اقتراح قانون للنائب محمد قباني لإنشاء "هيئة إدارة الكوارث"

 

تقدم النائب محمد قباني من مجلس النواب، باقتراح قانون لإنشاء هيئة إدارة الكوارث، جاء فيه:

 

المادة الأولى:

تنشأ هيئة تدعى "هيئة إدارة الكوارث" وتعرف في هذا القانون باسم الهيئة.

 

المادة الثانية:

تتولى الهيئة العمل على مواجهة جميع أنواع الكوارث الطبيعية وتلك الناتجة من النشاط البشري وتداعياتها بمراحلها كافة:

-مرحلة الدراسة والتخطيط والتجهيز والاستعداد لمنع حصول الكارثة والحد من مخاطرها.

-مرحلة الاستجابة للكارثة و ادارتها.

-مرحلة النهوض المبكر و إعادة التأهيل.

 

المادة الثالثة:

الهيئة هي المرجع الوطني في ما خص ادارة المخاطر والكوارث والحد منها بمراحلها كافة، وتتعاون بشكل وثيق مع المؤسسات العامة والخاصة ذات الشأن والتي تهتم بالبحوث والدراسات العلمية ولا سيما المجلس الوطني للبحوث العلمية والجامعات المعنية التي تشكل مصدرا للمعلومات الضرورية لبناء خطط الحماية من الكوارث الطبيعية والبيئية.

والهيئة إطار يجمع في مكوناته عددا من المؤسسات التي سبق أن قامت بمهمات في مجال الإنقاذ والإغاثة ولا سيما الهيئة العليا للاغاثة والمديرية العامة للدفاع المدني بهدف توحيد وضمان فعالية أعمال الإغاثة والإنقاذ وحماية المواطنين وممتلكاتهم.

لذلك تولج بالمهمات الآتية على سبيل التعداد لا الحصر:

1.       ضمان اعتبار الحد من خطر الكوارث أولوية وطنية ومحلية قائمة على قاعدة مؤسساتية صلبة للتنفيذ.

2.       اقرار التوجهات والسياسات العامة حول ادارة مخاطر الكوارث والحد منها والعمل على ادماج ادارة مخاطر الكوارث والتخفيف منها ضمن سياسات التنمية المستدامة والتخطيط.

3.       إقرار الاستراتيجية الوطنية لادارة مخاطر الكوارث ومتابعة تطبيقها.

4.       وضع الخطة الوطنية للاستجابة لكافة أنواع الكوارث، والعمل على التدريب عليها وتحديثها دوريا.

5.       الطلب من الوزارات والمحافظات والهيئات المحلية وضع خطط لادارة مخاطر الكوارث في نطاق اختصاصها ورفعها للموافقة عليها وتأمين تطبيقها.

6.       ضمان الاستجابة الفعالة في حال وقوع كارثة من خلال غرف العمليات والإنقاذ المتخصصة.

 

المادة الرابعة:

- ترتبط الهيئة برئيس مجلس الوزراء مباشرة.

- تحدد أنظمة الهيئة بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء.

- تعطى الهيئة استقلالا ماليا واداريا في ممارسة مهماتها، وتحدد أنظمتها في حدود ما تقتضيه تأدية المهمات المنوطة بها.

 

المادة الخامسة:

أجهزة الهيئة: تتألف الهيئة من:

- مجلس أعلى يترأسه رئيس مجلس الوزراء ويضم وزراء الدفاع الوطني، الداخلية والبلديات، الصحة العامة، الشؤون الاجتماعية، الأشغال العامة والنقل، البيئة، الطاقة والمياه والزراعة والمالية.

- مكتب تنفيذي مؤلف من أمين عام متفرع وعضوين متفرغين يتبع له جهاز اداري ومالي وغرف عمليات.

- يكلف الأمين العام مهمات أمين السر لدى المجلس الأعلى.

- ترتبط بالمكتب التنفيذي هيئة تنسيق إستشارية مؤلفة من ممثلي الإدارات الرسمية المعنية والأجهزة وبلديات المدن الكبرى والهيئات غير الحكومية المعنية، على أن يكون ممثلو الإدارات من الفئتين الأولى أو الثانية.

