بدأت صباح الأربعاء 11/7/2001 أعمال الدورة التاسعة والثلاثين الطارئة لمجلس الاتحاد البرلماني العربي، في صنعاء والمخصصة لدعم الانتفاضة الفلسطينية، وسط اجواء اجماع على تقديم كل الدعم لهذه الانتفاضة، والتضامن مع لبنان وسوريا في مواجهة التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية .
وسبق جلسة العمل الاولى اجتماع تشاوري لرؤساء الوفود العربية المشاركة في المؤتمر عقد ليل الثلاثاء - الأربعاء واجتماع آخر عقد في جناح رئيس المجلس النيابي اللبناني الاستاذ نبيه برّي في فندق " شيراتون " في العاصمة اليمنية، مع رئيس الاتحاد البرلماني العربي عبد القادر بن صالح تم في خلاله البحث في اجواء اعمال الدورة وجدولها .
وسادت اجتماع رؤساء الوفود اجواء التعاون وغابت عنه الخلافات .
وبرر تدخل الرئيس برّي داعماً دخول مجلس الشورى السعودي إلى الاتحاد، لأنه يعطي قوة ودفعاً لمقررات الدورة . فوافق المجتمعون على طرح الرئيس برّي بعدما لاقى الاستحسان .
وأوضح الرئيس برّي ان الدورة ستنتهي بمقررات لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني، واعتبر اجتماع رؤساء الوفود نصف أعمال الدورة التي ستنتهي ببيان ختامي يؤكد على دعم لبنان وسوريا في وجه التحديات الإسرائيلية، وتأييد لبنان في مقاومته حتى تحرير كامل أراضيه بما في ذلك مزارع شبعا، وكذلك التضامن مع سوريا لاستعادة الجولان حتى حدود الرابع من حزيران .
جلسة الافتتاح
ألقى رئيس الاتحاد البرلماني العربي عبد القادر بن صالح كلمة دان فيها التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان وسوريا، وقال " إننا نستنكر أيضاً الاعتداءات على المواقع السورية، ونؤكد تضامننا مع البلدين الشقيقين "، ورحب بانضمام مجلس الشورى السعودي للاتحاد البرلماني العربي. وانتقد سياسة الكيل بمكيالين في ما خص عملية السلام في الشرق الأوسط .
جلسة العمل الأولى
وفي الحادية عشرة والنصف، بدأت جلسة العمل الأولى، وطلب رئيس الوفد الأردني مروان دودين تقديم طلب انضمام مجلس الشورى السعودي إلى الاتحاد، وتكلم رئيس الوفد السوري نائب رئيس مجلس الشعب عبدالله موصللي، فنوه بموقف الرئيس برّي في هذا المجال، والذي عبر عنه في اجتماع رؤساء الوفود، مشيراً إلى اانضمام مجلس الشورى السعودي إلى الاتحاد يعطي قوة ودفعاً لقرارات المؤتمرين لدعم الانتفاضة، فأيده رئيس الوفد المصري رئيس لجنة الشؤون العربية في مجلس الشعب أحمد أبو زيد، فوافق المؤتمرون وسط تصفيق الوفود .
وألقى رئيس مجلس الشورى السعودي محمد بن جبير كلمة شكر فيها الرؤساء وأعضاء الوفود البرلمانية العربية، مؤكداً على وحدة الصف العربي .
ثم تحدث تباعاً مساعد الأمين العام اجامعة الدول العربية سعيد كمال، والأمين العام لاتحاد برلمان منظمة الدول الاسلامية ابراهيم عوف، وتلى ذلك كلمات رؤساء الوفود، حيث تكلم تباعاً رئيس الوفد الاردني دودين معلناً تأييده للانتفاضة التي اعتبر انها اسقطت نظرية الأمن الإسرائيلي .
ودعا رئيس المجلس الوطني في دولة الامارات المتحدة محمد خليفة بن حبتور إلى تشكيل محكمة دولية لمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون .
وشدد رئيس الوفد التونسي محمد الطرودي على ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ودعا إلى استعمال سلاح الاقتصاد .
وأكد رئيس الوفد الجزائري عزالدين بو حملة على دعم الانتفاضة معلناً ادانته للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان وسوريا.
