب وفي سماء القصيدة والمسرح
والموسيقى والاغنية الملتزمة، هم بضع فلذات اكباد الحواكير، وان اعلام المقاومة
الخفاقة على ثغور الحدود هي قطاف اجساد ابناء التبغ الذين زرعوا اجسادهم في الارض.
لرجال وامهات وابناء التبغ في كل جهات الوطن،
ولنقابات مزراعي التبغ والتنباك وادارة حصر التبغ والتنباك في يوم عيدهم السنوي الف
تحية وبعد.
من دواعي فخري وسروري ان استمر كل عام في رعاية هذا
العيد السنوي، رغم انني اتهيب الوقوف في مناسبتين الاولى يوم الوفاء للامام الصدر
في كل عام، والثانية هي هذا العيد السنوي، وذلك ليس لأن في المناسبات الاخرى لا
اقول ما يستوجب القول، او لأني استطيع ان انجو بنفسي من استحقاقات ضاغطة فأهرب الى
الامام نحو عناوين اخرى، ولكن لأن الكلام في هاتين المناسبتين هو كلام موجه بصفة
خاصة الى قطاعين من ابناء الوطن، الاول ابناء حركة " امل " الذين يترتب عليهم
مسؤوليات وطنية خاصة يفرضها الميثاق والالتزام بالقسم وبأدبيات مؤسس هذه الحركة
الامام القائد السيد موسى الصدر، والثانية قطاع مزارعي التبغ الذين احتلوا موقعاً
اساسياً في حركتنا السياسية، ولأن زراعة التبغ مثلت ولاتزال تمثل زراعة الصمود بوجه
الحرمان، وكذلك الاحتلال والعدوان الاسرائيليين.
وعليه، فإنني اليوم ومن على منبر مصطفى العشي ومحمد
الجمـال وعقيل الدعبول شهداء انتفاضة التبغ في بنت جبيـل عام 1936، ومن على منبر
حسن حايك ونعيم درويش شهداء انتفاضة التبغ عام 1973، وايضاً من على منبر نقابات
مزارعي التبغ التي تشكلت طلائعها عام 1931، ومن على منبر ادارة حصر التبغ والتنباك
التي تحاول رغم التعامي الحكومي ان تثبت انها تستطيع ان تكون من ركائز الخزينة
اللبنانية، من على هذا المنبر اقف كمسؤول امامكم لا عنكم، لأعترف بأن الواقع
الاقتصادي - الاجتماعي يزداد سوءاً، وبات يستدعي عدم المكابرة والتجاهل، بل يستدعي
الصراحة في الاعتراف، والصراحة في توليد الافكار الهادفة، ويستدعي اولاً وقبل كل
شيء ازالة كل خطوط التماس الداخلية، واتخاذ الاهبة الوطنية، بل اعلان حـالة طوارىء
اقتصادية.
واقول بصراحة مطلقة ايضاً ان الجميع هم في موقع
المسؤولية عن الواقع الراهن، موالاة او معارضة، سواء الذين حملتهم اصوات الناخبين
الى الندوة البرلمانية او الذين يعتبرون انفسهم خارج واقع التمثيل البرلماني
كخاسرين او كمعترضين، او الذين كانوا في العهود السابقة يغتصبون ارادة الشعب. الذين
في الحكومة اليوم والذين كانوا هم الحكومة بالامس، او الحكومات في عهود سابقة،
الذين يقفون على يمين او يسار السلطة والذين كانوا هم انفسهم في موقع القلب منها،
الذين هم خارج السلطة ومسؤولياتها اليوم وكانوا هم السلطة في السابق ومارسوا دور
الحاكم والجلاد.
اقول ان الجميع هم في موقع المسؤولية عن الواقع
الراهن، ونحن نتحدى ان يستطيع احد الادعاء بانه لم يشارك في تفسير الحلم اللبناني
بوطن مزدهر بكابوس ثقيل ضاغط على صدر مواطنيه.
ومن تراه يستطيع الادعاء بأنه غير مسؤول عن واقع
العجز الراهن ؟ ومن تراه يستطيع الادعاء بأنه كان الاستثناء في توظيف اموال الدولة
المناسبة في المكان المناسب ؟ ومن تراه يستطيع الادعاء بأنه كان اعلم من سواه في
ترتيب الاولويات والمصالح ؟ ومن تراه يستطيع الادعاء بأنه كان فوق الطائفية
والمذهبية والفئوية والمناطقية في الاستثمار من اجل المصلحة العـامة ؟ ومـن، ومـن،
افيدوني، افادكم الله.
