النائب كنعان عاد من ورشة في لندن مجددا الدعوة الى تعزيز الإدارة (7/4/2011)

 

عقد رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان مؤتمرا صحافيا اليوم في مجلس النواب تحدث فيه عن ورشة العمل التي شارك فيها في لندن مع النائب علي عسيران، استهله بالقول: "أحببت أن ألتقيكم اليوم لأتحدث إليكم وعبركم إلى الرأي العام اللبناني عن ورشة عمل عقدت في لندن أخيرا عن حقوق الإنسان ودور البرلمانات في هذا الشأن. وقد تتساءلون عن الغاية التي أرمي إليها من هذا اللقاء، في ضوء ورش العمل والمؤتمرات التي سبق عقدها في لبنان أو في الخارج عن حقوق الإنسان وألقيت فيها الكلمات الرنانة التي بقيت صرخة في واد، وأعدت الدراسات التي استمرت حبرا على ورق، في حين أن حقوق الإنسان ما زالت مجرد شعارات ترفع هنا وهناك في المناسبات، وتنتهك هنا وهناك في كل حين، حتى في أعرق البلدان ديموقراطية وحضارة. وقد تتساءلون أكثر فأكثر عما سأقول في هذا اللقاء، وأنا رئيس للجنة المال والموازنة، ولست رئيسا للجنة حقوق الإنسان البرلمانية.

 

أحببت أن التقيكم لأتحدث عن أمرين أساسيين:الاول يتعلق الأمر بأبرز موضوع تم عرضه في ورشة العمل بناء على طلبنا وبات يعتبر إحدى ركائز حقوق الإنسان والمواطن بحيث أصبح موضوعا رئيسيا على جدول أعمال أي مؤتمر أو ندوة أو ورشة عمل تتناول حقوق الإنسان، عنيت بذلك موضوع الحد من الفساد ومكافحته بالرقابة أولا والمحاسبة عند اكتشاف الأخطاء. والثاني يتعلق الأمر بما تحقق بنتيجة المشاركة في ورشة العمل وفي الاجتماعات الجانبية التي عقدت في مناسبتها أو من جراء المشاركة فيها".

 

وتابع:"أولا لجهة الأمر الأول، تعلمون كما أعلم أن الفساد أصبح ظاهرة عالمية، وأدى إلى انهيار أنظمة سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية في أكثر البلدان تقدما وأكثرها تخلفا على حد سواء. أليست الأزمة المالية العالمية التي حصلت منذ أكثر من عامين نتيجة فساد في أجهزة المراقبة والتدقيق المالي؟ ألم تنشب ثورات في بلدان ليست بعيدة عنا وأدت إلى انهيار أنظمة سياسية بسبب الفساد المستشري على الأصعدة السياسية والمالية والاجتماعية؟ وهل يمكن ضمن حقوق الإنسان والمواطن إذا كان الفساد قائما في المجتمع؟ ويطول الكلام على الفساد ولا ينتهي. وهذا ليس موضوع كلامي إليكم وعبركم، لأنكم قد تكونون أبرع مني في الحديث عنه.

 

أما موضوع كلامي فهو عن طرق ووسائل مكافحة الفساد والحد منه وتطورها في المجتمعات المتقدمة:

 

ففي البلدان الديموقراطية، تتجلى أولى وسائل مكافحة الفساد والحد منه في النظام الانتخابي الذي يجب أن يؤدي إلى تكوين برلمان يعبر عن إرادة الشعب، ويشرع ويراقب ويحاسب باسم الشعب ولمصلحته، وتنبثق منه حكومة تعمل على تحقيق مصالح الشعب وتحافظ على حقوقه إنسانا ومواطنا. فإذا فسد النظام الانتخابي تعطلت إحدى وسائل مكافحة الفساد ووسائل الحد منه، وتفشى الفساد ليصبح آفة تهدد حقوق الإنسان والمواطن، وبات من الضروري التفتيش عن وسائل بديلة.

 

وثانية وسائل مكافحة الفساد والحد منه إنشاء أجهزة مستقلة وكفوءة تراقب عمل الحاكم على جميع الأصعدة من قانونية ومالية وإدارية وسواها. فإذا فقدت أجهزة الرقابة قدرتها على القيام بمهماتها كاملة لأحد الأسباب التالية، أو لأكثر من سبب منها:

 

انعدام الاستقلال من طريق ربط أجهزة الرقابة بالسلطة التنفيذية التي يفترض بهذه الأجهزة أن تراقبها وانعدام الكفاءة من طريق: شغور الوظائف، أو سوء اختيار المراقبين، أو سوء تحديد شروط التعيين في وظائف أجهزة الرقابة.