جلسة العمل الثانية
ألقى رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه برّي كلمة في خلال الجلسة الثانية المسائية الأربعاء 11/ 7 /2001 لاجتماع مجلس الاتحاد البرلماني العربي المنعقد في صنعاء في دورته التاسعة والثلاثين الطارئة، هذا نصها :
لـ"اروى " المرأة - الارض التي من الق عينيها بدأ الوقت والعشق والصوت.
لقمح " سنوان " الذي يقول الخبز لعرق جبين الفلاحين.
لـ " ريا " التي تقتل بلحاظها الرهيفة وهي تقرأ اعمار العشاق المحاربين.
لـ" صنعاء " المكتوبة على بساط الارض المضيئة منذ سبعة الاف سنة، المسورة بسبعين مئذنة، المحروسة بسبعة من جبال " الطيال ".
لـ " صنعاء " بطلتها الجندلى، وقامتها الفرعا، بخضرتها الكحلى، بنكهة بوحها، بريا روابيها، بعطرية مراعيها.
لـ " اليمن " لخزامى الجنوب وكرم الشمال، لقهوتها التي تفتتح الصباح، وعسلها الذي يرد الروح.
لـ " اليمن " لعيون زرقائها، وشبابيك مائها، وحنين شمسها، وكتاب مكانها، وعتبات زمانها، لكهوف اسرارها في صدر " غيمان "، لاساطيرها التي لا تنعس.
لـ " اليمن " التي يقودنا اليها ( سهيل )، النجم العاشق لتخومها لعل ايادي ( سبأ ) التي تفرقت ذات يوم عنـدما يبست شفــاه الريح وانكسر ( السد ) من رعشة الماء، تعود الى الاجتماع ابتداء من هذا اللقاء.
لـ " اليمن التي تجمعنا على اسم فلسطين، ولكـم ايهـا الزملاء تحيــة لبنــان وبعد،
اتوجه اولاً بالشكر الخالص لدولة الاخ عبدالله بن حسين الاحمر رئيس مجلس النواب في الجمهورية اليمنية الشقيقة والمجلس الكريم، على استضافتهم اعمال هذه الدورة الطارئة التي تنعقد بعنوان انتفاضة فلسطين.
كما اتوجه بالشكر الخاص لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح، على رعايته السامية لاعمال الدورة التاسعة والثلاثين الطارئة لمجلس الاتحاد البرلماني العربي، وفخامته شخصية عربية تميزت بأصالتها ونخوتها وحميتها تجاه قضايا الامة وتجاه كل ما يهدد مصالحها، وكذلك بدعوته وعمله المستمر من اجل رفع درجة التنسيق والعمل العربي المشترك الى مستوى التضامن الحقيقي.
وبداية اسجل باسم الشعبة البرلمانية اللبنانية ترحيبنا بأنضمام مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية الى الاتحاد البرلماني العربي، وهو امر نرى فيه قوة للاتحاد واهدافه النبيلة في تعزيز اواصر العلاقات العربية وتمتينها وتعميقها بما يخدم قضايا الامة.
دولة رئيس الاتحاد الاخ عبد القادر بن صالح
دولة رئيس مجلس النواب في اليمن الشقيق الاخ عبدالله بن حسين الاحمر
اصحاب الدولة
الزملاء النواب
ان نأتي الى اجتماع استثنائي بعنوان دعم الانتفاضة ولو متأخرين افضل من ان لا نأتي.
لقد سبق وبعثت برسالة الى الاخ رئيس الاتحاد خلال الاشهر السابقة اطلب فيها انعقاد مثل هذا الاجتماع، الا ان ظروفاً مختلفة حالت دون ذلك مع تقديري للاجتماعات التي عقدت في نيويورك وهافانا لهذه الغاية.
وكنا من جهتنا في لبنان الذي يقع على خط تماس الجغرافيا والتاريخ مع قضية اشقائنا في فلسطين، نرى ان التحديات المفروضة على الشعب الفلسطيني، وكذلك التهديدات والاعتداءات على لبنان وسوريا، تستدعي تجاوز اي ظروف او عراقيل لاجتماعنا ان وجدت، وتستدعي تجاوز مواقف الحكومات العربية الى تحمل مسؤولياتنا من مواقفنا البرلمانية تجاه شعوبنا.