 

المادة السادسة:

يكلف المكتب التنفيذي متابعة تنفيذ قرارات المجلس والتنسيق بين كل الوزارات والادارات المعنية بكل ما له علاقة بقرارات المجلس ومهماته، ودعمها.

على أن تتم الاستعانة بأصحاب الكفاءة والخبرة في موضوع ادارة مخاطر الكوارث.

كما يمكن في كل حالة الاستعانة بكل الادارات والمؤسسات العامة والخاصة من أجل تنفيذ مهمات المجلس.

 

يتولى المكتب التنفيذي للمجلس المهمات الآتية على سبيل التعداد لا الحصر:

1. يعتبر المكتب التنفيذي للمجلس المنسق الوطني الوحيد لكل أنواع الكوارث في جميع مراحلها.

2. يعمل المكتب التنفيذي وبالتعاون مع المؤسسات المعنية على وضع السياسات والاستراتيجيات والخطط الوطنية لترقب وادارة

مخاطر الكوارث والحد منها، ليصار الى عرضها على المجلس الأعلى لاقرارها.

3. متابعة وتحديد خطر الكوارث وتقويمها ورصدها وتعزيز الانذار المبكر بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات المعنية.

4. دعم وتنسيق وتعزيز التأهب للكوارث بغية التصدي لها بفعالية على جميع المستويات بالتعاون مع المؤسسات المعنية واستنادا الى الخطة الوطنية للاستجابة.

5. دعم بناء ثقافة سلامة عامة من خلال تطوير وتنفيذ برامج توعية وبناء قدرات على جميع المستويات.

6. التنسيق بين مختلف الجهات والمنظمات المحلية والدولية المهتمة بأعمال ادارة مخاطر الكوارث والطوارئ.

7. التنسيق مع الهيئات المحلية ومنظمات المجتمع المدني في كل مجالات ادارة مخاطر الكوارث.

8. مساندة الوزارات والمحافظات والهيئات المحلية في وضع وتنفيذ خططها حول إدارة مخاطر الكوراث والحد منها والاستجابة لها.

 

المادة السابعة:

يتم تمويل الهيئة من خلال: مساهمة الدولة، الهبات و التبرعات على أنواعها، مداخيل أخرى متفرقة.

لا تخضع الهبات المقدمة الى المجلس لأي ضرائب أو رسوم جمركية، مالية، بلدية، او مرفئية أو غيرها.

 

المادة الثامنة:

تعتبر هيئة إدارة الكوارث الهيئة الرسمية الوحيدة المعتمدة لكل اعمال الكوارث والإنقاذ، وتلغى سائر اللجان والهيئات والمديريات التي أنشئت في السابق لهذا الهدف، ولا سيما الهيئة العليا للاغاثة والمديرية العامة للدفاع المدني، وتنتقل إلى الهيئة جميع مهماتهما وأعمالهما وموجوداتهما العينية والمالية والبشرية.

تعتبر هذه الهيئات والمديريات ملغاة فور صدور المراسيم التنظيمية لاحكام هذا القانون.

 

المادة التاسعة:

تحدد دقائق تطبيق هذا القانون بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء، وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون.

 

المادة العاشرة:

يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية".

 

الأسباب الموجبة


وجاء في الاشباب الموجبة:


"
لقد كان الإنسان على مدى سنوات عديدة يعاني الكوارث الطبيعية التي تترك وراءها آثارا مدمرة على الممتلكات والسكان. وكان يصعب على الدول مواجهة تلك الكوارث لقلة الامكانات المتوافرة او لعدم وجودها مما جعل الخسائر خيالية.


