نظمت الأمانة العامة لمجلس النواب، والمعهد العربي للتدريب البرلماني والدراسات التشريعية، والمؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم (LFPCP)، والمركز النرويجي لحقوق الإنسان - جامعة أوسلو، عند الساعة العاشرة من صباح يوم الخميس الواقع في 5/10/2023، ورشة عمل حول "تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان في المحاكم المذهبية الدينية اللبنانية"، بمشاركة عدد من النواب ووزراء وقضاة ورجال دين وخبراء قانونيين ومنظمات المجتمع المدني.
 
ينظم هذا النشاط ضمن برنامج "تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان في المحاكم المذهبية الدينية اللبنانية" الذي تنفذه المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم والمركز النرويجي لحقوق الإنسان في جامعة أوسلو.

وقد تمّ إلقاء الضوء على الخطوات المتخذة من قبل المحاكم المذهبية اللبنانية في سبيل تعزيز حقوق الإنسان وخاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة وحقوق الطفل وفض النزاعات الزوجية، وعن الممارسات الحالية بما يتعلق بمعايير حقوق الإنسان، بالإضافة إلى المشاكل التي يواجهونها ضمن كلّ محكمة والإقتراحات لمعالجتها، بالإضافة الى الخطوات المتخذة من قبل بعض المحاكم لتطوير قوانين الأحوال الشخصية لديها.

إفتتحت الورشة، في المكتبة العامة للمجلس النيابي، وأدارها المحامي ربيع قيس.
 
وتحدث في جلسة الإفتتاح الدكتور انطوان مسرة، باسم المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم، عن أنظمة الأحوال الشخصية في لبنان والمنهجية الحقوقية العلمية والمتابعة.
 
وتناول التصنيف الحقوقي في القانون الخاص والعام، متحدثاً عن التعددية الحقوقية والتشابك في الصلاحيات مع محاكم حماية الأحداث. كما لفت الى النظام العام للعائلة وقانون العائلة ومراكز المصالحات.
 
ثم كانت كلمة المركز النرويجي لحقوق الانسان ألقاها الأستاذ ربيع قيس حول وضع حقوق الإنسان في لبنان.

كما كانت كلمة للسفير النرويجي مارتن ايتر فيك، لفت فيها الى أهمية حقوق الإنسان.
 
والقى الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر كلمة باسم المجلس النيابي، فقال: "أهلاً وسهلاً بكم في رحاب المجلس النيابي اللبناني لإقامة ورشة عمل تحت عنوان "تعزيز حقوق الإنسان في المحاكم المذهبية والدينية اللبنانية ومواكبة العصر". إذ نرحب بكم عقولاً نيرة تسعى دائماً إلى التقدم ومواكبة العصر، وها هو المجلس النيابي يفتح لكم ذراعيه حاضناً توجهاتكم وآمالكم لتتحول إلى قواعد راسخة تقود المجتمع اللبناني نحو الأفضل، بجهود كل ذوي الرؤى السديدة والعقول الخلاقة لبناء إنسان يحترم قيمة الإنسان ضمن الأخلاق والمثل العليا الإنسانية التي تحفظ الكرامة والحقوق".
 
أضاف: "وما يجب الإلتفات إليه، أن النظم والقوانين لا تستورد ولا تقتبس كما هي بحرفيتها من مجتمع إلى آخر، فهي كالتربية تنبع من حاجة كل مجتمع على حدة ووفق مراحل التطور والضرورات والظروف في كل بيئة، فينتج من ذلك معايير تضبط حركة المجتمع وقوانين تحكم متطلبات الحياة بما يتلاءم مع منظومة الأخلاق السائدة فيه، لهذا على كل مهتم في هذا الشأن أن يراعي هذه البواعث عند وضع أي نظام أو قانون جديد، يعتبر بمثابة تجديد، كي لا يقع في عجز التطبيق، وكي لا يكون النظام او القانون في حد ذاته حجر عثرة أمام مواكبة العصر واجتراح الحلول لمشكلات قائمة".
 