وبصراحة كاملة اقول انني اصبت بالاحباط مرتين :
الاولى : لأننا في الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس الاتحاد التي انعقدت في ابوظبي، اتخذنا جملة قرارات وتوصيات من جملتها مبادرة البرلمانات العربية الى تحفيز الشارع العربي لاعتبار يوم الثامن والعشرين من اذار موعد انعقاد القمة العربية يوماً من اجل فلسطين، وقد ذكرت رئاسة الاتحاد والامانة العامة للاتحاد بذلك، وحاولت انطلاقاً من لبنان تجسيد هذا القرار في الواقع العملي، ودعونا يوم التاسع عشر من اذار الى اجتماع وطني حاشد في المجلس النيابي اللبناني، ضم الاحزاب والنقابات والاتحادات ومؤسسات الرأي العام الثقافية والاعلامية والنقابات والاتحادات والمنظمات الشعبية، من اجل اطلاق فعاليات وانشطة شعبية متنوعة ترافق انعقاد القمة العربية، الا اننا وبصراحة خذلنا حتى في بيروت وكان هناك مجرد مبادرة خجولة في الجنوب انتهت الى تجمع لتبادل الخطب.
وكان الاشد ايلاماً لي، ان اي فعالية لم تجر في اي من العواصم العربية، وان البرلمانات العربية اشاحت بوجهها عن وضع آلية عملية لقرار معقول لا يهر العروش ولا يربك النظام العام في اي قطر عربي بجعل انعقاد القمة العربية بعداً شعبياً بمواجهة العدوانية الاسرائيلية المتصاعدة.
المرة الثانية التي اصبت فيها بالاحباط، كانت ان مواقف بعض الحكام والحكومات العربية تقدمت على مواقف البرلمانات، وهذا برأيي ظاهرة غير صحية، وتعبر عن تراجع دور الاتحاد والبرلمانات تجاه القضايا العربية وفي الطليعة قضية فلسطين.
وقد قلت هذا الامر علىمختلف وجوهه وادركت ان فتور الحماس الشعبي مرده الى سببين سأعلنهما صراحة (وامري الى الله)
الاول : الكيانية التي حكمت المسار الفلسطيني من ادارة المفاوضات حول الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في اوسلو دون اي اعتبار للمرجعيات العربية ولوجدان الشارع العربي وحتى الفلسطيني.
ومنذ اوسلو كان ما يجري اندفاعاً منفرداً خارج المسؤولية العربية تجاه القضية الفلسطينية.
ان اوسلو واستتباعاتها ومفاوضات ( واي بلانتايشن ) و(شرم الشيخ) وسواها في ما بعد، جردت القضية الفلسطينة من عمقها الشعبي العربي، وحافظت على نوع من العلاقة القلقة والمشككة بين السلطة الفلسطينية وغير دولة عربية.
واقول بصراحة انه كان لانفراد السلطة الفلسطينية الاثر السلبي على لبنان في عز مقاومته، وعلى سوريا التي رفضت ان تنال مطالبها من رابين على طبق من ذهب على حساب اماني الشعب الفلسطيني.
وربما قد يعرف بعضنا او يحرف بعضنا او يتذكر بعضنا او ينسى بعضنا ان سوريا في الطليعة ومعها لبنان اشترطا سلاماً عادلا " وشاملاً مبنياً على قرارات الامم المتحدة يحرر الاراضي العربية ويؤمن الحقوق الفلسطينية.
ورفضا جميع محاولات الترغيب والترهيب حرصاً على الشعب الفلسطيني.
انني فيما تقدم لا اهدف الى التجريح، انما استعمل حقي في ابداء الرأي حرصاً الان وفي المستقبل علىادارة مواقفنا وقراراتنا من منطلق المسؤولية الجماعية العربية تجاه قضية فلسطين.
الامر الثاني الذي ادى الى فتور حماس الشارع العربي، هو ان الحكومات العربية حكمت الموقف العام من الانتفاضة الى امكانية العودة الى المفاوضات على المسار الفلسطيني، ورفضت ان تعترف او ان تعي ان صعود شارون الى سلطة القرار الاسرائيلي عبر عن انقلاب ابيض في الكيان الصهيوني، وليس عن مجرد نتائج انتخابات جرت بين جنرال اليسار باراك وجنرال اليمين شارون.