فالأخطار الطبيعية المحتملة تتضمن الظواهر الطبيعية مثل الزلازل والثورات البركانية والإنزلاقات الأرضية، وموجات التسونامي، والأعاصير المدارية والزوابع وغيرها من العواصف، والأعاصير الدوامية والرياح الشديدة وفيضانات الأنهار، والمد الساحلي والحرائق الكاسحة وما يصحبها من اغبرار، والجفاف والأضرار التي يحدثها والضعف في مواجهة الكوارث الطبيعية هي نتيجة لتصرف الإنسان وعمله. ويعتبر مدى تأثر أي نظام اجتماعي - اقتصادي بالأخطار الطبيعية وما يتصل بها من كوارث تكنولوجية وبيئية أو قدرته على التصدي لها، ودرجة الهشاشة نتيجة عوامل منها الوعي بوجود الأخطار، وحالة التجمعات البشرية، والهياكل الأساسية، والإدارة العامة والسياسات العامة، والقدرات التنظيمية في جميع مجالات ادارة الكوارث. وخطر الكارثة المحتمل هو احتمال حدوثها، أي أثر الخطر الطبيعي على نظام اجتماعي - اقتصادي على درجة ما من الضعف. ولذلك فإن ادارة المخاطر تتضمن جوانب الوعي بالأخطار، وتقييم الضعف، والتنبؤ بآثار الكوارث، ووضع التدابير المركزية المناسبة. وتتضمن هذه التدابير بدورها التخفيف من أثر الكوارث والحد من الضعف.

 

والى ما قبل الحرب العالمية الاولى لم تكن الكوارث الصناعية معروفة، حتى حدث التطور الصناعي وبدأت الدول تصنع الأسلحة التي تحدث الدمار الشامل في الدول المعادية. ثم أخذت الدول تطور هذه الأسلحة الى أن أصبحت متعددة الأنواع (نووية- كيميائية- جرثومية) ثم حدث تطور في مجالات مواجهة هذه الكوارث الناجمة عن تلك الأسلحة.

 

لقد أجمعت معظم التشريعات على أن ترقب الكوارث تعني حماية ونجدة الانسان والممتلكات في كل الظروف، سواء في زمن الحرب والاضطرابات أو أثناء النكبات، وهي الوقاية من المخاطر الطبيعية والصناعية والحربية وتخفيف نتائجها وتوحيد الجهود لمواجهة تلك الأخطار والعمل على استمرار عمل المرافق المهمة ووضع الإجراءات والأعمال المناسبة لحماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة تحت كل الظروف.

 

إن فكرة الحماية من الأخطار القدرية (زلازل-براكين-رياح-أعاصير-تسونامي-تغير مناخ...) وأخطار الحروب، قديمة قدم الإنسان. ومع تقدم الأزمان وتطور المجتمعات البشرية وازدهار الصناعات والعمران وما يترتب على التكنولوجيا الحديثة من مخاطر الى جانب الكوارث والنكبات المختلفة التي تحدث من حين الى آخر، جعل التفكير الانساني يتطور في ميدان الحماية وذلك بقصد المحافظة على العنصر البشري والاقتصادي، ولا سيما أن أسلوب التنظيم الحديث للحياة الاجتماعية صار يهدد في كل حين بانفجار وبحدوث كارثة، وخصوصا في المدن الكبرى حيث مئات الآلاف من السكان وانتشار المركبات الصناعية الضخمة وتراكم أنواع المواد المهلكة، مما جعلها ملتقى المخاطر والنكبات، بالاضافة الى ما يطرأ في بعض الدول من اضطرابات ونزاعات مسلحة أو حروب من حين الى آخر.

 

ان لبنان هو واحد من البلدان التي اعتمدت اطار عمل هيوغو عام 2005، التابع لمنظمة الأمم المتحدة الانمائي في خطة لعشر سنوات، وذلك لجعل العالم أكثر أمانا من الكوارث.


ان اطار عمل هيوغو يسعى بنتائجه للوصول الى "الحد بشكل كبير من الخسائر الناجمة عن الكوارث في الأرواح والممتلكات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للمجتمعات والبلدان".


من أجل تحقيق النتائج المذكورة أعلاه، يؤكد إطار عمل هيوغو التحول من أعمال الإغاثة في حالات الطوارئ (الذي لا يزال عاملا مهما) الى الإستجابة للحد من مخاطر الكوارث في مراحل ما قبل حدوث الكارثة، وذلك عبر الوقاية، التخفيف والتحضر.

 

إن إطار عمل هيوغو يدعو إلى:

- إدخال نهج الحد من مخاطر الكوارث في سياسات التنمية.

