زار رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري في الحادية
عشرة والربع من قبل ظهر الجمعة 24/11/2000 الصرح
البطريركي في بكركي حيث كان في استقباله أمين سر البطريرك الاب ميشال عويط.
ولدى وصول الرئيس بري الى الباب الداخلي للصرح استوقفه وفد من اهالي المعتقلين في
السجون السورية طالبه بالعمل على اطلاق أبنائهم. وقد رد الرئيس بري على الطلب
بالقول " سنعمل قبل نهاية السنة الحالية على وضع لائحة باسماء جميع المعتقلين في
سوريا وتقديمها الى صاحب الغبطة والعمل على اطلاقهم ".
وبعد استقبال البطريرك الماروني الكاردينال مار
نصرالله بطرس صفير للرئيس بري عند مدخل الصالون الكبير، توجه البطريرك صفير والرئيس
بري الى مكتب الأول، وعقدت خلوة استمرت ساعة وربع الساعة.
بعد اللقاء، قال الرئيس بري :
" من دون مقدمات، كلنا يعرف انه في الفترة الاخيرة،
لا بل في العام الاخير حصل شرخ وانقسامات بين اللبنانيين، هذا الشرخ وهذه
الانقسامات يهددان الانتصارات التي حققها شعبنا واهلنا في الجنوب على العدو
الاسرائيلي بطرده، وللمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي ـ الاسرائيلي من دون أي
تنازلات أو مفاوضات. وأقول أن الاخطر من ذلك أن هذا الشرخ وهذه الانقسامات تؤثر على
الوحدة الوطنية الداخلية التي كانت بكركي قبل الطائف، وفي أثنائه، وبعده، أحد
حراسها الكبار.
لذلك كان من الطبيعي ان تكون هنالك اتصالات دائمة ومستمرة، أو كما يقال في اللغة
الديبلوماسية قنوات اتصال بين المجلس النيابي وبين بكركي، وفي امكاني القول اننا في
صدد اعلان أمرين اساسيين : الأول هو أن لبنان كما نعلم جميعًا وطن نهائي لجميع
ابنائه، لا يستطيع أن يزايد لبناني على آخر بعروبة لبنان وبسيادته. هذا الوطن
النهائي هو وطن الحرية، وبالتالي فان الحرية في لبنان لا تمس، واننا نوافق مع
القائلين أن الاكثرية تحكم الاقلية، وهذا صحيح، لكننا نوافق، ان هذه الاكثرية ستحكم
الاقلية برعاية الاب الصالح، أي من المنطلق الديمقراطي الذي يؤكد ضمان الحريات ووقف
التداخلات والتنصت والاعتقالات الا بموجب القانون وبنص القانون. والمجلس النيابي في
هذا الموضوع يشكل ضمانا حقيقياً لمراقبة هذه الامور، في هذا الاطار سأقوم بكل
الاتصالات اللازمة سواء داخل الندوة النيابية أو خارجها ومع كل القوى الفاعلة، ولا
توجد عندي أي ممنوعات لأننا كلنا أبناء وطن واحد، والاختلاف في الرأي أمر طبيعي.
وهذه هي النقطة الاولى التي تتعلق بضمان الحريات وهذا ليس بجديد على لبنان، انما
اعود واؤكد عليه حيث يحكى الكثير عن هذا الأمر، ولهذا أود أن أقول هذا الموقف
وسيكون موضع مراقبة من قبلنا ".
أضاف : " أما الامر الثاني ويحكي عن اعادة الانتشار
للجيش العربي السوري، وهنا أود أن أقول شيئاً، اولاً لا يجوز في أي شكل من الاشكال
ان تكون هناك مقاربة بين العدو الاسرائيلي والشقيقة سوريا، وهذا الكلام سمعتموه من
غيري، لكن اود ان اقول ان هذا الامر ليس صعباً للسوريين، وانما للبنانيين ايضاً
لاننا لا نميز بين الصديق وبين العدو.