من تراه يستطيع ان يخلط الامور على مزارعي التبغ
مثلاً ويدير ظهره للجدوى الاقتصادية والسياسية لتحركهم من اجل لقمة عيشهم، ولرفض
الاحتكار والانتداب، وبعد الاستقلال من تراه خلال العهود السابقة يستطيع ان يدعي
انه لم يجعل من ظهر المزارعين مركباً للمنتفعين، وانه لم يمنح الرخص الى ابناء
العائلات والمحاسيب والازلام، ويتجاهل مثلاً انه كان يرى المزارعين وهم يقفون على
ابواب مالكي الارض والرخص الذين اقتسموا مع المزارع تعبه طيلة ثلاثة عشر شهراً من
كل سنة.
ثم من تراه يستطيع خلال سنوات المقاومة والصمود
والضيق الاقتصادي، ان يتجاهل ان ادارة حصر التبغ والتنباك التي سلكت طريقاً
تصحيحياً في العلاقة المباشرة بين الدولة والمزارع، استطاعت ان تضمن صمود الناس في
ارضهم في المناطق التي كانت تحتلها اسرائيل، وان تحاصر محاولة اسرائيل تحويل ابناء
المنطقة الحدودية الى قوة تشغيلية في المستوطنات ؟
ثم وبدل ان تماشي وزارة المالية خلال الحكومات
المتعاقبة في العهد الجديد او عهد ما بعد الطائف وان تواكب مشروعات الادارة، تراها
تنفذ خطة ممنهجة لتصفية زراعة التبغ، وكأنها اقتنعت بدراسة سخيفة صادرة للاسف
بالتعاون مع هيئة حكومية ترى ان لا جدوى اقتصادية من الاستمرار في هذه الزراعة.
ترى هل كان مصادفة رفع الرسوم الجمركية على التبغ
ومنتجاته اربعاً وثمانين بالمئة دفعة واحدة رغم تحذيراتنا ومناشداتنا للحكومة تلو
الحكومة للتراجع عن هذا القرار لأنه ادى ويؤدي الى نتائج عكسية ؟
هل ان من قبيل المصادفة اعتماد وزارة المالية منذ
عام 1993 سياسة تحويل العائدات من الرسوم الجمركية، تاركة لادارة حصر التبغ
والتنباك ما لا يكاد يكفيها لشراء الموسم السنوي لهذا العام ودفع الرواتب ؟
هل من قبيل الصدفة ان يتواصل التفريغ المستمر
لهيكلية إدارة الحصر من الموظفين الذين انخفض عديدهم من أربعة الاف وخمسماية عام
1974 الى الف وثلاثماية وخمسين في العام الحالي ؟
هل من قبيل الصدفة تجميد جميع المشاريع التي تقدمت
بها ادارة الحصر لتنظيم زراعة التبغ عام 1993، وانشاء صناعة وطنية للتبغ عام 1994،
ومشاريع تصنيع محلية لاصناف عالمية والمكننة الشاملة لهذه المؤسسة ؟
هل من قبيل الصدفة التذرع دائماً بضرورة خصخصة
الصناعات التبغية، علماً عندما وافقنا على الخصخصة بشروط المزارع والاراضي تراجعوا
عن الخصخصة فإذا توفر القطاع الخاص لمصلحة المزارعين ولمصلحة الارض لماذا نهرب حتى
من الخصخصة ؟
هل من قبيل الصدفة اختصار صلاحية ادارة الحصر بتصريف
الاعمال وقيام وزارة المالية بوضع اليد على اصغر التفاصيل ؟
هل من قبيل الصدفة عدم السماح باتخاذ الاجراءات
للسير قدماً بمشاريع تقدمت بها ادارة الحصر ووافقت عليها وزارات سابقة، ومنها انشاء
مصنع معسل في طرابلس ومشاريع التصنيع بموجب اجازة في بكفيا ؟
هذا غيض من فيض في موقع انتاج وطني واحد. فهل كل ما
تقدم هو من قبيل الصدفة، افيدونا افادكم الله ؟
وفي هذا القطاع وقبل العودة الى واقع الازمة
الاقتصادية والمسؤولية والمعالجة، لا بد من التأكيد على اننا لن نسمح بتصفية زراعة
التبغ، ليس لأنها الزراعة المشتهاة او التي يمكن للبنان المنافسة من خلالها، بل
لسببين :
أولاً
: انها زراعة حلال يكسب من خلالها
العاملون فيها تعبهم بعرق جبينهم، وهي تمثل عملاً اسرياً كاملاً قامت بأود الاف
العائلات في لبنان منذ الاستقلال الى اليوم.
ثانياً :
ان لبنان شهد تصفية ممنهجة للحرير ولم نلمس اي بدائل منذ الاستقلال لتلك الزراعة
الصناعية.