دولة الرئيس
اصحاب الدولة
الزملاء الكرام
ترى ماذا نواجه الآن ؟
دائماً نفرح بالانتصارات الصغيرة ونضخم الدلالات، وكأننا وصلنا الى نهاية المطاف.
توقفنا نحن العرب كثيراً امام عرض محطة الـ BBC لفيلم المتهم وامام قبول احد المحاكم البلجيكية بالدعوى على شارون كمجرم حرب ؟
هل يكفي ذلك ؟
هل ان شارون سيعيد النظر بتاريخه ويسلك خيارات اخرى غير دموية ؟
اجيب على ذلك بالقول اننا في لبنان نملك دليلاً ولا اقوى على الشخصية الاجرامية التي يمثلها شارون، فهو قاد اجتياحاً ضد بلدنا واستباح بيروت ثاني عاصمة عربية بعد القدس، واوقع سبعين الف قتيل وجريح خلال ما سمي حرب (سلامة الجليل) التي ادت الى سقوطه الاول.
وفي نفس الاطار فإن جمهورية مصر العربية تملك ما يكفي من الوثائق والدلالات على حفلات الاعدام الجماعية التي نفذها شارون ضد الجنود المصريين الاسرى في سيناء خلال حرب حزيران.
واقول لكم ان العالم كل العالم يعرف ما نعرف عن جرائم شارون، وكان يعرف ما نعرف عن جرائم بيغن وباراك وحتى بيريز الوجه الدبلوماسي لاسرائيل اليوم، الذي يعرفه العالم كجزار قانا ولكن هل ادى ذلك الى تخفيف وطأة العدوانية الاسرائيلية ؟
ان ما يجب ان نتعامل معه كحقيقة، هو ان اسرائيل لم تهتم في السابق ولن تهتم الان بالرأي العالمي، اضافة الى استثمارها للمدى الابعد الاسباب الاميركية التي تجعل منها استثناء لا تنطبق عليه القرارات الدولية.
ان ما يجب ان نبني استراتيجياتنا على اساسه هوان شارون، الذي يقف على رأس المستوى السياسي في اسرائيل، يعبر عن الاتجاه الاكثر تطـرفاً لاسرائيل بشكل عام، اسرائيل المنغلقة فكرياً، اسرائيل الاستيطان، اسرائيل العدوانية.
ان وصول شارون الى اعلى الهرم السياسي وسلطة القرار السياسي والعسكري في اسرائيل، يعبر عن ان الاصولية الصهيونية قد اصبحت هي القوة النافذة المتحكمة بالسلطتين المدنية والدينية في اسرائيل، وحدود طموحات هذه الاصولية تنطلق من التمسك بشعار "ارض اسرائيل لشعب اسرائيل" بحسب توراة اسرائيل.
ان ارائيل شارون كعنوان لاسرائيل يعبر عن تمكن الفكر الاصولي الصهيوني من ارساء نظام متماسك، ينطلق ليس من التنكر للاتفاقات المجحفة التي تم التوصل اليها مع الفلسطينيين، بل من الغاء هذه الاتفاقات واعادة احتلال مناطق السلطة الفلسطينية، والتأكيد ليس على ضم القدس نهائياً، وانما ضمان ضم الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان الى اسرائيل.
اني ادعو الجميع الى بناء استراتيجيتهم لمواجهة اسرائيل ليس على اساس انها دولة واضحة المعالم في الاليات المتبعة لتشكيل السلطة فيها، بل الى بناء هذه الاستراتيجية على اساس ان هناك انقلاباً تصحيحياً قد حصـل لصالح الصهاينة الجذريين او الاصولين، الذين يطرحـون اقامة " ملخوت يسرائيل " اي اعادة السلطة الى بيت داود على ارض اسرائيل الكاملة، والذين يتبنون فكرة اعادة بناء الهيكل مكان المسجد الاقصى.
ان حكومة شارون ستوفر المناخ الملائم للاصولية الصهيونية من اجل ملاءمة الاسرائيليين، عبر تحضيرهم روحياً وايدولوجياً وسياسياً من اجل اتمام عملية الخلاص، وستلمسون ان هذا الامر سيتم عملانياً مع تجنب اطلاق الشعارات المتطرفة واعمال المواجهة التي تؤدي الى انقسام الرأي بين الاسرائيليين انفسهم، وتحول دون قيام اجماع جديد مؤيد للسيادة اليهودية على ارض اسرائيل كلها، لهدف اهم من السلام او من اية مشكلات اجتماعية او اقتصادية داخل المجتمع الاسرائيلي.
