عقدت "منظمة برلمانيون عرب ضد الفساد" (غوباك ) و"المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد" ورشة عمل في فندق الريفييرا بعنوان "اشراك البرلمانيين في دعم تنفيذ اتفاقية الامم المتحدة ضد الفساد"، برعاية رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري ممثلا بعضو مكتب المجلس النائب ميشال موسى.

حضر المؤتمر نائب رئيس البرلمان السوداني ساميه احمد محمد، رئيس الشبكة العربية للنزاهة ومكافحة الفساد عبد السلام ابو درار، رئيس المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد ناصر الصانع، اضافة الى برلمانيين يمثلون بلدان: مصر، البحرين، تونس، المغرب، لبنان فلسطين، الاردن، السودان، اليمن، والعراق، اضافة الى ممثلين عن هيئات مكافحة الفساد الدولية والمحلية.

استهل المؤتمر بكلمة ترحيبية لرئيس منظمة "برلمانيون عرب ضد الفساد" النائب غسان مخيبر، الذي تحدث عن اشراك البرلمانيين في دعم تنفيذ ومراجعة اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، منوها "بتحركات الشعوب التي انتفضت على واقعها مطالبة ليس فقط بالحرية بل ايضا بمكافحة الفساد".
ورأى النائب مخيبر "ان العديد من هذه الدول نجحت في تغيير الانظمة، وفي البدء بالمطالبة الجدية بمكافحة هذه الافة، وقد تحول عدد لا بأس به من الناشطين من أحزاب غير مسموح لها بالكلام الى احزاب حاضرة في البرلمانات والحكومات".
وقال: "الكلام مطول عن آفة الفساد في المنطقة العربية، فالعديد من دولنا في أسفل قائمة مدركات الفساد"، مشيرا الى ان "هذا الفساد منتشر في القطاعين العام والخاص".
وتحدث عما يشهده لبنان من مواجهة للفساد الغذائي والخشية لدى اللبنانيين لما سمي بالفساد لدى المؤسسات التي تعنى بتجارة اللحوم"، متسائلا "ماذا نقول عن تجارة المصالح السياسية وتجارة الاصوات في الانتخابات وكل ما يتاجر به المسؤولون من فساد في استغلال السلطة والمناصب العامة وسوء استعمال المال العام وسرقته، الامر الذي يجعل من المواطن مطالبا بتطوير مستوى النزاهة والشفافية".
وقال: "بعد الانتفاضات المختلفة في الدول العربية يبقى السؤال ماذا تفعل؟ مشيرا الى ان "منظمة برلمانيون عرب ضد الفساد" تطمح لان تعطي البلرلمانيين الحاليين أدوات فعالة لمكافحة الفساد في دولهم".
وأكد النائب مخيبر ان التشريع هو في طليعة الادوار والوظائف التي يتولاها النائب، داعيا "برلماناتنا الى ان تسعى لاقرار قوانين مناسبة وفقا لما نصت عليه اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، والتي يمكن ان يركن اليها كخارطة طريق لهذا البناء المؤسسي الذي على البرلمانات ان تبنيها لاعطاء مكافحة الفساد مؤسسات فعالة في هذا المضمار، كالمؤسسات الوطنية لمكافحة الفساد وتعزيز القضاء كسلطة مستقلة وفاعلة وتعزيز الرقابة البرلمانية على اساس ان البرلمانات هي المؤسسة الاولى لمكافحة الفساد عبر الرقابة التي تجريها البرلمانات على السلطات الاجرائية وسائر السلطات الاخرى".
وشدد على "ضرورة ان تكون البرلمانات اكثر فاعلية وتعمل لمراقبة الحكومات والوزارات"، لافتا الى أن "هذا الامر غير مطبق في الكثير من الحالات، لان البرلمانات غالبا ما تكون ضعيفة ولا تتولى جميع القدرات المفترض ان تتولاها لمكافحة الفساد مكافحة فعالة، وبالتالي علينا في منظمة "برلمانيون عرب ضد الفساد" اعطاء البرلمانيين وتمكينهم من ان يتعاضدوا رغم الخلافات السياسية بينهم وان يتعاطفوا ويتعاونوا على بناء هذه المؤسسات والادوات الضرورية لمكافحة الفساد في دولنا".
واعتبر "ان التحالف بين المجالس النيابية والمجتمع المدني اساسي وضروري ويساعد على مكافحة الفساد، وكذلك الامر بالنسبة للتعاون مع المنظمات الدولية لمكافحة الفساد"، مشددا كذلك على "أهمية التعاون الدولي بين البرلمانيين في مختلف اقطار العالم، وكذلك التعاون المحلي مع السلطات الرسمية من أجل مكافحة آفة الفساد".