- تطوير قدرات المؤسسات وبناؤها في مواجهة المخاطر.

- إدخال نهج الحد من مخاطر الكوارث في برامج التحضر، الاستجابة وإعادة الاعمار.

 

ولما كان من الصعب إذ لم يكن من المستحيل توقع حدوث معظم الكوارث، طبيعية كانت أم من صنع الانسان، وخصوصا في موقعها وحجمها وآثارها المحتلمة، فالكوارث هي أحداث تأتي مفاجئة وتلحق إصابات وخسائر في الأرواح و/أو تشريد أعداد كبيرة من السكان وأضرارا بالهياكل الأساسية، الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للبلدان، وتعرقل تحقيق تنميتها المستدامة.


إن الدول هي المسؤولة في المقام الأول عن حماية المواطنين والممتلكات مما يواجههم من أخطار في أراضيها ولذلك فإن من المهم ان تولي تلك الدول أولوية عالية للحد من مخاطر الكوارث في السياسة الوطنية على نحو يتفق وقدراتها والموارد المتاحة لها. فتعزيز قدرات المجتمعات للحد من مخاطر الكوارث أمر ضروري، وذلك يكون من خلال أنظمة الإنذار المبكر، وتقويم المخاطر، والتثقيف وتطوير المعارف العلمية والتقنية القائمة، وغير ذلك من النهج والانشطة الاستباقية والمتكاملة المعدة لمواجهة أخطار عديدة والشاملة لقطاعات متعددة في سياق دورة الحد من الكوارث، والتي تتألف من ثلاث مراحل:

 

- مرحلة التخطيط والاعداد والاستعداد والتجهيز لمنع أو تخفيف الحدث (Prevention, Mitigation, Preparedness).

- مرحلة الاجابة Response لإحتواء الاضرار والحد من الخسائر البشرية والاقتصادية.

- مرحلة النهوض المبكر والاعمار واعادة التأهيل (Early Recovery Reconstruction, Rehabilitation).

 

ولبنان، شأنه شأن بلدان المنطقة تحدق به سلسلة من المخاطر الطبيعية، يتمحور الخطر الأول في المنطقة حول كارثة طبيعية بارزة: الزلزال و/أو موجة التسونامي (مد البحر). وإلى هذا الخطر المحدق، تضاف مخاطر أخرى، وتشمل: الفيضانات، وحرائق الغابات، وانزلاق الأرض والجفاف. أما تعرض الشعب اللبناني لمخاطر الكوارث الطبيعية الكبيرة منها والصغيرة، فمضاعف لعدم وجود جهة مركزية للتصدي للكوارث فضلا عن:

 

1-       الحضور الرسمي الضعيف وغير المنظم في المحافظات.

2-       التوسع الحضري غير المنظم والمباني غير الآمنة.

3-       عدم تطبيق قوانين البناء والتشريعات المتعلقة باستخدام الأراضي.

4-       سلسلة من العناصر البيئية مثل التصحر السريع، وأنظمة الصرف الصحي الضعيفة، وتسلل مياه البحر إلى جيوب المياه الجوفية والتلوث البيئي. ولعل الحالة اللبنانية خير مثال على ما ورد في تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول المخاطر للعام 2004، والذي تطرق إلى العلاقة بين خطر الكوارث والإمتداد الحضري، وقد استنتج التقرير أن البلدان ذات نسب انتشار حضري عالية وتعرض فيزيائي عال تتزامن مع مستوى عال من المخاطر والوفاة الناجمة عنه.

 

إستنادا إلى الدراسات حول الكوارث الماضية، يمكن اعتبار لبنان منطقة معرضة لخطر الزلازل إذ تمر بعض الأخاديد المؤدية إلى الزلازل عبر الأراضي اللبنانية. وقد تعرضت المدن الساحلية مثل صور، صيدا، بيروت وطرابلس إلى عدد من الزلازل الخطيرة عبر القرون. كما تتميز التضاريس بالإنحدارات السريعة وتسود التربة الكلسية في عدد من المناطق. قد يكون هذا النوع من التربة عرضة للتآكل، خاصة على الانحدارات القوية وعلى الأراضي التي اختفى فيها الغطاء النباتي نتيجة للممارسات الزراعية السيئة والتصحر.