احببت ان اوجه انتباهكم الى ما تقدم، من اجل ان اؤكد لكم ان الاجماع الاسرائيلي الذي تحقق لا يعبر عن نفسه بقيام حكومة شارون التي تضم حزبي الليكود والعمل ومعهما شاس وغيرهم فحسب، وانما يعبر هذا الاجماع عن نفسه بالتأكيد أن المجتمع الاسرائيلي لن يكون الان او في المستقبل ملائماً او قابلاً بأية تسوية تؤدي الى الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وضمناً حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
وان هذا الاجماع الاسرائيلي سيسعى الى احراج واخراج اي تشكل كياني فلسطيني يعبر عن نفسه بأي نوع من انواع السلطات على اية مساحة جغرافية او بشرية من فلسطين، واني ارى ان المستوى السياسي في اسرائيل من مختلف التيارات سيقوم بفتح مزاد علني على سياسات يمينية متطرفة، من اجل تحويل مساحات سلطة الحكم الذاتي او السلطة الوطنية الفلسطينية الى ارض محروقة، وان اسرائيل باتت ترى في سلاح السلطة الفلسطينية وسلاح المنظمات اليسارية وسلاح الاسلاميين او الذين يقفون على يسار السلطة الفلسطينية او يمينها سلاحاً يهدد امن اسرائيل.
وان اسرائيــل جـادة فـي تحديد هـدفهـا بتجريـد الفلسطينيين (الرسميين) في اطـار السلطة او الاخرين الذين يقفون خارجها من سلاحهم.
انني هنا كذلك اؤكد لاخوتي الفلسطينيين ان اسرائيل سوف تتراجع كذلك عن معاملة عرب فلسطين في الاراضي المحتلة عام 1948 كمواطنين من الدرجة الثانية.
وانني احذر من ان اسرائيل سوف لا تبذل جهوداً فقط من اجل تحويل الحلم الفلسطيني باقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع الى كابوس دام فحسب، بل ان سلطة القرار الاسرائيلية ستتجاوز في تطبيق سياسة القهر على الفلسطينيين في الاراضي المحتلة عام 1967 الى الاراضي المحتلة عام 1948.
ان النظرية الاسرائيلية حالياً في التطلع الى ابناء الشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة عام 1948 تنطلق من قاعدة حسابية اسرائيلية تقول " اذا اردنا الحؤول دون سفك الدماء سفكاً متصلاً، فليس ثمة الا حل واحد وهو نقل سكان ارض اسرائيل من العرب الى الدول العربية .
وتقول القاعدة : ان هدف علاقات حسن الجوار بعرب ارض اسرائيل ليس هدفاً وهمياً فحسب، بل هو يتعارض ايضاً مع معنى المشروع الاستيطاني في ارض اسرائيل. فقد جئنا الى هذه الارض لنرثها، لأنها ارضنا لا ارض مئات الالوف من العرب الذين يعيشون فيها كالورم المؤلم الخبيث - كالورم السرطاني في قلب الدولة.
اني اوجه عناية اخوتي البرلمانيين العرب، الى ان الاسرائيليين سيعملون كل ما بوسعهم من اجل دفع عرب فلسطين داخل حدود ما يسمى بالخط الاخضر الى خسارة كل شيء : اعمالهم وارضهم وممتلكاتهم وحتى مقتنياتهم الشخصية لدفعهم للمغادرة.
ان هذا الامر يعني بكل وضوح ان المخطط الاسرائيلي الذي سينفذ هو قيادة حرب عسكرية واقتصادية اكثر عنفاً ضد الفلسطينيين، لدفعهم الى النزوح من مكان الى اخر داخل فلسطين تميهداً لالقائهم خارجها.