ثم كانت كلمة لمدير المشروع الاقليمي لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في البلدان العربية التابع لبرنامج الامم المتحدة الانمائي أركان السبلاني الذي تحدث عن اهمية هذا اللقاء في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة العربية.
وأشار السبلاني الى ان 16 دولة عربية وقعت على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، ولكن جهود تنفيذ هذه الاتفاقية ما زالت تعرف بداياتها وان كان هناك التزام بها على مستوى التوجهات العامة الا ان ترجمة هذه التوجهات الى خطوات عملية ما زال يحتاج الى الكثير من العمل.

وتحدث عن الدور الذي يقوم به المشروع الاقليمي لمكافحة الفساد لناحية مساعدة الدول في تحقيق التنمية، معتبرا ان "الحكم الرشيد هو العامل الاساسي في تحقيق التنمية"، وقال:" "وحيث ان الفساد هو نقيض الحكم الرشيد فعلينا العمل من اجل مساعدة الجهات الراغبة في تنفيذ اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، وفي اتخاذ تدابير وقائية على مستوى المؤسسات لمكافحة الفساد".
وشدد على "ضرورة تمكين المعنيين بمكافحة الفساد من التجمع في اطار شبكات وهيئات قادرة على التأثير بشكل أفضل في مكافحة الفساد"، لافتا الى "ان المشروع في صدد التعاون مع دولة قطر لانشاء مركز للبحوث لمكافحة الفساد".
ونوه السبلاني "ببعض الخطوات الهامة التي قامت بها الحكومة اللبنانية بتشكيل لجنة وزارية تنسيقية لمكافحة الفساد في لبنان برئاسة رئيس الحكومة، اضافة الى انشاء لجنة فنية لدعم عمل هذه اللجنة الوزارية"، معتبرا "ان هذه الخطوة مؤشر ايجابي لمكافحة الفساد". وتحدث عن فرص متاحة اليوم لتفعيل عمل البرلمانات العربية في هذا المجال.

من جهته، أكد رئيس الشبكة العربية للنزاهة ومكافحة الفساد عبد السلام ابو درار "ان المراقبة السياسية للبرلمان تعتبر ركيزة اساسية للمساءلة واعطاء الحساب، حيث يتوفر للبرلمان عدة آليات دستورية وقانونية لبسط رقابته على المال تتجلى عموما في الترخيص للحكومة لتحصيل المداخيل وصرف النفقات ومراقبة تنفيذ الميزانية، وفي امكانية احداث لجان لتقصي الحقائق تسمح بالوقوف على الاختلالات او التجاوزات المتعلقة بالتدبير العمومي"، متحدثا عن عدة عوائق تحول في كثير من الاحيان دون التحكم الفعلي للبرلمانات العربية في ضوابط تصريف المال العام".
وشدد على "ضرورة تعزيز منظومة الحكامة البرلمانية كمدخل اساسي نحو ضمان اضطلاع هذه المؤسسة بصلاحياتها في مجال مراقبة تدبير المال العام بالنجاعة والفعالية المطلوبة طارحا مجموعة من الافكار.
وأكد "الدور التشريعي الذي يتعين ان تضطلع به البرلمانات العربية لضمان توطيد قواعد الحكامة الجيدة ومبادىء المساءلة وقيم النزاهة وتحويلها الى قواعد قانونية ملزمة، ولتعزيز التجاوب الموضوعي مع متطلبات ورهانات المنتظم الدولي في مجال مكافحة الفساد والملاءمة مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن وعلى راسها الاتفاقية الاممية لمكافحة الفساد"، منبها من "ان معطيات الواقع الجديد لمكافحة الفساد الذي باتت تفرضه هذه الاتفاقية الاممية يضع الدول العربية امام رهانات حيوية لا يمكن احتواؤها الا عبر عملية رصد ومواكبة دقيقة وملاءمة موضوعية تسهر على الاضطلاع بها المؤسسة التشريعية بما يتطلبه الامر من يقظة واستشراف استبقاي واستحضار لمقتضيات الواقع المحلي الامر الذي يستدعي النهوض بهذه المهمة اعادة التكييف الكمي والنوعي الاليات عمل الممارسة التشريعية في هذا المجال وتطوير موقعها كقوة موجهة لدينامية مكافحة الفساد بشكل عام لمسار الملاءمة مع هذه الاتفاقية بشكل خاص".