أضف إلى ذلك أنه لا يجري تقييم عناصر البنية التحتية والمباني بشكل سليم للتأكد من قدرتها على الصمود في حال وقوع أية كارثة، مما يجعلها عرضة للخطر المحدق. وقد تتأثر شبكة الطرقات الحالية بانزلاق التربة مما قد يعيق النفاذ إلى عدد من الأراضي اللبنانية. استنادا إلى كل ما سبق، يمكن القول إنه لو وقع زلزال، سيكون له حتما تأثير سلبي كبير على جهود البلاد التنموية. قد يؤدي كذلك هذا النوع من الكوارث إلى عدد كبير من الإصابات والضحايا، خصوصا بسبب غياب منهجية وطنية سليمة لخفض المخاطر.

 

ففي الماضي أدت بعض الزلازل إلى موجات تسونامي في المنطقة، إذ دمرت بيروت بسبب موجة تسونامي عام 551. وقد أشارت دراسة للأراضي تحت البحر أن لبنان يقع بالقرب من أخدود قد يؤدي يوما إلى وقوع موجة تسونامي كارثية أخرى. ووفقا للدراسة، يقع هذا الأخدود على بعد حوالي ستة كيلومترات من الساحل اللبناني، وقد أدى هذا الواقع إلى حصول موجة تسونامي نتيجة زلزال دمرت المدن الساحلية الفينيقية عام 551م. بفضل هذا الأخدود البحري (المكتشف حديثا)، ولدت سلسلة جبل لبنان التي تعلو فوق سطح البحر. يتحرك هذا الأخدود كل 1500 سنة، مما يعني أنه يمكن لكارثة شبيهة بتلك التي وقعت في 9 تموز 551 أن تتكرر في أي وقت. كما عرف عن طرابلس في تلك الفترة أنها غرقت نتيجة للحادث، أما بيروت فاحتاجت إلى حوالي 1300 عاما للنهوض منها. "لعلها إحدى أكبر الكوارث البحرية في تاريخ شرقي المتوسط". استنتجت الدراسات أن كارثة العام 551 تعود إلى شرخ يصل طوله إلى حوالي تسعين كلم (62 ميل) على الأخدود الواقع في عرض البحر والذي ولد سلسلة جبل لبنان. وقد نجم عن هذا الشرخ زلزال وصلت حدته إلى 7,5 يروى كذلك عن وقوع ما لا يقل عن أربعة زلازل مشابهة لذاك العائد لعام 551 خلال السنوات ال6000 إلى الـ7000 الماضية.

 

أخيرا، شهد لبنان دعما لمؤسساته في حال الكوارث. وتشمل الجهود الدولية المستمرة في تعزيز الاستعداد لمواجهة المخاطر ما يلي: التدريب، والمعدات إلى عناصر الدفاع المدني، والدعم لمختلف المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية والجهات المانحة في مجال الاستعداد للكوارث (خاصة في ما يخص الإعانة). لكن حتى الساعة، لا جهاز مسؤول عن تخفيض المخاطر الناجمة عن الكوارث في شتى المراحل (وليس مرحلة الإعانة بعد الكارثة والطوارىء وجهود الإخلاء وحسب). هذا يعني أن جهود الجهات المانحة مجزأة في الوقت الحالي ولا تندرج ضمن أي برنامج وطني شامل ذات أهداف واضحة. وتبرز بالتالي الحاجة إلى جهاز لدمج شتى الموارد المتوفرة أو المتوقعة مع ترشيدها.


كما يشمل تخفيض المخاطر الناجمة عن الكوارث شتى الجوانب، من التخطيط إلى الاستجابة. ويشير هذا المفهوم إلى إدارة مخاطر الكوارث وعواقبها، كما يشمل سلسة واسعة من المهمات، قبل الحدث وخلاله وبعده، منها:

 

1-       تطوير الخطط والنشاطات المستندة إلى الإجراءات الوقائية والتخفيضية على شتى المستويات في المناطق المعرضة لخطر وقوع كارثة. قد تشمل هذه النقطة الاجراءات البنيوية وغير البنيوية الآيلة إلى تخفيض المخاطر المتصلة ببروز الكوارث الطبيعية قدر المستطاع مع تخفيض العواقب الجانبية التي لا مفر منها.