ماذا ترانا نفعل ازاء ذلك ؟
اتذكر هنا ( روح كلمة ) المناضل الفلسطيني فيصل الحسني الذي انتقل الى جوار ربه امام مؤتمر دعم الانتفاضة الذي انعقد في طهران مؤخراً عندما قال، ان دعوتنا الى الصمود في القدس وتعزيز الوجود الفلسطيني مقابل الاستيطان يكلف الف دولار في الدقيقة لتمكيننا من الحفاظ على لقائنا ونظام حياتنا ونظامنـا التربوي فمن هو على استعداد لهذه المبادرة ؟
واتذكر قبل كل ذلك وخلال مراحل انتفاضة فلسطين الاولى كلمات فيصل الحسيني عندما سئل عن امكانية التسوية مع اسرائيل فأجاب ان السلام السياسي والسلام التاريخي مع اسرائيل امران مستحيلا التحقيق.
وعليه وعلى مسار القضية الفلسطينية نقول ان الانتفاضة اصبحت حدثاً يومياً لا يمكن اقصاؤه من الوقائع الشرق اوسطية وهو حدث يدور بين منطقين متعارضين.
منطق شارون الذي يريد احراج الفلسطينيين لاخراجهم بالضغط عليهم بزيادة رقعة الاستيطان، انطلاقاً من معادلة شارون التي تعتبر الاستيطان ضمانة للامن، ومنطق الانتفاضة الذي يؤكد الاعتراف السياسي بحق العودة والقرارات الدولية الخاصة بالمنطقة وبالقصية الفلسطينية، وامام ذلك نقف نحن العرب وفي الطليعة البرلمانيون امام اختيار الرضوخ لاملاءات شارون في تجريد الفلسطينيين حتى من مشاعرهم واحاسيسهم الوطنية وقبل ذلك من سلاحهم وحجارتهم، وهذا لن يوقف شارون عند هذه الحدود لأنه سيحاكم الفلسطينين حتى على نواياهم، وسيعتبر ان امن اسرائيل وكيانها في خطر طالما ان هناك فلسطينياً واحداً داخل او خارج الخط الاخضر او اختيار الانتفاضة كأستراتيجية مستمرة.
ان الفلسطينيين مطالبون بوضعنا على خط الموقف، اولاً بتحديد اختياراتهم والتفريق بين خطة ميتشل ومتطلبات السلام العادل والشامل، وبين وقف النار والعنف ضمن اليات خطة بينت، وبين وقف الانتفاضة والكفاح المسلح.
ان المطلوب اعادة التأكيد على البمادىء والثوابت التي تحكم استراتيجية الموقف العربي وتكتيكاته خصوصاً الموقف الفلسطيني، بحيث لا يعيش الشارع العربي في مناخ متقلب بين الهبات الساخنة التي تستدعي الاهبة العربية، ثم الهبات الباردة التي تستدعي امتصاص الانفعالات الشعبية العربية.
اقول ذلك حتى لا نقع في مثل امثولة حكاية الراعي الذي استدعى بصراخه الناس بكذبة بيضاء مفادها ان الذئب يهاجم قطيعه، ثم وعندما هجم الذئب ذات مرة لم يأت الناس ولم ينطل صراخه على احد.
دولة رئيس الاتحاد
اصحاب الدولة
الزملاء الاعزاء
بعد هذا المشهد الفلسطيني ومتطلباته يبقى ان اوجه عناية المشتركين في هذه الدورة الاستثنائية للاتحاد البرلماني العربي، الى صورة الحركة العدوانية الاسرائيلية التي تستكمل حلقاتها علىالمسارين اللبناني والسوري ولا يمكن فصلها عن احداث الداخل الفلسطيني.
للمــرة الثـانية كمـا تعرفون اقدم سلاح الجو الاسرائيلي يـوم 30 حزيران ( يونيو ) المنصرم على قصف موقع رادار تابع للقوات العربية السورية العاملة في لبنان.
هذا العدوان جاء وكأنه رد على عملية للمقاومة في مزارع شبعا واستتبع ذلك رد من المقاومة على المواقع المعادية في مزارع شبعا.
كما هو معروف سبق هذا العدوان تصريحات للامين العام المساعد للامم المتحدة ستيغان دي ميستورا قال فيها ان وزير الدفاع الاسرائيلي ابلغه ان اسرائيل ستوقف طلعاتها الجوية فوق لبنان.
انا نفسي انتبهت ونبهت على خلفية ذلك الاعلان الى ان اسرائيل تبيت عدواناً.
