كلمة الرئيس نبيه برّي أمام الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس الاتحاد البرلماني العربي- ابو ظبي25/ 2 /2001  


 

السلام عليكم ايها المُوحَدون
السلام عليكم ايها المُوحدون
السلام على جامع كلمتكم وموحد اماراتكم
السلام على شمسكم التي تتعطر بأنفاس حكمتكم
السلام على شراعكم وشباككم ولالىء عرق جبينكم التي تركض بين اصابع تعبكم
السلام على نخيلكم الذي يتعبد في واحاتكم والسلام على جوهرة العواصم العربية ابو ظبي، وعلى مدينة العصر دبي، وعلى كل واحدة من انجم اماراتكم التي ترصع تاج اتحادكم .
السلام عليكم ايها الزملاء ورحمة الله وبركاته
وبعــد،

 

اتوجه اولاً بالشكر لدولة الاخ محمد خليفة بن حبتور رئيس المجلس الوطني الاتحادي والمجلس، على استضافتهم اعمال هذ الدورة لمجلس الاتحاد البرلماني العربي .

 

واتوجه بالشكر الخاص لصاحب السمو امير البلاد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حفظه الله على رعايته السامية لاجتماعنا، وسموه شخصية تميزت بتقديم اول نموذج اتحادي عربي متماسك ومستقر، يتمثل بدولة الامارات العربية المتحدة، كما سموه تميز دائماً بدعوته الى رفع درجة التضامن والتنسيق والعمل العربي المشترك، سائلاً الله ان يوفقه في صحته وان يحفظه ذخراً للامتين العربية والاسلامية .

 

واسمحوا لي بداية ان اتوجه بالتهاني الى صاحب السمو امير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل ثاني، على نتائج الاستفتاء على الميثاق الوطني الجديد، وما يتضمنه من اصلاحات ديمقراطية، ستساهم دون شك في زيادة المساحات الديموقراطية الخضراء في وطننا العربي، خصوصاً وانها ستضمن عودة الحياة البرلمانية الى البحرين الشقيقة .

 

دولة رئيس الاتحاد
الاخ عبد القادر بن صالح
دولة رئيس المجلس الوطني الاتحاد
الاخ محمد خليفة بن حبتور
اصحاب الدولة
الزملاء النواب

في كلمتي خلال لقائنا الاخير في الجزائر قلت :

ان اتحادنا كان الوليد الشرعي العربي لحرب تشرين المجيدة، واليوم وفي الامارات العربية المتحدة اقول :

ان اتحادنا .. اتحادنا البرلماني العربي .. يجب ان يكون الوجدان الحقيقي لمقاومتنا في لبنان ولانتفاضتنا في فلسطين، ولممـانعتنا في سوريا . ويجب ان يعبر عن نبض الشارع العربي تجاه التحديات التي تواجه الامة .

اقول ذلك وانا استلهم عبارات من كلمتي في دمشق خلال اجتماعنا الاخير جـاء فيها، اننا نقف امام مسؤوليات جسام على ابواب الالفية الثالثة، وتجاه طموحات امتنا وبمواجهة مرحلة هامة وخطرة، تتأهب فيها لخوض صراع حوار بمواجهة نتائج الانتخابات الاسرائيلية، وهي نتائج تعكس مخاوف وهواجس كثيرة ولا تستوجب تقبل التهاني .

يومها اذا كنتم تذكرون حذرت من ان باراك التلميذ الناضج في مدرسة رابين، سيحاول ان يحقق بوسائل ناعمة ما عجزت عنه اسرائيل في حروبها، استناداً على قواعد تبدأ بالتمسك بالقدس كعاصمة ابدية لاسرائيل، وعدم العودة الى حدود 1967، والاحتفاظ بالتجمعات الاستيطانية تحت السيطرة الاسرائيلية .

وها نحن اليوم نقف امام حقيقة ان باراك حمل امانة اسرائيل بدقة، وسقط فقط في امتحان لبنان، ولم يستطع تحقيق رهانه الذي هدف الى انسحاب ممرحل على وقع اتفاق عسكري وسياسي تضمنه سوريا، حيث تمكنت مقاومة الشعب اللبناني بضمانة سوريا من تحقيق الاندحار الاسرائيلي دون شروط .