2-       تحضير الخطط والاجراءات ذات الصلة في المناطق المعرضة لنشوب كارثة من أجل تنبيه السكان قبل وقوع الكارثة إذا أمكن. قد تشمل هذه النقطة الاستعدادية على تنظيم الاستجابة السريعة المناسبة والفعالة إذا قضت الحاجة. كما وتشمل اتخاذ التدابير السريعة لتنظيم عمليات الإخلاء (إذا اقتضت الحاجة)، وتنظيم عمليات البحث والإنقاذ، وتنظيم نشاطات الإغاثة وإعادة التأهيل الأولية.

3-       لاستجابة السريعة في حال وقوع كارثة، بما يشمل البحث عن الضحايا والإنقاذ والإغاثة وإعادة التأهيل/الإعمار الأوليتين.

4-       إعادة الإعمار بعد الكارثة/نشاطات النهوض الطويلة الأمد وإعادة التأهيل.

واستنادا إلى ذلك، يمكن القول إن لبنان بلد ذو خبرة في الاستجابة إلى الكوارث في مختلف مراحلها مع خفض مخاطرها، لكن تنقصه القدرات الفنية. وفي غياب أية مؤسسة مسؤولة عن تطوير مقاربة مدمجة وخلق الصلات الضرورية، تبقى جهود مختلف الوزارات مجزأة ولا تحقق الأهداف الواردة أعلاه من حيث تخفيض المخاطر الناجمة عن الكوارث".
وعلاوة على ذلك، ان التنفيذ الفعال لنظام الحد من مخاطر الكوارث يتوقف على القدرات المؤسسية من قبل الجهات الفاعلة الرئيسيةعلى مختلف المستويات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.. ثم إن إطار عمل هيوغو حدد الهدف الاستراتيجي الثاني:

 

تطوير المؤسسات والآليات والقدرات وتعزيزها على كل المستويات، ولا سيما على مستوى المجتمع المحلي، التي يمكن أن تساهم بشكل منتظم في بناء القدرة على مواجهة المخاطر".

 

وهكذا، لكي يحقق لبنان النجاح في تطبيق نظام الحد من الكوارث وإعادة التأهيل، يجب أن تتوافر الأسس المؤسساتية والقانونية الملائمة.

 

ثم إن لبنان وقع اتفاقيات عديدة حول ادارة مخاطر الكوارث وذلك في مجالات الأبحاث والدراسات والإستجابة.

 

ولما كان لبنان يركز بكل أجهزته على الاستجابة للكوارث دون سواها من المراحل، ولما كانت الدراسات والتحاليل حول المخاطر وآثارها غير موجودة تقريبا، إقتضى إنشاء هيئة رسمية لإدارة الكوارث تتولى شؤون الكوارث بكل مراحلها لا سيما التحضر، الترقب، الإستجابة وإعادة الإعمار.


نقترح أن تنشأ هذه الهيئة من مجلس أعلى يترأسه رئيس مجلس الوزراء، ومكتب تنفيذي مؤلف من أمين عام وعضوين متفرغين، وتكون هذه الهيئة ذات استقلال مادي واداري مرتبطة مباشرة برئيس مجلس الوزراء ولا تتمتع بالشخصية المعنوية.

علما أن الاقتراح يرد ضمن سياق ما نص عليه الدستور اللبناني حول مهمات رئيس مجلس الوزراء والتي تنص حرفيا: "يتابع أعمال الادارات والمؤسسات العامة وينسق بين الوزراء ويعطي التوجيهات العامة لضمان حسن سير العمل".
وقد أثبتت التجارب الناجحة في مختلف دول العالم ضرورة ارتباط الجهاز المكلف بأعمال الكوارث مباشرة برئيس مجلس الوزراء المولج بالتنسيق ما بين كل الادارات ومتابعة عملها.

 

لذلك نقدم اقتراح القانون الخاص بإنشاء "هيئة إدارة الكوارث" راجين إقراره من المجلس النيابي الكريم".