 

فساد أجهزة الرقابة في ذاتها بحيث تصبح في حاجة إلى من يراقبها. ضمان الحماية القانونية أو السياسية أو كليهما للسلطة التنفيذية وللعاملين فيها،

 

ففي هذه الحال تتعطل إحدى وسائل مكافحة الفساد ووسائل الحد منه، ويستشري الفساد على جميع المستويات، وتصبح للفساد مؤسساته المنظمة فتعم ثقافته المجتمع بكامله وتطيح حقوق الإنسان والمواطن، ويصبح من الضروري التفتيش عن وسائل بديلة.

 

وثالثة وسائل مكافحة الفساد والحد منه إنشاء سلطة قضائية مستقلة تراقب مدى مشروعية الأعمال الإدارية فتشكل رقابة وقائية تحول دون مخالفة العمل الإداري لأحكام القانون، أو تحاسب وتعاقب عند خرق أحكام القانون، أو في حال التعدي على المواطن في شخصه أو ماله أو رزقه أو حقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، فتشكل رقابة لاحقة تردع المعتدي وتوصل المعتدى عليه إلى حقوقه، أو تعوض عليه في حال كانت أجهزة السلطة التنفيذية هي المعتدي بتجاوزها حد السلطة أو خرقها للقوانين النافذة".

 

اضاف: "إذا فقد القضاء قدرته على القيام برقابتيه الوقائية والردعية فلأحد الأسباب التالية:

-                       انعدام الاستقلال من طريق ربط القضاء بالسلطة التنفيذية التي يفترض بالسلطة القضائية أن تراقبها.

-                      انعدام الكفاءة من طريق الشغور أو عدم تحديد عدد القضاة بما يتناسب مع الحاجة إلى توفير بت الدعاوى ضمن مهل معقولة، أو من طريق عدم تعديل هذا العدد عند الحاجة.

-                      فساد القضاء في ذاته بحيث يصبح في حاجة إلى من يعيد تقويمه. والقضاء كالملح، على حد قول السيد المسيح: "إذا فسد الملح فبم يملح؟".

-                      توفير الحماية السياسية أو القانونية أو كليهما للسلطة التنفيذية أو للعاملين فيها. فإذا فقد القضاء هذه القدرة، فما هو مصير حقوق الإنسان والمواطن؟ وعن أي حقوق نتكلم؟

 

ورابعة وسائل مكافحة الفساد والحد منه هو لقائي واياكم اليوم وعبركم توجهي إلى الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني. فإذا تعطلت وسائل مكافحة الفساد الأخرى أو حيدت أو أفسدت يبقى الرأي العام والإعلام والمجتمع المدني الوسيلة الأنجع والأشد فاعلية لممارسة رقابة الشعب على الحكام، على اعتبار أن الشعب هو مصدر السلطات، وهو الأجدر لمباشرتها بالأصالة عن نفسه عندما يتعذر على الرقابات الأخرى أن تجد سبيلها إلى الممارسة والتنفيذ. وقد تطورت هذه الوسيلة وتوسع استخدامها في البلدان المتقدمة، وتبلورت أخيرا في بعض البلدان العربية فسقطت أنظمة وتغير حكام في بضعة أيام. فمعكم وعبركم ستكون لي لقاءات شبه دورية لممارسة الرقابة والمحاسبة وليكون الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني على بينة من مواطن الفساد ومن العاملين على تحويله إلى مؤسسة".

 

وقال: "لأختم هذا الموضوع أشير إلى أمر أساسي وهو أن حسن الرقابة على أهميتها ومهما تعددت طرقها ووسائلها وإجراءاتها والقائمون عليها، لا يغني عن حسن الإدارة. فإلى تعزيز الإدارة أجدد الدعوة من أجل تغييرها فإصلاحها.

 

ثانيا: ولجهة الأمر الثاني، أذكر نتائج موضوعين عرضا في الاجتماعات الجانبية التي عقدتها مع بعض منظمي ورشة العمل أو المشاركين فيها، ولا سيما مع مؤسسة وستمنستر للديموقراطية Westminster Foundation) ) والمكتب الوطني للتدقيق(National Audit Office).

