عقد رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري قبل ظهر
الأربعاء 25/10/2006
مؤتمراً صحافياً في عين التينة حضره النواب: سمير عازار، ميشال موسى، علي حسن خليل
وعلي بزي ونقيب الصحافة محمد البعلبكي وعدد من قيادات حركة "أمل".
استهلّ المؤتمر بالقول: "كل عيد واللبنانيين، كل اللبنانيين والعرب كل العرب،
المسلمين كل المسلمين بخير. قبل رمضان اجتاز اللبنانيون امتحاناً صعباً، بل اجترحوا
معجزة، معجزة صد العدوان الاسرائيلي البربري على بلدهم وقراهم وبنائهم التحتي
وأطفالهم ومنازلهم بفضل مقاومتهم الباسلة وتضامنهم الرائد في زمن التفكك والتشرذم
والتطييف والتمذهب. وتراكض الغرب لوقف التصدع لدى الكيان الصهيوني بعدما انقلب سحر
المعتدي على الساحر ومن وقف ويقف وراءه دائماً. ولم يكن على لبنان سوى الانتقال الى
الجهاد الأكبر، جهاد التغلب على الذات وعلى الفتنة، وبالتالي التكاتف لإعادة البناء
والتصدّي للتردي الاقتصادي، غير أن المزامير لإعادة الفتنة عادت تنفخ أبواقها وتبث
فحيحها في حدائق لبنان.
وأطل شهر رمضان شهر الخير والبركة والتسامح والتآلف والتآخي، وهو ينتهي، كما
تعلمون، بعيد ليس للعودة الى ما كان، بل ليجسد هذه المعاني السامية التي كان الصيام
من اجلها قرباناً.
لذا، ودرءاً لما يخطط وفي محاولة تفرض نفسها ليس عليّ، صدّقوني، ليس عليّ فحسب، بل
على جميع القيادات اللبنانية بدون استثناء، موالاة ومعارضة، ولا أحد يصدق أبداً ان
شخصا، أي شخص كان، يستطيع ان ينقذ لبنان وحده، فإما ان ننقذه جميعا أو ان ننهار
جميعا، لذا أتقدّم بما يأتي:
أولاً: الاعتذار الشديد لعدم تمكني من إجراء مشاورات مسبقة وتفصيلية لهذا الطرح،
ولكنني آمل في قبول اعتذاري هذا وبالتالي تلبية المضمون، اي هذا التوجه للقيادات
اللبنانية.
ثانياً: أدعو جميع أطراف الحوار الوطني الذي انطلق في الثاني من آذار الماضي، وعلى
المستوى ذاته من التمثيل للعودة الى الطاولة المستديرة في المجلس النيابي للتشاور
هذه المرة حول هذه الطاولة بدل النزول الى الشارع أو الشوارع المتباينة ولا اريد
القول الشوارع المتقابلة. طبعاً، مع الأخذ في الاعتبار حق سماحة الأخ السيد حسن
نصرالله في أن يتمثل إذا ارتأى، بمن يرتئيه لمقتضيات أمنية يعلمها جميعنا.
ثالثاً: إن مدة التشاور هذه هي خمسة عشر يوماً حداً تقصى، تبدأ بجلسة أولى في تمام
الساعة الحادية عشرة يوم الاثنين المقبل الواقع في الثلاثين من تشرين الأول الحالي.
رابعاً: إن أي امر يجري الاتفاق عليه يصار وضعه موضع التنفيذ حتى لو تأخر بتّ أمر
آخر أو تعذّر، وبعد، فموضوعا التشاور هما أولاً: بحث موضوع حكومة الوحدة الوطنية
وهو عنوان الشقاق اليوم، ثانياً: بحث موضوع قانون جديد للانتخابات. وهذا لا يعني
القفز فوق ما قامت به اللجنة التي ترأسها معالي الوزير الاستاذ فؤاد بطرس، بل
المطلوب من القيادات أمران: تحديداً ماهية الدائرة الانتخابية وماهية النظام
الانتخابي، أكثري أم نسبي آم الاثنان معاً".
وبما أننا أمام مؤتمرات مالية لمساعدة لبنان واستحقاقات تنتظرنا لدفع ما يتوجب
علينا من ديون بدءاً من العام
2007 وهي مستحقات كثيرة، فإننا سنبادر فوراً الى دعوة اللجان المشتركة في المجلس
النيابي، في حضور نواب يمثلون كل أطراف التشاور، للبحث في الشأنين المالي
والاقتصادي بما يريح اللبنانيين ويؤمن الإسراع في بناء ما هدمته الآلة الهمجية
الاسرائيلية". وتوجّه بالحديث الشريف الى كل اللبنانيين: " إذا غضب الله على قوم
أورثهم الجدل وجنّبهم العمل".