وها نحن اليوم امام وقائع امر وادهى، لأننا وبصراحة لم نلتزم بدقة بالرهان العربي الحذر وبالقراءة العربية المتأنية لكفّ مستقبل عملية السلام، وتجاهلنا ان هدف باراك الرئيسي كان تخليص اسرائيل من تأزم الثقة بنظامها السياسي والاجتماعي بسبب سياسات نتنياهو .

وحتى لا نقع في المحظور، وحتى لا نبقى ضحايا الاختيار بين السيء والاسوء في اسرائيل، وحتى لا نكون كذلك مندهشين بأنفسنا ونحن نتعرف على العبارة المناسبة التي تقول ان هذا وذاك في اسرائيل هما وجهان لعملة اسرائيل الواحدة وننسى اتخاذ الاهبة، فإنني سأدلي برأي تجاه الوقائع الاسرائيلية واقول :

 

أولاً : ان هناك خطوطاً حمراً تمثل استراتيحية اسرائيل، لن يتجاوزها لا اليمين ولا اليسار ولا الوسط الاسرائيلي، وعليه فإن من الخطأ الاعتقاد بالتوصل الى سلام تاريخي او سلام سياسي مع اسرائيل .
وحتى لا نكون المبادرين الى الدعوة لدفن عملية السلام او التنكر لهذه العملية، فإني اؤكد على الالتزام بالثوابت والمبادىء التي ارستها القمم العربية، وعلى قرارات وتوصيات الاتحاد البرلماني العربي بخصوص التسوية على كل المسارات بما يضمن استعادة الارض المحتلة.

ثانياً : ان سقوط باراك في التنافس على رئاسة الحكومة الاسرائيلية جاء برأيي في سياق مسرحية في اعقاب فشل الرهان الذي قاده باراك للتجديد للحزب الديموقراطي في قيادة الولايات المتحدة الاميركية، رداً على مساهمة الادارة الاميركية التي مثلت هذا الحزب في ايصاله لرئاسة الحكومة الاسرائيلية ووضع الصوت الانتخابي اليهودي في سلة ذلك الحزب، بما استدعى في مقتضيات السياسة اعادة انتاج الادارة الاسرائيلية لامتصاص اي ردة فعل من الادارة الجمهورية الجديدة، وكذلك امتصاص اي توجه جديد في الاسلوب او المضمون للسياسة الخارجية التي من الممكن ان تتبعها الادارة الاميركية الجديدة في الشرق الاوسط .

 

انني هنا اذكر بالاجتماعات الي عقدها باراك وشارون وتوصلا خلالها لصياغة ورقة تتيح للاخير مشاركته في حكومة باراك .
أليس مضمون الورقة نفسها هو الذي يحكم الحكومة التي جمعت اليوم قيادتي الليكود والعمل ؟

اني اربأ بأي محاولة لاظهار ان الليكود قد تراجع عن ثوابت في سياسته لصالح مشاركة العمل في حكومته، او تنازل العمل عن ثوابته لمصلحة مشاركته في حكومة الليكود .

ان كلا الحزبين يمثلان الصهيونية العنصرية بوجهيها القومي والديني .

 

دولة رئيس الاتحاد
اصحاب الدولة الرؤساء
الزملاء الكرام

اني اسوق امامكم كل ذلك من اجل ان نتمكن سوياً وانطلاقاً من خلفية تحكمها الحقيقة والواقعية من اتخاذ المبادرات البرلمانية، التي تستنهض امكانات وطاقات شعوبنا لمواجهة اي تحد، خصوصاً وان التهديد بإشعال النار بأطراف الثوب العربي لا يجري فقط على مساحة فلسطين، بل يشمل بالتهديد لبنان وسوريا والسد العالي والعراق وهو لا يستثني اي بلد عربي .

انني انادي وبأعلى الصوت بضرورة وضع اليات عملية لتنفيذ قرارات وتوصيات اتحادنا، وقرارات القمم العربية بما خص دعم انتفاضة الشعب الفلسطيني ودعم لبنان وسوريا .

انني انادي باعادة استنهاض الشارع العربي لمواكبة هذه الانتفاضة ولمواكبة اي نوايا عدوانية تستهدف لبنان وسوريا .

ان من غير المقبول ان تسفك الدماء الفلسطينية وان تقتلع الاشجار وان تدمر المنازل وان تشرد العائلات، وان نتلتقى هذه الانباء وكأننا مجردون من الاحاسيس، ونحن نقف على اعلى هرم السلطات التشريعية في بلدنا .

