بيان الرئيس بري إلى مجلس الأمن الدولي بمناسبة "يوم الأمم المتحدة" ـ 21/10/2004


 

وجه رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري بصفته رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس اتحاد برلمانات دول منظمة المؤتمر الإسلامي الخميس 21/10/2004 بمناسبة "يوم الأمم المتحدة" بياناً إلى مجلس الأمن الدولي حول القرار 1559 الذي يتدخل في شأن سيادي لبناني.

 

نص البيان:

دفع العالم خلال الحروب مرورا" بالحرب الكونية الثانية حتى اليوم ملايين القتلى والجرحى والمعاقين والمشردين، الأمر الذي جعل الإنسانية تفكر مليا" بقيام منظمة دولية تعمل بكل جد ودون كلل من اجل تعزيز السلم والأمن الدوليين، وتطوير مهمة هذه المنظمة لمواجهة المآسي الناتجة عن الجوع والمرض والجهل، ومختلف أنواع التهديدات الناتجة عن الكوارث الطبيعية وصولا" إلى الحفاظ على التراث الإنساني والخصوصيات الثقافية.

 

ولقد أثبتت الدول الإسلامية والعربية ولبنان في طليعتها حرصهم على تثبيت المصداقية الدولية في كبح الحروب والعدوانية والعنصرية والنكبات الإنسانية ، وكذلك في الحفاظ على الأمم المتحدة ومنظماتها وتطوير حضورها في صنع السياسات الدولية العامة .

 

وقد دفعت الدول الإسلامية والعربية غالبا" نتيجة تمسكها بالشرعية الدولية ، خصوصا" تطبيق قراراتها الخاصة وبتسوية أزمة الشرق الأوسط بناء على الأحكام التي تمثلها قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة وفي الطليعة 194 و 242 و 338، بما يضمن منح الشعب الفلسطيني أولا" حق الحياة بمواجهة حرب الإبادة المستمرة منذ ما يزيد عن ستة وخمسين عاما" ، بالإضافة إلى حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة ، وحق هذا الشعب في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة . وكذلك تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بالانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة خصوصا" الجولان العربي السوري حتى حـدود الرابع من حزيران ، وجلاء الاحتلال الإسرائيلي عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية  . 

وبالمقابل ونتيجة خضوع مجلس الأمن الدولي إلى حق النقض الفيتو ، ونتيجة تغليب بعض الدول الكبرى لمصالحها على المبادئ الدولية، أصبحت إسرائيل استثناء لا تطبق عليه القرارات الدولية ، كما تمتعت إسرائيل بظل هذا الواقع الدولي بالحرية الكاملة للقيام بصنع وإنتاج الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل .

 

وخلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة لمست المجتمعات الإسلامية والعربية استنسابية في معايير مزدوجة في تطبيق القرارات الدولية، وخضعت الكثير من الدول الإسلامية والعربية لسياسات الحصار الاقتصادي والدبلوماسي، واستهدفت المنطقتان العربية والإسلامية بالحروب والعمليات العسكرية التي امتدت من الصومال إلى السودان وافغانستان وصولا" إلى العراق، والتي ترافقت مع مشاريع للسيطرة على الموارد البشرية والطبيعية لما وصف بمنطقة الشرق الأوسط الكبير والموسع.

ومؤخرا" اصبح لبنان هدفا" في سياق هذه الحملة التي تحاول الاستثمار على مجلس الأمن الدولي لجعل الدول هدفا" لحرب الإخضاع .

 

وجرى وبطريقة غير شرعية وخارج مهمة مجلس الأمن، استغلال قضية سيادية لبنـانية بالكامل خاصة بانتخابات الرئاسة في لبنان وخاصة بعلاقة لبنان بجارته وشقيقته سوريا، لإصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي حمل الرقم 1559 .

 

إن لبنان يعتبر أن هذا القرار يشكل جزءا" من الحرب الحقيقية التي تستهدف بالأساس الأمم المتحدة ومنظماتها وأدوارها ، من اجل جعل هذه المنظمة الدولية خاضعة لتوجهات السياسة الخارجية لبعض الدول العظمى التي أطلق بعض المنظرين فيها شعار "وداعا" للأمم المتحدة .

إن لبنان يدعو دول العالم الرافضة للاحتكار المركزي للقوة وللأحادية، والرافضة كذلك لإخضاع العالم لاحتكارات الشركات العابرة للقوميات والقارات، إلى تحصين الأمم المتحدة من التلوث بالسياسات الإمبراطورية والإمبريالية، ولبنان سيكون في طليعة دول العالم العاملة من اجل بناء تعايش دولي بين دول ومجتمعات الأرض قائم على رفض منطق القوة والإخضاع، حيث أن لبنان يشكل أنموذجا" كونيا" للتعايش بين تعددية طائفية ومذهبية وسياسية وثقافية .

 

                                                                  نبيه بـــّري

                                                                   رئيس مجلس النواب

                                                             رئيس الاتحاد البرلماني العربي

                                                رئيس اتحاد برلمانات دول منظمة المؤتمر الإسلامي