هناك كثيرون يقولون ان على سوريا ان تسحب جيشها من
لبنان لان اسرائيل انسحبت من لبنان وطردت منه، فلماذا هذه المقارنة، وعيب علينا ان
نقارن هذا الامر، جميعنا يعرف ان المقاومة لم يكن في امكانها ان تطرد العدو من
لبنان من دون عاملين : اولاً لولا الوجود السوري من جهة، وثانياً لولا الوحدة
الوطنية من جهة ثانية، وكأننا الأن نخرب الاثنتين معاً. مع الاشارة ان اسرائيل
انسحبت من لبنان في 25 أيار بينما الجيش العربي السوري بدأ باعادة انتشاره قبل
الانسحاب الاسرائيلي أي في نيسان، وبالتالي حتى السوري، ومن باب اولى اللبناني لا
يجب ان يكون هناك تلازم في هذا الموضوع، لان القضية معلقة بين الجيش السوري والجيش
الاسرائيلي ".
وقال : لا اريد ان ادخل في بعض المتاهات لان هناك من
يقول ان الانتشار لم يتم، لكنني اقول الان ان المهم هو المستقبل. ان الاخوة
السوريين بدأوا باعادة انتشارهم كما قلت في نيسان وفي جميع الحالات سوف تكمل اعادة
الانتشار في القريب العاجل وستجتمع القيادتان اللبنانية والسورية لتحديد مراكز
تموضع القوات السورية نتيجة خطة اعادة الانتشار وفقاً للطائف ".
اضاف : " هناك كثيرون لا يريدون هذا الاتفاق لانهم
يريدون الاستفادة من الجو القائم، لكنني اريد ان اخيب ظنهم اليوم، لان هذه الامور
يجب ان تحسم، ولا يمكننا اللعب بمصيرنا ومصير وطننا ووحدتنا الوطنية، هنالك اشياء
كثيرة والمنطقة " تغلي "، ويجب ان نصل الى شيء. تبقى هناك امور اخرى لا تقل خطورة
عن هذه الامور والتي تؤدي الى التفرقة بين اللبنانيين. فهنالك قانون الانتخابات
واللامركزية الادارية ومواضيع كثيرة نستطيع القول اننا سنتعاون في المجلس النيابي
لايجاد عدالة والا يكون هنالك تمييز بين منطقة ومنطقة فيما يتعلق بموضوع قانون
الانتخاب واللامركزية والقضاء المستقل، فكل هذه الامور سنتساعد ورئاسة الجمهورية
والحكومة والمجلس النيابي لنعمل جميعاً كفريق عمل واحد في سبيل تكملة كل ما يجب
اكماله لمصلحة لبنان واللبنانيين ".
وعن موضوع المعتقلين في السجون السورية قال :
" بالنسبة الى هذا الموضوع، وليس كل ما اقوله قد
اكون تباحثت فيه مع غبطة البطريرك، انما التقيت باخوان عند مدخل الصرح، وقلت ان
اللبنانيين الموجودين في المعتقلات السورية سأحاول بكل قواي وخلال شهر او شهر ونصف
ان آتي باسمائهم ونسعى الى اخلاء سبيلهم. ومن هو محكوم عليه بينهم يسلم الى القضاء
اللبناني واعتقد ان عدد الموقوفين غير المؤكدين هو في حدود الاربعين وهذا حسب
المعلومات غير المؤكدة ".
سئل : هل نقلت الى البطريرك وعداً باعادة انتشار
الجيش السوري ؟
اجاب :" ما قلته هنا هو هو، ولا اتكلم هنا شيئاً وفي الداخل شيئاً اخر ".
سئل : هنالك تحرك بين الدكتور بشار الاسد وبعض
الشخصيات لاجراء حوار مع بكركي، هل زيارتك اليوم تأتي في هذا الاطار بتفويض معين من
الرئيس الاسد ؟.