حوار
سئل: هل المؤشرات مؤاتية للحوار بين الأطراف للتشاور؟
أجاب: " ورد الجواب عن هذا السؤال في ما طرحته. قلت إنني اعتذر سلفاً من جميع
القيادات اللبنانية، لأنني لم أتمكن من اجراء تشاور مفصل حول هذا الموضوع، وقلت
إنني اتمنى ان يقبلوا اعتذاري ولكن يسيروا في المضمون، يعني أن يلبوا هذه الدعوة".
سئل: أين هو موقع رئيس الجمهورية، نرى أنك لم تأت على ذكره في هذا الموضوع؟ أجاب: "
كل ما هو مطروح على الحوار الوطني لن يؤتى على ذكره، لأن موضوع الحوار شيء وموضوع
التشاور شيء آخر".
سئل: الى أي درجة انتم متخوفون من اللجوء الى الشارع، هل هناك مؤشرات لتردي الوضع
اكثر مما هو عليه اليوم؟
أجاب: " هذا السؤال يجعلني مع الأسف أجيب: نعم، أكثر من متخوف، ولعلي اصل الى درجة
الاعتقاد ان هذا التوتر وهذا التصعيد الذي حصل سيؤديان الى مواجهات في الشارع
اللبناني، ونحن نعلم مع الأسف الشديد الانقسام الأفقي والعمودي القائم، ولا اريد ان
تقول الطائفي والمذهبي في البلد، لذلك نحاول ان نجعل هذا الموضوع محصوراً في ما
بيننا وبحوار، " وادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم".
علماً انه لا توجد في لبنان عداوات".
سئل: في موضوع حكومة الوحدة الوطنية هل هذا الأمر مرتبط برئاسة الجمهورية، وهل
سيكون البحث في موضوع حكومة الوحدة الوطنية، بالاضافة الى موضوع تغيير رئيس
الجمهورية؟
أجاب: " انتم تعلمون ان هناك كلاماً على مطالبة بحكومة وحدة وطنية، مبدأ حكومة
الوحدة الوطنية لا أحد يستطيع ان يكون ضده. اصلاً كما قلت للشيخ سعد الحريري في
لقائي معه خلال شهر رمضان: الوحدة الوطنية تفترض توافق جميع الاطراف، ليس من
المعقول ان يكون الواحد ضد شيء، المفروض ان يوافق عليه أو يتوافق عليه، ولكن بدلاً
من ان نطرح هذا الموضوع في الشارع بين حكومة وحدة وطنية وبين تعديل حكومي وبين غير
تعديل حكومي، فلنجلس الى الطاولة ونتفاوض حول هذا الموضوع، ونرى كيف يمكن ان نصل
الى نتيجة ايجابية ترضينا جميعاً طالما المسألة بتوافقنا جميعاً. هذا الموضوع ليست
له علاقة بموضوع رئاسة الجمهورية، رئاسة الجمهورية، كما قلت، الموضوع يتعلق بالحوار
الوطني وهو موجود".
سئل: قلت حضرتك إنك في الحوار الوطني ستكون طرفاً وستعبر عن رأيك، اليوم أنت تدعو
الى التشاور فهل ستأخذ بهذا التشاور الموقع نفسه، أي ان تكون طرفاً تعبر عن وجهة
نظرك السياسية؟
أجاب: "الجواب نعم، طرف وطرفان وثلاثة، هذا حقي".
سئل: طرحتم التوافق حول موضوع حكومة الوحدة الوطنية، ولكن معلوم أن قوى 14 آذار لا
سيما رئيس " تيار المستقبل" رفض مبدأ حكومة الوحدة الوطنية، وقال هذه الحكومة هي
حكومة جيدة وحائزة ثقة أكثرية المجلس النيابي، والهدف من مطلب حكومة الوحدة الوطنية
هو تعطيل المحكمة الدولية، فما هو ردكم، وهل ستأخذ طرفاً مع "التيار الوطني الحر"
و"حزب الله" وليس مع قوى الأكثرية التي رفضت أي بحث في حكومة الوحدة الوطنية؟
أجاب: " قد أكون عبرت خطأ، سأعيد لكم التعبير. قلت إن مواضيع التشاور، التشاور بين
بعضنا البعض، بحق موضوع حكومة الوحدة الوطنية، وإذا كان لدي موقف فإنني أطرحه داخل
المشاورات. هذا أولاً، إذن أما لم آخذ موقفاً لا مع هذا الأمر ولا ضده، علما أنني
في الاساس قلت لا يوجد إنسان في لبنان بمن في ذلك جميع الأخوة في 14 آذار يرفض
حكومة وحدة وطنية، لماذا؟ لأن حكومة الوحدة الوطنية تفترض توافق الجميع، وإذا كانت
هناك تخوّفات معينة فلنقلها على الطاولة وليس في الشارع، هذا كل شيء".