 

أ - بالنسبة إلى الاجتماع مع مؤسسة وستمنستر للديموقراطية، لا شك في أنكم على علم بمذكرة التفاهم الموقعة بين مجلس النواب والمؤسسة من أجل توسيع التعاون في ما بينهما ليشمل برنامجا يمتد على واحد وعشرين شهرا بتمويل من الاتحاد الأوروبي تحت عنوان "زيادة قدرات البرلمان اللبناني وموارده من أجل تعزيز الرقابة التشريعية والمالية الفاعلة"، وتبلغ قيمته 500 الف يورو. - وقد حددت وثيقة الاختصاص الموقعة بين الطرفين "أهداف برنامج التعاون كما يلي:

-                       المساهمة في تعزيز الحكم السليم في لبنان لا سيما من خلال تعزيز قدرة البرلمان اللبناني على ممارسة فاعلة لرقابته التشريعية والمالية وهما السمتان الأساسيتان في بناء ديموقراطية مستدامة.

-                       سوف يتركز العمل على دعم اللجان البرلمانية الرئيسة. يقترح البرنامج مقاربة من اتجاهين تضمن الوصول إلى موظفين ماهرين من خلال البناء على عمل مؤسسة وستمنستر للديموقراطية لتأسيس وحدة استشارية متخصصة واستكمالها بتقديم الدعم الخاص الى الجان الأساسية من خلال توفير التوجيه والتدريب بغية تلبية الحاجات المحددة والمقاربة المطلوبة وتبادل الخبرات مع اللجان المشابهة في المملكة المتحدة".

-                      وقال: "الهدف تأسيس وحدة استشارية لتوفير الدعم المحترف والفني للجان تسهيلا لعملها الرقابي المالي والتدقيق التشريعي الجيد.

-                       تطوير رقابة البرلمان المالية على الحكومة من خلال تعزيز لجنة المال في دورها الرقابي على المال والموازنة ودورها كلجنة حسابات عامة.

الهدف 1: دعم لجنة الإدارة والعدل في دورها التشريعي لا سيما في التشريعات الجديدة والسياسات الرئيسة المتماشية مع أفضل الممارسات والاتفاقات الدولية.

 

وقد توصلت بنتيجة الاجتماعات الجانبية التي عقدتها مع المؤسسة في مناسبة المشاركة في ورشة العمل التي تعتبر المؤسسة من أبرز منظميها والمشاركين فيها إلى وضع تفصيل الهدف الثاني المتعلق بلجنة المال والموازنة من مذكرة التفاهم على الوجه التالي (مرفق النص باللغة الإنكليزية): "كانت نتائج وتوصيات البعثة في كانون الثاني أساسا لرسم خطة العمل للأنشطة المقبلة. ولذلك نرى أن الأهداف النهائية لهذا العمل هي دعم لجنة المال والموازنة لاستخدام البرنامج الاستراتيجي للتحقيقات والتقارير والتوصيات من أجل تحسين:

أ‌-                     الإدارة المالية والدعم في الحالات الرئيسية لسوء الإدارة المالية.

ب‌-                 تثبيت نظم الإدارة المالية الفاعلة والعمليات ودعم ثقافة المساءلة المالية للمزيد من تعزيز الفاعلية المالية.

ت‌-                 تعزيز الرقابة المالية.

الهدف 2: دعم دور الرقابة المالية للجنة المال والموازنة من أجل تحسين استخدام المالية العامة:

 

النشاط 1-2: إيجاد توافق في الآراء بين المشاركين الرئيسيين.

 

النشاط 2-2: ورشة عمل - ندوة والحديث إلى أعضاء البرلمان عن مهارات اللجنة الفاعلة وعن أسس إدارة المالية العامة الحديثة.

وتوفير التدريب والدعم الاستشاري كمقاربات جديدة جرى اختبارها.

تتسم هذه الأنشطة بالتفاعلية والمرونة وتتخللها وجبات الغداء.

 

النشاط 3-2: تدريب موظفين برلمانيين (وحدة استشارية وأمانة سر لجنة المال والموازنة) على دعم اللجان، وصوغ الملخصات والأسئلة ، وكتابة التقارير، وعلى عناصر الإدارة المالية العامة الحديثة.

 

النشاط 4-2: تدريب موظفي ديوان المحاسبة على إعداد ملخصات شفهية وخطية عن تقارير التدقيق المالي لمصلحة لجنة المال والموازنة البرلمانية، وكذلك تدريبهم على كتابة التقارير في المواضيع التالية على سبيل المثال:

 

 مراقبة الأداء.