انه من غير المقبول ان يتم النظر الى الموقف اللبناني المنادي بتحرير مزارع شبعا والى سعي لبنان الرسمي والشعبي لتحرير ارضه بكل الوسائل، وكأنه نقض للقرارات الدولية او كأن لبنان هو الذي يحجم عن تنفيذ القرار 425، وان اسرائيل هي الملتزمة بالشرعية الدولية واحالة تحرير المزارع الى القرارين 242 و 338 .

وعلى فرضية صحة هذه الاحالة فإنني كقانوني وكمشرع اتساءل لماذا لم ينفذ هذان القراران وهما صدرا قبل القرار 425 بأحدى عشرة سنة، والى متى سينتظر اصحاب مزارع شبعا استعادة املاكهم طالما ان هذ ين القرارين وكل القرارات الدولية المتعلقة بالشرق الاوسط غير ملزمة لاسرائيل ؟

اني اتساءل هل من خيار آخر غير المقاومة لاستعادة الارض والحقوق، طالما ان اسرائيل تمثل استثناءاً دولياً لا تنطبق عليه القرارات الدولية ؟

واذا كانت المقاومة والانتفاضة تمثل هذا الخيار الاخير، فهل ترانا اذن نغل روح المقاومة والانتفاضة تحت ستار خفض التوتر، ام ان المطلوب انهاء الاحتلال وارهاب الدولة اللذين يمثلان السمتين الرئيسيتين لاسرائيل .

انني اطالبكم بدعم حق لبنان باستعمال كل الوسائل لاستكمال تحرير ارضه دون تردد .

انني اطالبكم ايضاً بدعم الممانعة السورية لكل تسوية بشروط الامن الاسرائيلي، وبدعم الموقف السوري الثابت الهادف لتحقيق تسوية عادلة وشاملة تكفل تحرير الارض واستعادة الحقوق تحت مظلة القرارات الدولية .

انني اطالبكم ايضاً وايضاً بدعم الانتفاضة الفلسطينيـة وبدون تردد، وبايجاد التعبيرات الشعبية المناسبة والملموسة التي تشعر اهلنا في فلسطين المحتلة انهم ليسوا وحدهم .

ان احد هذه التعبيرات، ليس مظاهر الاحتجاج بواسطة التظاهر والاعتصام فحسب، بل بتجميد العلاقات على الاقل، وقطع العلاقات والعودة لأحكام المقاطعة .

 

دولة الرئيس
اصحاب الدولة
الزملاء الاعزاء

انني هنا ومن على هذا المنبر البرلماني العربي اتجرأ علىالقول ان الوقائع العراقية الاخيرة على خلفية الغارات الجوية الاميركية ـ البريطانية تشكل مبادرة سلبية للادارة الاميـركية الجديدة في تعاطيها مع العالم العربي .

اننا نعتقد ان وزير الخارجية الاميركية لم يكن بحاجة لاستباق جولته الشرق اوسطية بضرب العرب على اصابعهم لحفظ هيبة اميركا .

اقول ذلك لأن شعب العراق يجب ان لا يبقى ضحية سياسات الحصار والغارات .
واقول ذلك لأن مختلف انماط السلطة في الوطن العربي وشعوبها، وفي الطليعة دولة الكويت وشعب الكويت وحتى ذوي الاسرى الكويتيين في العراق لن يقبلوا ان يعيش شعب العراق وهو على منظار التصويب الجوي ولا تحت التهديد بالمجاعة .

اننا اذ نتفهم الهواجس والمخاوف والمطالب الكويتية خصوصاً في ما يتعلق بالاسرى، الا اننا ومعنا الكويت لن نقبل باشعال الحرائق في العراق، ولا باستمرار اغتيال حاضر ومستقبل العراق الذي يجب ان يصنعه شعب العراق دون تدخل، وبتجاهل المعايير الدولية وبتصعيد التوتر وبدفع الامور للتأزم .

احمد الله ان ما ضمنته لكلمتي في دمشق حول الدعوة الى عقد قمة عربية قد تحقق، واننا على ابواب انعقاد القمة العربية الثانية قريباً والتي نأمل ان تكون بمستوى التحديات المطروحة على امتنا، وان يتمكن القادة العرب من رسم استراتيجيـة عربية لمواجهة حكومة الجنرالين في اسرائيل، وكذلك لبحث موقع العرب ودورهم علىابواب الالفية الثالثة .