في ذلك اليوم وفي كل يوم كانت اسرائيل تواصل نوعين من الاحتلال لاجزاء عزيزة من ارضنا، احدهما احتلال مباشر لمزارع شبعا وتللا كفر شوبا، والثاني احتلال بوسائل عسكرية هي حقول الغام الموت الاسرائيلي.
لقد ادت الالغام الاسرائيلية منذ اندحار قوات الاحتلال الاسرئيلي عن اجزاء واسعة من لبنان في ايار 2000 الى استشهاد 13 مواطناً وجرح 192 اخرين، وتدمير من وسائط النقل واليات الاشغال العامة وحرمان المواطنين اللبنانيين.
ان الوفد اللبناني الذي يرافقني الى هذا الاجتماع وزع ملخصاً للخروقات الاسرائيلية خلال الاشهر الاخيرة، وهي شاهد على واقع حالة القلق المتأتية من العدوانية الاسرائيلية المتصاعدة، والتي اذا كانت تنذر بكوارث على المستوى الفلسطيني لإنها تنذر بحرب على امتداد غير جبهة عربية.
اني اسأل : هل يقبل اي عربي وبعد كل التضحيات التي قدمها الشعب اللبناني ومقاومته ان نكافىء اسرائيل على احتلالها وحروبها ضد بلدنا ونسكت عن حقنا في مزارع شبعا ؟
هل تقبلون ان نسكت على حقنا بالتعويض عن كل جرائم اسرائيل وحكامها ؟
هل يقبل احدكم ان نتحول الى حراس حدود لاسرائيل ؟
هل ترضون بأن نقول للمقاومين كفى الله المؤمنين شر القتال وان نطلب اليهم العودة الى منازلهم، وان يقبلوا مجاورة الخطر الذي تمثله اسرائيل والتعايش معه دون دفاع عن النفس ؟
هل تقبلون ان تفرط سوريا بحقها بإستعادة الجولان العربي السوري حتى حدود الرابع من حزيران ؟
اعتقد بل اجزم بأنكم تقفون في صف المقاومة والممانعة وانكم تنحازون دون شك الى جانب لبنان وسوريا كما فلسطين.
الا ان الحقيقة هي اننا نريد وهذا حقنا عليكم اكثر من عبارات الادانة والاستنكار لجرائم اسرائيل، حيث ان اسرائيل في وجودها وكيانها تمثل جريمة ضد الانسانية.
اننا لن نطالب بتوصية جديدة تحث على تنفيذ قرارات القمم العربية بدعم لبنان وسوريا وفلسطين، ولا بالاموال المحتسبة لمصلحة اقطارنا وشعوبنا .
اننا نريد مسح الذمم الحكومية السابقة، لأن الحكومات هي في الواقع دون ذمة.
اننا نريد من الحكومات العربية ان تتحسس ان الحريق المشتعل بالثوب الفلسطيني وبأطراف الثوب اللبناني والسوري، سيصل الى كل العواصم العربية والاسلامية، فإسرائيل عبرت عن حساسية مفرطة تجاه امكانية امتلاك ايران والباكستان لاسلحة ردع بعيدة المدى، وهي تتسلح بالطائرات التي تمكنها من القاء القنابل الذرية فكيف ستدع العواصم القريية بمنأى عن الخطر.
انني هنا لن ادعو الحكومات العربية الىالعودة لاحياء مكاتب مقاطعة اسرائيلية، بل ادعو الشعوب العربية الى مقاطعة بضائع الشركات التي تتعامل مع اسرائيل، وادعو البرلمانات العربية الى اصدار نشرات للمواطنين حول اسماء تلك الشركات، هذا اولاً.
ثانياً : دعوة الاتحاد البرلماني العربي الى فتح حساب خاص بدعم الانتفاضة يمول بالتبرعات الشعبية، يخصص لدعم صمود الشعب الفلسطيني في ارضه ودعم لبنان وسوريا.
ثالثاً : تفعيل عمل اللجنة البرلمانية العربية الخاصة بكشف الحقائق المتصلـة بجرائم الحرب الاسرائيلية ضد المدنيين العرب والتي يرأسها لبنان.