 

 مراجعة الحسابات الكترونيا.

 

 النشاط 5-2: وضع إرشادات ونظام داخلي للجنة المال والموازنة ومخطط سنوي لعملها.

 

 النشاط 6-2: قيام رئيس لجنة المال والموازنة بزيارة دراسية للمملكة المتحدة مع عضوين من اللجنة.

 

وستكون هذه مناسبة أيضا لتبادل المعرفة ولتسهيل نقل التقنيات المستخدمة من اللجان، وكذلك لمناقشة البرنامج وتقدمه.

 

النشاط 7-2: إعداد ونشر للتقارير السنوية عن عمل اللجنة".

 

واضاف: "يتبين أن كلا من لجنة المال والموازنة وديوان المحاسبة، مقبل في المرحلة المقبلة على برنامج تدريب ودعم استشاري وتقني لتعزيز قدراته من أجل إرساء رقابة أفعل ومساءلة أنجع على صعيد المالية العامة. وهو ما يكمل ويرسخ ما بدأته اللجنة خلال العام المنصرم ويدل على أنها كانت في الاتجاه السليم لممارسة الرقابة البرلمانية على الأعمال المالية للحكومة.

 

وأغتنم مناسبة لقائي واياكم اليوم لمواكبة هذا البرنامج وتعريف الرأي العام على نتائجه ومفاعيله بكل موضوعية وتجرد.

 

أما بالنسبة إلى الاجتماع مع المكتب الوطني للتدقيق(National Audit Office) فتبرز أهميته من ناحيتين: موقع هذا المكتب ودوره على صعيد دعم اللجنة المالية في البرلمان البريطاني والخبرات التي اكتسبها في هذا المجال.

 

العرض المقدم من المكتب لمساعدة لجنة المال والموازنة ودعمها تقنيا وفنيا واستشاريا.

 

وتابع: "على صعيد الموقع، إن المكتب الوطني للتدقيق هو هيئة برلمانية مستقلة في المملكة المتحدة وهي مسؤولة عن تدقيق حسابات الدوائر الحكومية المركزية والمؤسسات الحكومية والهيئات العامة من غير الإدارات العامة. ويتولى المكتب التدقيق في الحسابات غير المالية داخل ادارة السياسة العامة.

 

والمكتب هو مدقق حسابات الهيئات الممولة مباشرة من برلمان المملكة المتحدة. يرفع المكتب الوطني للتدقيق تقارير إلى مراقب الحسابات وإلى المدقق العام في مجلس العموم في برلمان المملكة المتحدة، كما يرفع تقارير إلى لجنة الحسابات العامة، وهي لجنة معينة من قبل مجلس العموم. تتم مراجعة التقارير التي يعدها المكتب من قبل جنة الحسابات العامة التي تتولى التحقيق في بعض الحالات".

 

اضاف: "يتولى المكتب ثلاث مهمات رئيسية: تدقيق الحسابات المالية. تدقيق الحسابات غير المالية. الحكم الرشيد. فلجهة التدقيق المالي التدقيق على المكتب الوطني للتدقيق أن يعطي ضمانات عن ثلاثة جوانب من الإنفاق الحكومي: صحة البيانات المالية وعدالتها، وانتظام الإنفاق وصلاحيته، وملاءمة سلوك الهيئة التي يتم تدقيقها مع التوقعات العامة والبرلمانية والنظامية. وتتم عمليات التدقيق المالي في معظم الأحيان بالطريقة ذاتها المعتمدة في تدقيق حسابات المؤسسات الخاصة، ويطبق المكتب طواعية معايير التدقيق الدولية. ولجهة تدقيق الحسابات غير المالية، يشمل هذا التدقيق عمليات مراجعة الحسابات غير المالية لقياس فاعلية الإنفاق الحكومي وجدواه ومكافأته. ولا تسمح صلاحيات مكتب التدقيق الوطني ولا صلاحيات لجنة الحسابات العامة البحث في سياسة الإنفاق العام وإنما تقتصر على مراقبة تطبيق هذه السياسة".

 

وتابع: "أما لجهة الحكم الرشيد فهو مجال صغير يقوم به المكتب الوطني للتدقيق وإنما يتزايد باستمرار ويراوح بين التدقيق المالي وتدقيق الحسابات غير المالية. يتم هذا النوع من العمل بوضع تقارير مختصرة عن الحالة التي يتناولها ترفق بملخص عن مستندات وأوراق ثبوتية وتقدم إلى لجان برلمانية معينة. ويشمل هذا النوع من العمل تقارير عن جباية الإيرادات الخاصة بجلالة الملكة.

