النائب الدكتور ميشال موسى مثل مجلس النواب اللبناني في الاجتماع الاستشاري الذي يهدف إلى الدفاع عن مشروعية حق التجمع السلمي لجميع المجموعات الأيديولوجية والسياسية - عمان 15/2/2006  


 

شارك رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية الدكتور ميشال موسى في الاجتماع الاستشاري الذي عقد في العاصمة الأردنية – عمان  في 15 شباط 2006 بدعوة من مؤسسة فريدريش ناومان وبالاشتراك مع مؤسسات عربية معنية، من أجل إطلاق مشروع جديد يهدف إلى الدفاع عن مشروعية حق التجمع السلمي لجميع المجموعات الأيديولوجية والقوى السياسية.

 

وقدم النائب موسى مداخلة في هذا الصدد باسم مجلس النواب اللبناني، تناولت القوانين القائمة التي تنظم عمل الجمعيات والأحزاب والنقابات، ومبادرات تعديلها واقتراحات تحديثها.

 

نص المداخلة:

 

رغم تمتع لبنان بنظام ديموقراطي وحرية إعلام ورأي وتظاهر، فإنه لا يزال يعتمد قانوناً للجمعيات أقل ما يقال فيه انه من التركة العثمانية. أما المحاولات المختلفة لوضع قانون حديث للجمعيات والأحزاب السياسية، فلا تزال تصطدم بانعدام التوازن السياسي الذي يواجهه في كل حقبة أو عقد من الزمن، والذي ينعكس سلباً على الحياة السياسية فيه.

 

صدر قانون الجمعيات في 3 أيلول (سبتمبر) عام 1909 في ظل الدولة العثمانية ويقع في فصلين و 19 مادة، تحدّد تعريف الجمعية وشروط قيامها والسن المحدّد للانخراط فيها، إضافة إلى منع المادة الرابعة من تأليف جمعيات أساسها أو عنوانها القومية والجنسية.

 

غير أن بعض مواده عدلت في 26/5/1928 و 28/9/1932. ولاحقاً بموجب مراسيم اشتراعية، وفقاً للسياسات الحكومية.

 

أول مبادرة جدية لوضع قانون عصري للجمعيات والأحزاب كانت عام 1972، إذ أقرت لجنة الإدارة والعدل النيابية اقتراح قانون من 53 مادة موزعة على خمسة أبواب، إضافة إلى العقوبات والأحكام المختلفة.

 

غير أن السجالات السياسية التي كانت سائدة على الساحة اللبنانية، حالت دون المضي في عصرنة القانون. فكان أن استعيض عنه بمراسيم شكلت جزئياً، متنفساً لبعض الأحزاب والجمعيات التي كانت تعتبر بحكم الممنوعة قانوناً، على غرار الحزب الشيوعي اللبناني والحزب السوري القومي الاجتماعي.

 

وفي عام 2005، أعلنت هيئة تحديث القوانين التي شكّلها دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي من قانونيين ومختصين، رؤيتها لقانون جديد للجمعيات الذي يطبّق على الأحزاب السياسية منذ مطلع القرن العشرين، في إطار مواكبة التطورات والتحولات الايجابية، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي شهدها لبنان، وقدمته إلى رئاسة مجلس النواب بعد انكبابها على درسه ووضع تعديلات له طوال عشرة أشهر.

 

واستندت الهيئة في عملها إلى: الدستور اللبناني، قانون الجمعيات المعمول به، المحاولات الجدية لعدد من السياسيين والحزبيين لوضع مشاريع بديلة، اجتهاد مجلس شورى الدولة اللبناني، القانون الفرنسي الصادر عام 1901 والتعديلات التي طرأت عليه وبعض المقالات والدراسات المعنية بالأمر، التشريعات العربية الحديثة.

 

أما النقابات الرئيسية المستقلة على غرار نقابات المحامين والأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة والتمريض والمهندسين، فإنها تصدر بموجب قانون عن مجلس النواب. في حين أن النقابات والاتحادات الأخرى، تصدر بقرارات عن وزارة العمل بعد أخذ رأي وزارة الداخلية.

 

إن التطور الكبير في النظام اللبناني، والانفتاح الواسع على العالم، ترك فجوة كبيرة بين قانون الجمعيات العثماني الذي لم يكن غريباً عن التشريع الفرنسي، وبين الواقع الذي يعيشه لبنان بعد قرن إلاّ نيف على وضعه.

 

لذلك، فإن ضمان حق التظاهر والتجمع كان على الدوام استنسابياً ويعود إلى السياسة الحكومية وهل الحكومة مع الحريات أو مع قمعها. وقد حصلت خطوات في اتجاه حماية حق التظاهر في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف (1989)، إنما كانت تتقدم أو تتراجع وفقاً للصراع الحكومي مع المعارضة.

 

وقد ناطت الحكومات المتعاقبة بوزارة الداخلية، مهمة منح الإذن للتظاهرات بعد تقديم طلب إليها من المنظمين، يحددّون فيه وجهتهم وأهدافهم والطرق التي سيسلكونها وأسماء الأشخاص المكلفين السهر على انضباطها وتنظيمها ميدانياً.

 

إن العولمة التي نعيشها بسلبياتها وايجابياتها، تقتضي منا، أنظمة وشعوباً، برلمانيين وهيئات أهلية، التعاون وتأسيس عصر نهضة سياسية، يرتكز على إطلاق مشروعية حق التجمع السلمي للمجموعات الايديولوجيه والقوى السياسية، ورفع القيود التي لا تزال قائمة على حرية التعبير في العالم العربي بشتى وسائلها ويتمثّل هذا الأمر بحملة أهلية واسعة، تشارك فيها قطاعات المجتمع المدني، في اتجاه تعديل التشريعات القائمة، بما يتلاءم مع الانفتاح الكوني الذي أوجدته ثورة الاتصالات، مع مراعاة خصوصية كل بلد واحترام نظرته ومعاييره التي تنسجم مع تركيبته الديموغرافية والسياسية والإثنية.