اجاب :" انا التقيت غبطته بصفتي رئيساً لمجلس النواب
وليس بصفتي محامياً لسوريا. فلسوريا محامون كثر، لكن انا حريص دائماً على العلاقات
المميزة بين لبنان وسوريا، وهذا الامر حاصل، ويجب ان يكمل، وانا حريص اكثر على ان
تكون هنالك علاقات متينة بين سوريا والبطريرك صفير لكنني لا اتكلم باسم سوريا ".
سئل : هل كان هنالك من توافق بينكم وبين غبطته على
ان المواضيع المطروحة لا تخدم مصلحة لبنان من ارسال الجيش الى الجنوب الى المطالبة
بالانسحاب القوات السورية ؟
اجاب :" كما هنالك كلام ضد سوريا هنالك كلام وكأنه ضد البطريرك. ومثلما دافعنا عن
سوريا سندافع عن البطريرك. وبصراحة كاملة فان غبطة البطريرك والبطريركية لم يطرحا
في يوم من الايام كلاماً عدائياً ضد سوريا، ويجب الا ننسى انه لولا الحماية التي
قدمها غبطته شخصياً لموضوع الطائف لما قام الطائف ولما كان وقع في الاساس لانه كانت
هنالك مشاورة في الامر، وغبطته لا يزال يتحدث تحت سقف الطائف، وكلنا نتحدث وكلنا
لدينا ملاحظات. فانا شخصياً لي ملاحظات على الطائف اكثر منه. لكننا جميعاً ارتضينا
هذا الامر واصبح الطائف دستوراً للبنان وعلينا ان نكمل الطريق ".
سئل : هنالك كلام عن امكانية اصدار عفو في لبنان على
غرار العفو الذي اصدره الرئيس السوري بشار الاسد، هل وضعت غبطته في اجواء معينة حول
هذا الخصوص ؟.
اجاب : " لم نتحدث في هذا الموضوع ".
سئل : منذ خمس سنوات كانت زيارتك الاخيرة الى بكركي،
وكان هنالك مسعى جئت من اجله، هل ينطبق هذا الامر اليوم على هذه الزيارة ؟
اجاب : " في الماضي كنا نتحدث عن التمديد، وسبب
غيابي السنوات الخمس الماضية كان لدي عتب لانه كانت لدي رغبة في ان يزور غبطته جنوب
لبنان. هذا الجنوب الذي يستحق اكثر من زيارة من غبطته وبدأت حديثي معه اليوم بهذا
الامر".
سئل : هل وجدت لدى البطريرك موافقة على كل ما طرح في
الداخل ؟
اجاب : " هذا الموضوع يعني البطريرك واسئله " هو ".
سئل : هل توافق الرئيسان لحود والحريري بان الوجود
السوري مرتبط بعملية الانسحاب من الجولان
اجاب : " انا اوافقهم على كل شيء ".
سئل : اذا كانت الامور ستهدأ بعد هذا اللقاء.
فقال : " امل في ذلك على الاسس التي اعلنتها.
والكلام الذي اعلنته سيترجم ابتداء من هذه اللحظة وعلى الاعلاميين مساعدتنا في
ايجاد الجو الحقيقي بين ابنائنا جميعاً ".
وقال : " يا اخوان أي امر اخر يشكل خطراً حقيقيا.
الشيزوفرانيا اللبنانية، الشخصية اللبنانية، التمزق بين اللبنانيين امور تلاحظونها
وتلاحظون ان المجتمع اللبناني الذي تعاطى بعد الحرب الفتنة، الا تلاحظون ان هناك
شيئاً جديداً في هذا الموضوع. وهل هذا الامر هو لصالحنا ؟ لذلك يجب ان نتساعد
جميعاً لنجعل من حبة الخير قبة وليس العكس ".
وفي الواحدة والنصف وخمس دقائق غادر الرئيس بري الصرح البطريركي، بعدما كان تناول
الغداء الى مائدة البطريرك صفير في حضور عدد من المطارنة.