اني اوجه عنايتكم الى ان رئاسة اللجنة التي اتخذت عدة مبادرات خلال اشهر الانتفاضة السابقة لم تستلم اي وثيقة من المجلس الوطني الفلسطيني حول الوقائع الجارية في الارض المحتلة، ولولا همة ومتابعة بعض الاداريين في المجلس النيابي اللبناني لما تمكنا من توثيق الذاكرة اليومية للانتفاضة ولا الذاكرة المتصلة بحرب الالغام الاسرائيلية وبتوثيق مراحل احتلال مزارع شبعا.
رابعاً : قيام البرلمانات العربية بإستنهاض القطاعات المهنية العربية ليخصص كل قطاع يوماً لدعم متطلبات صمود الشعب الفلسطيني وكذلك المقاومة في جنوب لبنان.
خامساً : قيام البرلمانات العربية كل في قطره في استنهاض دور مؤسسات الرأي الاعلامي خصوصاً المحطات التلفزيونية الفضائية لبث برامج مخصصة ومتخصصة حول ارهاب الدولة في اسرائيل، واعمال القمع والحصارللشعب الفلسطيني والتهديدات والعدوانية المتصاعدة ضد لبنان وسوريا.
سادساً : قيادة البرلمانيين العرب لتحركات شعبية تعبر عن نفسها بالاعتصام والتظاهر امام مكاتب الامم المتحدة والدول الخمس الاعضاء في الامم المتحدة، بهدف قيام هذه الجهات بممارسة الضغوط على اسرائيل لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني وعلى لبنان وسوريا.
سابعاً : دعم الاتحاد البرلماني العربي للمطلب الفلسطيني بالحماية الدولية للشعب الفلسطيني من كرة النار والعدوانية والعنصرية الاسرائيلية.
ثامناً : التأكيد على القرارات والتوصيات الصادرة عن اجتماعات مجالس الاتحاد البرلماني العربي بخصوص القضية الفلسطينية وبخصوص الجولان العربي السوري، وبما يخص دعم المطالب اللبنانية بتحرير مزارع شبعا وازالة الالغام الاسرائيلية وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية، وتعويض لبنان جراء حروب اسرائيل على ارضه.
دولة الرئيس
اصحاب الدولة
الزملاء الاعزاء
بالعودة الى اليمن ها انا اعطي صوتي باسم المجلس النيابي اللبناني لصالح صنعاء كمدينة عجائبية، ليس لطرازها المعماري الفريد وليس بسبب قمرياتها الزجاجية الملونة وبديع زخارفها، بل لأنها بخلاف كل امرأة ولدت من اضلع الرجل فإنها ولدت من اضلع الجبال.
ويصادف ونحن نتواعد على لقاء صنعاء ان تفتح اليمن السعيد دفترها العتيق الذي يمتد لثمانية الاف عام وتكشف عن سور بين البيضاء ومأرب يلتف حول رمضه وقانية وجوران والاغدال والعبدية.
ان عالم اليوم الذي يحاول ان يسخرنا وان يسلبنا وان يأكل مخيلتنا، سيقف مدهوشاً امام عظمة ما كنا عليه حين تفتح بوابتي السور المكتشف على هندسة فريده للحياة وللحضارات القديمة، وسيعلم العالم انه لا يمكنه ان يجعلنا نقف رأساً على عقب، وان مقاومتنا وممانعتنا وانتفاضتنا في المثلث العربي الماسي الذي مثله لبنان وسوريا وفلسطين ستعود لتبعث الخصب في ( حيكان ) وتبعث المجد في حكايات السنين.
عاش الاتحاد البرلماني العربي
عاش اليمن
صنعاء - اليوم الثاني الخميس 12/ 7 /2001
" إن إسرائيل لن تستطيع البقاء في مزارع شبعا وذلك بفعل إيمان اللبنانيين وعزمهم على استمرار مقاومتهم حتى التحرير " .
وأكد أن تهديدات رئيس وزراء العدو الإسرائيلي لم تعد تخيف اللبنانيين، وقال : " أن إسرائيل لن تحصل على أي توقيع اتفاق قبل جلائها عن الجولان السوري وإعطاء الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني بما في ذلك إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وجدد القول أن " أفضل أساليب المقاومة هي الوحدة الوطنية وأهم أسباب انتصار لبنان هو الحرية والديموقراطية، كما أن أفضل أساليب دعم الانتفاضة الفلسطينية هو الموقف العربي الموحد ".