 

أما على صعيد العرض المقدم من المكتب الوطني للتدقيق، وهو من المشاركين في تنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة بين مجلس النواب ومؤسسة وستمنستر للديموقراطية، فيتلخص بما يلي: - زيارة وفد من المكتب للبنان خلال السنة المالية 2011.

-                       عقد مؤتمر في المجلس النيابي يجري الإعداد له بمشاركة لجنة المال والموازنة ومكتب التدقيق الوطني وديوان المحاسبة.

-                      التدريب العملي على تقنيات وآليات العمل المعتمدة من قبل المكتب في تدقيق الحسابات المالية وغير المالية.

-                      تنظيم ورش عمل لدرس حالات معينة يطاولها التدقيق المالي".

وأردف: "إن العروض المقدمة من كل من مؤسسة وستمنستر ومن المكتب الوطني للتدقيق لدعم ومؤازرة لجنة المال والموازنة لم تأت من فراغ، بل هي نتيجة جهود مضنية بذلتها اللجنة خلال العام المنصرم على صعيد دراسة مشروع موازنة العام 2010 وعلى صعيد ممارسة الرقابة البرلمانية، فلقيت استحسان الغير ممن يقدر مثل هذه الجهود فقرر دعمها لتصبح أشد فاعلية وأكثر إنتاجا. وإنني إذ أشكر كلا من مؤسسة وستمنستر والمكتب الوطني للتدقيق على التفاتتهما، أعلم بأن العبء علينا سيصبح أكبر، وأعلم أننا سنكسب الرهان. ولذلك أدعوكم إلى مواكبة هذه الجهود ونقل نتائجها إلى الرأي العام الذي لا شك أنه سيلمس التغيير والإصلاح بنتيجة ما سنقوم به".

 

وقال: "النائب هو وكيل، وليس اصيلا عن المواطن، والانتخابات هي المحطة التاريخية الأولى لبناء هذه الدول والانظمة والعملية الديموقراطية التي توصل الناس الذين يختارهم الشعب، من خلال العملية الانتخابية. وعندما ينتهي العهد او الولاية يعودون الى الناس ليحاسبونهم على ما حققوه. وإذا نظرنا اليوم الى نظامنا نرى كم أننا بعيدون عن ممارسة هذه الديموقراطية. ففي موضوع الانتخابات، لاحظوا بعد مضي سنوات عدة أن هنالك مسائل مهمة تقنية في الادارة لم يفهمها المواطن ولا يستطيع ان يتوقف عندها، ويمكن ان تغيب عنه عندما يقوم بعمل انتخابي معين. ولذلك، لجأت هذه الدول المتحضرة الى اختراع أجهزة الرقابة، فهذا الامر وضع منذ عام 1800".

 

أضاف: "أجهزة الرقابة وضعت حتى إذا حدث أمر خاطىء في الانتخابات ولم يتم الخضوع إلى المحاسبة، تتولى هذه الاجهزة محطتها التالية. وبعد فترة، تبين أن أجهزة الرقابة المالية والادارية، وبدخول القطاع الخاص بقوة على القرار بالخصخصة اصبح شريكا قويا للقطاع العام وشريكا متطورا. وتزامن هذا الدخول مع زمن العولمة بمعنى ان القرارات أصبحت تتخذ وفقا لمصالح اكثر من دولة. في لبنان اليوم نحن في صدد تشكيل حكومة، وقد يعود هذا الأمر إلى عشرين أو ثلاثين دولة، واذا اردنااتخاذ اي قرار مهم يجب العودة الى اكثر من محور".

 

تابع: "هذه القرارات مع الخصخصة جعلت من أجهزة الرقابة هزيلة في المواضيع الكبيرة، ففي الدول النامية قالوا عندها يجب تقوية القضاء في حال حجبت المحاسبة عن الشعب، فكيف نصحح ذلك؟ من خلال القضاء القوي المستقل القادر الذي يستطيع على الاقل بعد حصول المصيبة أن يعالج. وحتى مع هذه النظرية التي بدأت في عام 1880 مع البير دينري في انكلترا تبين ان هنالك امكانا لتخطي المشكلة ومعالجة الفساد المستشري الذي قد يؤثر على القرارات احيانا، خصوصا عندما تكون المبالغ التي نتحدث فيها بالمليارات".