سئل: هل موضوع سلاح " حزب الله" مطروح على طاولة الحوار؟
أجاب: "موضوع سلاح " حزب الله" كان مطروحاً على طاولة الحوار، وحصل ما حصل. واعتقد
ان الذي قام به الأخوة في "حزب الله" وفي المقاومة كان شرفاً لنا جميعاً. وفي جميع
الحالات حتى هذا السلاح رغم كل القداسة، اذا كان من حوار يجب ان يدور حوله فإنه
يعود الى موضوع الحوار وليس الى موضوع التشاور الآن".
سئل: إذا لم تلبِّ أطراف قوى 14 آذار وقوى 8 آذار الدعوة الى التشاور، فهل يمكن ان
تكون العيدية ذهبت سدى، ونقول عندها " عيد بأية حال عدت يا عيد"؟
أجاب: " اذا كنت تريد أن أقول "عيد بأية حال عدت يا عيد" أقولها بجميع الحالات،
وإذا كانت ترضيهم فإنني أقولها، وإذا لم يلبوا، كما قلت، سأعطي مثلاً بسيطاً: هذه
النافذة في الإمكان ان اكسرها وحدي، بإمكان كل قيادي ان يخرب في لبنان، ولكن ليس في
امكان اي قيادي ان يعمر لبنان وحده على الإطلاق. هذا الشباك في إمكاني وحدي الآن أن
أكسره، ولكن اذا أردت ان أعيده فإنني في حاجة الى بضعة عمال لكي أتمم هذا الأمر. هل
اللبنانيون يريدون ان يعتبروا لبنان وطنهم الأول أو لا؟ هذا السؤال المطروح. أمر
آخر كنت دائماً أقول اذا كان هناك ناس يعتبرون أن لبنان مسرح لحروب استتباع إقليمية
يمكن أن يكون لبنان مساحة مكمن لكل القوى الشريفة في المنطقة، هناك انهيارات كبيرة
في المنطقة من أفغانستان الى العراق، وما بينهما، كنا ننتظر ان تحصل الهزة في
إسرائيل فلماذا يريدون نقل الهزة الى بيروت؟ هذا ما اريد ان اقوله وهذا ما يجب أن
نتنبه له".
سئل: الجلسة الأخيرة انتهت عند موضوع البحث في الاستراتيجية الدفاعية، لماذا لا
يستأنف الحوار من النقطة التي توقف عندها، خصوصاً ان هذا الموضوع هو موضع خلاف بعد
العدوان الاسرائيلي؟ ايضاً ماذا عن البنود التي تمّ الاتفاق عليها خلال الحوار لا
سيما العلاقة مع سوريا؟
أجاب:
"بالنسبة
الى الشق الثاني من السؤال كل ما اتفقنا عليه انا شخصياً، والمفروض جميعنا كقيادات،
ملتزمون تنفيذه، ومن هذه البنود العلاقات المميزة مع سوريا والعلاقات الديبلوماسية
مع سوريا إلى آخر ما ورد بالنسبة الى موضوع الحوار. اما بالنسبة الى الشق الاول،
فمرة ثانية أعود وأقول هذه ليست جلسة حوار، والا كنا قلنا ندعو الى جلسة حوار، هذه
جلسة تشاور حول موضوعين ولمدة محددة أقصاها 15 يوماً تبدأ في 30 الحالي نهار
الاثنين المقبل وتنتهي بعد اسبوعين".
سئل: هل جلسات متواصلة؟
اجاب: "ممكن، هذا لا أقرره أنا، إن ما يهمني ان نكون، ان شاء الله، موضع ثقة في هذا
الطرح، وموضع نيات طيبة ونجتمع كقيادات كما اجتمعنا في السابق، وعندئذ هم يقررون
إذا كانت الجلسات تستمر، أنا مستعد خلال 15 يوماً إذا أرادوا ان يجري ذلك كل يوم
وفي الوقت نفسه تكون اللجان المشتركة تناقش الموضوع المالي، لان هذا الموضوع من
أخطر المواضيع. هذا الموضوع ممكن فعلاً، هذا العطف على لبنان والمساعدات الآتية الى
لبنان والمؤتمرات المعدة لأجل لبنان يمكن ان تذهب سدى نتيجة هذا الريح الصرصر الذي
يحيط بنا".