ثالثاً :
لان المزارعين كانوا الاسرع في الاستجابة لالغاء الزراعات الحرام على امل ان يكافأ
لبنان على انه بلد نظيف من تلك الزراعات، الا ان الاموال صرفت على والوفود وشم
الهواء بينما ل ايجد المزارعون من يرد عنهم غائلة البرد في البقاع، او يقوم بقوت
عائلتهم من خلال زراعات بديلة محسوسة.
رابعاً :
لأننا نعرف ان تصفية هذه الزراعة دون بديل عملي هو خدمة جلى وخاصة لاسرائيل وللعوز
في لبنان.
وعليه، فإننا نطالب بدل صرف الجهد على محاولة وضع
اليد على ادارة الحصر بأن تبادر الحكومة الى تنفيذ توصية مجلس النواب في جلسته
الاستثنائية التي انعقدت في بلدة بنت جبيل بتاريخ 31/5/2000 بزيادة محصول التبغ
مليوني كيلو في كافة المناطق، واعطاء تراخيص للمزراعين غير المرخصين، والموافقة على
مشاريع قصيرة الامـد باقـامة مشاريع فـرز فـي المنطقة المحررة والبقاع، وطويلة
الامد بينها مشروعات موضوعة في ادراج الوزير المختص والحكومة، والموافقة على مشروع
تبادل المنتوجات التبغية اللبنانية - السورية، والموافقة على مشروع المصنع اللبناني
- السوري المشترك.
اخيراً، في موضوع التبغ لا حاجة للتنويه بأن ادارة
الريجي قامت بشق النفس بتأهيل مؤسساتها الواحدة تلو الاخرى، واستطاعت ان تتحمل
العبء المالي الهائل دون الحاجة لسلف اضافية وتمكنت من رفع مستوى انتاجها الوطني
ليصبح في الدرجة الثانية، وقيامها بحملة لمساعدة المزراعين في مكافحة الامراض التي
عصفت بالزراعات التبغية.
واخيراً، وحديثاً، نهنىء الادارة لتمكنها من ربح
الدعوى لدى المركز الدولي للتحكيم في القاهرة والتي وفرت علىالخزينة نحو 40 مليون
دولار اميركي.
ايها الاعزاء
وبالعودة الى واقع الازمة الاقتصادية - الاجتماعية
المتفاقمة. فإن الواجب يحتم على الجميع التطلع الى المصلحة الوطنية بعيون المسؤولية
الشاملة، ووقف كل عمليات تصفية الحسابات السياسية والحروب الصغيرة على محاور
العناوين القائمة او المفتعلة، والاحتكام الى مصلحة الشعب ومصلحة الخزينة، حتى
الاقتراحات التي نتقدم بها للمزارعين ولمصلحة الادارة لو كانت ضد الخزينة لوقفنا
ضدها ولكننا نعلم انها لمصلحة الخزينة والشعب،والتأكيد على ثابت واحد هو بناء الثقة
بلبنان كضرورة لبنانية وعربية ودولية مستمرة، والتنبه الى انه لا يمكن تجسيد الثقة
بلبنان دون بناء الثقة بالدولة، الدولة التي لا يمكن ان تتلخص بفرد او حزب او فئة
او طائفة، الدولة التي تحترم ادوارها والدولة التي تتجسد في القانون اولاً ،وعدم
اساءة استعماله او التعسف في استعماله ثانياً، ثالثاً الدولة التي تتجسد في
المؤسسات.
اني اوجه عناية الجميع الى المنطقة ولبنان في قلبها
وليس على اطرافها، لبنان اليوم على منظار التصويب، وهناك محاولة تجري لتجريم الضحية
وتحويل مجرمي الحرب والجلادين الاسرائيليين الى انبياء سلام بالقفز على الحقائق
التاريخية والجغرافية وبالتصرف في الحقوق.
ان اسرائيل ماضية في مخططها لجعل حياة الفلسطينيين
في الارض المحتلة غير محتملة وغير ممكنة، وترهيبهم بكل الوسائل الممكنة وبالتالي
دفعهم الى التحول الى موجات جديدة من النازحين واللاجئين.
ان لبنان وكل الدول العربية خصوصاً، دول الجوار
الاقليمية لفلسطين ليست بمنأى من تشظي القضية الفلسطينية.
كما ان اسرائيل لم تغير سياسة العدوان والتهديد
التقليدية ضد لبنان، ولم تتخل اساساً عن اطماعها في لبنان ولا عن رغبتها في الابقاء
على لبنان كمشوه حرب وكمعاق اقتصادياً، لتلغي امكانية قيامه كمنافس محتمل للنظام
الاقليمي الذي تسعى الولايات المتحدة لاحلاله، كما تبين في الخطاب الشرق اوسطي
للرئيس الاميركي بوش.