 

وتحدث عن "الأنظمة الديموقراطية والشفافية وضرورة العودة الى الشعب عبر البرلمان ومن خلال المجتمع المدني والاعلام"، وقال: "من يخلق الضغط على الادارة والقضاء والمؤسسات الدستورية هو الرأي العام من خلال التلفزيون والاعلام، وان تبقى المناقشات علنية غير سرية، فالسرية تؤدي الى الازدواجية في الكلام والمواقف والشفافية تعني اشراك الرأي العام بكل الادارات".

 

أما عن لبنان فسأل: "ماذا نملك من هذه الانظمة المتطورة؟"، وقال: "لا شيء".

 

ولفت إلى أن "الف مليار ل.ل. تجولوا في لبنان، ومروا عبر كل الحواجز وكل المناطق اللبنانية ولم يكتشفها اي حاجز ولا اجهزة الرقابة لان الضابط القانوني غير موجود، وكذلك هناك شغور بنسبة 80 في المئة في اجهزة الرقابة".

 

وطالب ب"تفعيل اجهزة الرقابة وتعزيز القضاء اللبناني واصلاحه، ليس للاستسلام للقضاء والقدر، علما ان هناك قضاة نجلهم. اما المؤسسة القضائية ككل فهي بحاجة الى الاستقلالية".

 

أضاف: "إذا كنا حقيقة نريد التغيير والاصلاح في لبنان فيجب الا ترتكز أعمالنا على الكيدية ولا على القرارات السياسية ولا على الخلفيات الانتخابية، انما يجب ان يرتكز على تجارب مرت في دول وانظمة متطورة. وبالتالي يتم تصحيح المسار في هذا الاتجاه، واتفقنا مع المكتب الوطني للتدقيق "وستمنستر للديموقراطية" في مذكرة تتحدث عن عدد كبير من الامور والنشاطات والمؤتمرات والتدريب وتعزيز قدرة الموظفين البرلمانيين لانشاء وحدة استشارية تعمل مع لجنة المال والموازنة ولجنة الادارة والعدل. وانا معني بتطوير عمل هذه الوحدة الاستشارية مع لجنة المال والموازنة بتمويل بقيمة خمسمئة الف يورو لانجاز هذا العمل في المجلس النيابي اللبناني، واتفقنا على أن تكون لنا زيارة ثانية لمكتب التدقيق الوطني قريبا اواخر نيسان، وكذلك عقد مؤتمر في مجلس النواب اللبناني بمشاركة ديوان المحاسبة ولجنة المال والموازنة ومكتب التدقيق الوطني مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني، بالتعاون مع "وستمنستر" ومع مكتب التدقيق وكل الذين يمولون هذا العمل المهم ويرعونه حتى تحدد ما هي الالية والمنهجية المطلوبة التي يجب ان تعتمد بتعاوننا جميعا للاستفادة من هذه القدرات، ونطلق عملية اصلاح هذه الادارة وهذه الرقابة عبر وسائل الاعلام، التي لا تنتهي غدا لكنها بدأت منذ فترة وسنستكملها، وهذا ان شاء الله سيتزامن مع التغيير الحكومي الذي يفترض ان يحصل قريبا حتى نستطيع ان نبني مؤسساتنا كما يجب. وبالتالي، لنضع اسسا صحيحة للادارة المطلوبة على مستوى الرقابة وتعميم ثقافة المحاسبة العامة التي لا تستهدف احدا، وعلينا الا نخاف من عبارة محاسبة عامة لان من دونها لا دولة".

 

وختم: "من هذا المنطلق، هناك نشاطات عدة سنقوم بها لجهة تدريب الموظفين الاداريين وحتى النواب. وسنعقد جلسات متتالية لنعرف مدى الواقع الذي نعيشه وما هو الدور المطلوب منا للتصحيح، لا ان يكون دورنا حضور جلسات او تقديم اقتراحات لمناطقنا، واحيانا ملامسة الامور القانونية، انما دورنا هو الرقابة وفتح كل جوانب الملفات المطروحة امامنا في كل صندوق او مجلس لنرى ماهية انطباقه مع القوانين ومدى الهدر الحاصل. هذا هو دورنا الاساسي، ونحن السلطة الاولى لا الثانية في لبنان ومن خلالها تتكون كل السلطات، وسيكون هناك تعاون جدي ومتطور مع ديوان المحاسبة، فهناك اقتراح لنقل هذا الديوان الى المكان الذي يفترض ان يكون فيه اي الى مجلس النواب".