وختم: "أكرر باسم الأمانة العامة لمجلس النواب ترحيبي بكم ضيوفاً كراماً، آملاً أن تحققوا ما تصبون إليه في خدمة الإنسان في لبنان، وبالتالي خدمة المجتمع لما فيه مصلحة الجميع. وفقكم الله في أعمالكم للخير والتقدم والازدهار".
 
بعد جلسة الافتتاح بدأت الجلسة الأولى حول سبل تطوير مفاهيم حقوق الإنسان في عمل المحاكم المذهبية في لبنان وتحدث كل من المطران حنا علوان المشرف على المحاكم المارونية ورئيس المحاكم الجعفرية الشرعية القاضي محمد كنعان. كما كانت كلمة لرئيس المحكمة الاستئنافية للروم الكاثوليك المطران ايلي حداد تناولت حقوق الإنسان والمرأة والطفل والحقوق الشرعية.

ثم أدار الجلسة الثانية رئيس لجنة حقوق الإنسان النائب ميشال موسى وقال:
إن المجلس النيابي بشكل عام، ولجنة حقوق الإنسان النيابية بشكل خاص، في مسعى دائم لتطوير مفهوم حقوق الإنسان ودمج هذه الحقوق في كافة التشريعات الوطنية، حرصا على احترام التزام لبنان بشرعة حقوق الإنسان وبكافة المواثيق والإتفاقيات الدولية التي تكرس هذه الحقوق.
 
ولما كانت الأسرة تشكل نواة المجتمع، فإن القوانين التي ترعاها، خاصة قوانين الأحوال الشخصية التي تنظم الزواج والطلاق والحضانة والنفقة والميراث وغيرها من الأمور التي تعني الأسرة بشكل مباشر، هي محط إهتمام رئيسي وتحدٍ دائم لمواكبة متطلبات المرحلة الحالية والتطور الذي طال مفهوم حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة والطفل. 
 
من هنا، ضرورة إنسجام قوانين الأحوال الشخصية مع معايير حقوق الإنسان العالمية بهدف الوصول إلى عدالة إجتماعية شاملة. ويكمن تمايز لبنان عن محيطه العربي بالتنوع الديني، الأمر الذي فرض وجود عدة قوانين للأحوال الشخصية. وقد يكون هذا التنوع فرصة للإبداع في سبيل التلاقي والإنفتاح على الآخر، من خلال السعي المشترك وتضافر الجهود للإرتقاء بالتشريع اللبناني لتخطي كل ما يعيق إنتظام حقوق الإنسان. وهذا ما يسعى إليه المجلس النيابي من خلال تبنيه لمثل هذه الورشات العمل.
 
وبما أن المشرع اللبناني قد سمح لكل طائفة تنظيم شؤون طائفتها ووضع النصوص التشريعية وتنظيم قضائها المذهبي الخاص وفق معتقدها، فإن المسعى الأمثل يكمن ليس فقط في تطوير القوانين لتعزيز إحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل بشكل خاص، بل أيضاً في السعي إلى تحقيق المساواة في هذه الحقوق أمام القانون لكافة اللبنانيين واللبنانيات بغض النظر عن انتمائهم الديني، ومحاولة الوصول إلى معيار موحد في الحقوق والواجبات.
 
وختم النائب موسى : "من هذا المنطلق، يرتدي هذا الحوار أهمية كبرى، إذ يمثل المرجعيات الروحية المتنوعة والغنية، التي تنطلق مجموعة قيم الإنسان العالمية من جوهر إيمانها وهي الساهرة على احترام هذه الحقوق، والقادرة على تطويرها وتحديد نقاط الضعف فيها، وطرح أفضل الحلول بما يتناسب مع الكرامة الإنسانية.
 
وتحدث رئيس المحكمة الاستئنافية الشرعية السنية الشيخ محمد عساف عن حقوق الرجل والمرأة الشرعية وعن حماية الأطفال بعد الطلاق وعن حقوق الطفل.
 
كما كانت كلمة للشيخ فيصل نصر الدين عن المحكمة الدرزية العليا وكلمة المطران انطونيوس الصوري عن المحكمة الارثوذكسية.

بعد ذلك، كان نقاش عام واختتمت الورشة.