ان اسرائيل لن تنسى هزيمة مشروعها في لبنان ولا
اندحار جيشها عن معظم ارضنا المحتلة، وهي ستسعى دائماً للانتقام من لبنان ومن
المقاومة في لبنان، ومن سوريا في لبنان ومن سوريا في سوريا.
وعليـه، فإن متطلبات شعبنا وتوسيع خياراته وتمكينه
اقتصادياً، والوقائع السياسية الضاغطة تقتضي ترسيخ الوحدة الوطنية اولاً، وتستدعي
بناء اجماع وطني حول السياسات الاقتصادية والمالية ووسائل ادارة تلك السياسات، وهو
ما يفرض على المعارضة قبل الموالاة التكتل.
كما ان هذا الامر يفرض على الحكومة ترتيب الاولويات
من المواقع التي تؤمن واردات للخزينة وليس توظيفات مالية على حساب الخزينة التي تئن
وتتألم بدون ولادة.
ان المطلوب بناء جسور من علاقات الثقة الانسانية
الداخلية المتبادلة، فقد سبق وتقطعت الجسور والطرقات عندما اصبحنا مطية للاتهامات
والعصبيات والانانيات والهواجس والمخاوف، وعندما انتصرت الطائفية على الديموقراطية.
ان هذه الثقة تصنعها سياسات اقتصادية واجتماعية
وثقافية ودفاعية، تتشارك جميعاً في صنعها ولا يملك احد في اطار هذه السياسة حـق
الفيتو على القرارات المتعلقة بالمصلحة الوطنية العليا، وكذلك لا يملك احد حق
التفرد بالقرارات المتصلة بالمصلحة الوطنية العليا.
ان الوطن والمواطن والمواطنية والعاصمة والحدود
والمقاومة والحريات العامة والبيئة والصحة والتربية والامن، بكل معانيها القومية
والدفاعية والاجماعية هي عناوين لا يمكن السماح لاحد باللعب بنارها او تلويثها.
اقول كل ما تقدم لأنني اشعر انه كلما ضغطت الازمات
يزداد التوتر، وبدل ان تتشابك ايدينا بأيدي بعضنا نهرب الى عناوين محلية كما حدث
سابقاً، وفي مسألة تحويل سلسلة الرواتب والرتب، وكما حدث لاحقاً في مسألة التعيينات
الادارية، وكما يحدث اليوم في مسألة الخليوي والمازوت وجسر الاوزاعي والمرامل
والكسارات غداً والمؤتمرات.
رغم اننا قلنا ان المازوت سيمنع وسوف يمنع وان
التعويض الكامل سيطال جميع السائقين واصحاب السيارات، رغم كل هذا ما زلنا ( نعمل
مشاكل ) على موضوع الصحة وحتى على الموت لا نخلو من الحسد.
ورغم ذلك يبدأ التطبيل والتزمير والتغميس خارج الصحن
وتصعد الى السطح التعبيرات وما يختزن في النفوس.
ايها الاعزاء
لا بد من القول ان التنمية الشاملة والمستدامة تتطلب
من الحكومة التعرف الى مجالات الاستثمار الفضلى، ومنها في الوقت الراهن زراعة التبغ
وزيادة مساحة هذا القطاع بشرياً، وزيادة المساحات المزروعة وكميات الانتاج، بما
يسمح بإنعاش الوضع الاقتصادي للناس، ولو بدعم من الدولة يمكن ان توفره ادارة الحصر
دون المساس بالخزينة وعائداتها، فيما لو تمت الموافقة على مشروعات تلك الادارة،
وبما يؤدي الى توفير المزيد من فرص العمل خصوصاً في الشمال والبقاع والجبل والجنوب،
وهذا الامر يشمل ايضاً مختلف الزراعات التي تتطلب همة من استصلاح الاراضي وفي انشاء
الطرق الزراعية وزيادة المساحات المروية.
اخيراً، رغم كل الوقائع المحلية، فإنكم ايها الاعزاء
وحدكم الذين تعملون في ليلكم ونهاركم بعيداً عن اعين الحسد حتى للقمتكم الممزوجة
بمر مرارة التبغ، ووحدها الميابر في ايدي نسائكم هي التي تشك الغمام والقلق،
وتفاصيل الحكايات عن الذئاب التي ترقد في فراش كهولتنا لتغتال احلامنا وتعبنا
ومستقبل ابنائنا، ووحدها اياديكم الخضراء التي تعدو في شرايينها افراس الانهر
والينابيع، والتي تفتح اكفها على الحواكير المزدهرة هي التي ستصنع الفرح الذي لن
يخذلنا كلما اقتربنا اليه، وهي التي ستفسر احلامنا بربيع لبنان.
عشتم
عاش لبنان
وإختتم الحفل بتوزيع الهدايا والجوائز على المزارعين
المكرمين الأوائل.
|