انني هنا لا يسعني الا ان انوه بجهود لجنة المتابعة العربية، وضرورة استمرار اعمالها لبحث اي تطور قد يستجد واتخاذ التدابير اللازمة .

وبالعودة الى عناويننا البرلمانية فإنني اذ انوه بجهود الرئاسة التي مكنت لجنة برلمانية عربية من التحرك بإتجاه اوروبا .
اما على مستوى السوق العربية المشتركة، وانتم تعرفون انني صاحب المبادرة من اجل ان يتم تحرك برلماني عربي بإتجاه هذه الهدف.

واتذكر ان الورقة اللبنانية بهذا الخصوص اعترفت ان المشكلة تكمن في عجز القادة العرب عن اتخاذ القرار السياسي بإنشاء تلك السوق .

انني ادعو واختصاراً للجهود وللوقت الى اصدار توصية باسم الاتحاد البرلماني العربي ومن خلال اجتماعنـا هذا الى القمة العربية القادمة، لاتخاذ القرار بإنشاء هذا السوق، وتكليف لجنة عربية لوضع الاليات الخاصة بإنشائها موضع التطبيق، والطلب الىالبرلمانات العربية اصدار التشريعات اللازمة التي تسهل انشاءها .

انني ارى ان نكتفي بهذه التوصية ورفعها الىالقمة العربية، وبتكليف رئيس الاتحاد الطلب باسمنا ادراج انشاء السوق العربية علىجدول اعمال القمـة العربية، لأننا دون ذلك سنبقى ندور في حلقة مفرغة حول هذا العنوان - الهدف .

ان اهم هدف لاتحادنا ان يبقى انشاء البرلمان العربي الموحد لأنه الاطار العربي القادر على تشريع صيغ التضامن والعمل العربي المشترك من الاطر الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

اني اطالب بإدراج هدف انشاء البرلمان العربي الموحد بصورة خاصة ومبينة على كل جدول اعمال لمجلس اتحادنا او لمؤتمراتنا .
اخيراً، لقد شكل اجتماع دمشق لجنة برلمانية خاصة برئاستي لتقصي الحقائق حول الجرائم الاسرائيلية ضد العرب .
ان هذه اللجنة اجتمعت مرة واحدة خلال احياء الذكرى الثالثة لمجزرة قانا وكان لاجتماعها في مدينة صور في جنوب لبنان وقع هام .

الا ان مقررات ذلك الاجتماع ومنها تقديم عدد من البرلمانات العربية لتقرير حول الجرائم ارهاب الدولة في اسرائيل لم تنفذ، ولم تتلق رئاسة اللجنة اي تقرير، ونحن فيما يختص بوقائع الانتفاضة نلملم المعلومات عن شبكة الانترنت عن محصلة المواجهات وشهداء هذه الانتفاضة وجرحاها .

انني اعتقد ان لهذه اللجنة دوراً هاماً خصوصاً اننا نجتمع اليوم بتغييب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الذي يمنع من جلساته ومن حضور هذا المؤتمر..
فهل نقف حداداً ام اننا نصنع السيوف
وقد قالها نزار قباني ان الله يؤتي النصر لمن يشاء وليس حداداً يصنع السيوف .

ان تجربتنا اللبنانية في اللجنة الوطنية لاحياء الرابع عشر من اذار والثامن عشر من نيسان والخامس والعشرين منه علمتنا ان الدبلوماسية البرلمانية تستطيع ان تخدم قضايا شعوبها .

انني آمل ان تبعث الحياة في هذه اللجنة ومهامها .
كما نأمل مباشرة الحوار المباشر بين الامارات وايران دون تردد لحل مسألة الجزر الثلاث حفاظاً على المصالح العربية والاسلامية .

اطلت عليكم ولكن الوقائع التي استدعت ان يجتمع قادة العدو على ضلالهم استدعت ان لا اترك هذه السانحة تمر دون ان ادعو الى الاجتماع على هدينا وعلى رسالتنا وان نعتصم بحبل الله جميعاً .

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 


أعلى الصفحة | اتصل بنا |

حقوق الطبع محفوظة 2002 ©

أنجز هذا الموقع الفريق الفني في مصلحة المعلوماتية - مجلس النواب اللبناني