سئل: قلت إن السيد حسن نصرالله يمكن ان يتمثل بمن يرتئيه، هل هذا يعني انه ستكون
هناك لقاءات ثنائية مع الأمين العام ل"حزب الله"؟
أجاب: "سيكون ممثلاً، إما موضوع اللقاءات الثنائية لا يوجد قطيعة في لبنان، بين
قيادي وقيادي، تحصل بعض الامور اخذ ورد وطلعات ونزلات، هذه أمور تعودنا عليها، ليس
هناك من مشكل، ليست هناك قطيعة مثل التي تأخذ في الصحف هذا الجدل الكبير".
حكومة الوحدة
سئل: هل على جدول أعمال التشاور احتمال انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهل تعتقد أن
المؤتمر الصحافي اليوم كان مستهدفاً بالمتفجرة التي ألقيت فجراً؟
أجاب:
"بالنسبة
الى موضوع رئاسة الجمهورية أجبت عن هذا الموضوع، هذا الموضوع مطروح على الحوار،
وإذا أراد الإخوة ان يعودوا الى الحوار حوله، فهذا الموضوع ليس موضوع التشاور،
موضوع التشاور كما قلنا هو موضوع حكومة الوحدة الوطنية، والجواب على سؤالين فقط في
ما يتعلق بقانون الانتخاب وهما موضع الخلاف بين اللبنانيين، ما هي الدائرة
الانتخابية محافظة ام نصف محافظة ام قضاء ام دائرة واحدة وما هو النظام الذي يريده
اللبنانيون سواء أكان نظاما اكثريا ام نسبيا ام الاثنين معا، لا سيما ان اللجنة
برئاسة الاستاذ فؤاد بطرس عملت ستة اشهر (الله يعطيهم العافية). ولكن بعدما قدموا
خلاصة أفكارهم حصلت تقريباً ايضاً المعارضة نفسها وبقي الموقف نفسه، فقلنا اذا كان
من الممكن ان يحل هذا الموضوع فعندما يكون مسألة اساسية حتى نسير في قانون ونؤمن
قانون انتخابات. كنا دائماً ننتقد أننا نصل لآخر يومين حتى نسير في القانون. اما
بالنسبة الى موضوع القنبلة الصوتية فاذا كان من قاموا بهذا العمل يقصدون ان يرتفع
الصوت أكثر من هنا، من عين التينة، فها أنا أرفعه".
سئل: تعلمون أن هناك توتراً في الوضع الدولي وفي العلاقات العربية العربية وهذا
ينعكس على لبنان، هل مبادرتك التشاورية قمت باتصالات لتحميها، هناك قوى حليفة
لسوريا بدأت تدعو الى النزول الى الشارع والى التغيير، فهل تمّ التشاور مع
المسؤولين السوريين في تجنيب لبنان هذا التوتر؟
أجاب:
"قلت
إن اللبنانيين، مع الأسف، نعم هناك انقسام عمودي وافقي، ولا اريد ان أقول ان هناك
انقسامات مذهبية وطائفية. وأنا من الذين يعتبرون انه إذا كان العرب بخير لبنان يكون
أيضاً بصحة أفضل ويكون بخير، وفعلاً العلاقات العربية العربية اذا كانت جيدة تنعكس
على لبنان، وانا ليس عندي في السياسة شيء تحت الطاولة وأحب ان تكون الامور مكشوفة.
نعم، احد اهم اسباب زيارتي للمملكة العربية السعودية ليس فقط لشكر المملكة العربية
السعودية لما قدمته وتقدمه من اجل لبنان، خصوصاً بعد العدوان الاسرائيلي الغاشم على
لبنان، ولكن ايضا في سبيل تحسين العلاقات العربية العربية، خصوصاً تحسين العلاقات
السعودية السورية، لان مثل هذا التحسن ينعكس ايجاباً على لبنان. طالبت بتطبيع
العلاقات ليس فقط ايضاً مع السعودية، مع مصر، مع كل بلد آخر. العرب اذا كانوا
موحّدين فهم بالكاد يكون لهم مكان تحت الشمس، فكيف بالأحرى إذا كانوا مفرقين. مع
الأسف نتيجة الاهتزاز الآن في المنطقة إقليمياً، أعود وأؤكد، مع الأسف، بدلا من ان
يلاقيه العرب على الاقل موحّدين، على الاقل متضامنين، على الأقل منسقين بأضعف
الإيمان.
العلاقات العربية العربية لا تزال قائمة على تعقيدات عديدة. وهذا الأمر يجعل من
حصة العرب حتى في الشرق الأوسط الجديد، ليس بالمعنى الاميركي، الآن نحن امام شرق
أوسط جديد ولكن ليس الشرق الأوسط الذي تحدّث عنه الاميركيون. فلنتنبه الى ما يحصل،
مرة اخرى، في أفغانستان، في العراق، في فلسطين، وأيضاً وأيضاً لما يُعدّ بالنسبة
الى موضوع لبنان. فلنتق الله، والسلام عليكم".