ثم كانت كلمة لرئيس المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد الدكتور ناصر الصانع، الذي أشار الى ان مهمة المنظمة تفعيل عمل البرلمانيين ضد الفساد، اما الشبكة العربية فهي من اول الشبكات التي انشئت في العالم العربي، لافتا الى اهمية دور البرلماني في استخدام النفوذ السياسي والتفكير بشكل صحيح لمواجهة الفساد، موضحا ان غالبية الدول العربية المصدقة على الاتفاقية لا تعمل بشكل جدي على مكافحة الفساد.
وقال: "ان الدول المتخمة بالفساد نجدها في مقدمة الدول المصادقة على الاتفاقية"، داعيا في هذا الاطار البرلمانيين العرب الى "عدم مجاملة دولهم في هذا الامر وان يكونوا صارمين في استخدام الرقابة على دولهم وحكوماتهم، لان هذه الحكومة ليست من يمثل البلد، وانما البرلمان هو من يمثل الشعب والبلد، واذا لم نكن صارمين في تنفيذها عمليا فان اتفاقية مكافحة الفساد ستكون في مهب الريح".

بعدها القى النائب موسى كلمة راعي المؤتمر الرئيس بري، قال فيها: "قد يكون الفساد مشكلة في كل دول العالم، غير انه ينحسر او يتمدد تبعا لتوفير ادوات الرقابة والتشريعات التي تحول دون استشرائه. وفي لبنان ايضا نعاني من هذا الفساد على صعد مختلفة، وليس أدل على ذلك، ما شهدناه في الايام الاخيرة من ضبط عشرات الاطنان من الاغذية الفاسدة والمنتهية الصلاحية والتي تهدد الصحة العامة وحياة الناس".
أضاف: "في ظل مثل هذه الاوضاع، نتطلع الى دور فعال للبرلمان في سن تشريعات تحاصر بؤر الفساد، وتعزيز ممارسة دوره الرقابي على أعمال الحكومة والحفاظ على المال العام، وخلال تنفيذ الموازنة وفي الرقابة المؤخرة عبر قانون قطع الحساب".

ورأى "ان ثمة ترابطا بين تحسين صحة التمثيل البرلماني والتحول نحو الحكم الصالح، بما يؤدي الى قيام برلمانات تستطيع لعب دورها بفعالية في مكافحة الفساد في مختلف مفاصل الدولة"، معتبرا "ان توافر الديموقراطية ليس شرطا كافيا للاداء السليم والمعافى، انما لا بد من ان يقترن ذلك بثقافة مترسخة وممارسة فعلية من البرلمان ضمن ضوابط واخلاقيات معينة لدى كل برلماني ومنها التجرد والالتزام والشفافية والنزاهة وسواها من القيم".
وقال: "اذا كان دعم هيئات الرقابة ومنحها استقلالية ودورا رادعا من شأنه المساهمة في مكافحة الفساد، فان أهم وسيلة لمكافحته هي في منع حصوله، ويكون ذلك عبر تعزيز قيام دولة القانون والتزام حقوق الانسان واعتماد مبدأ المساءلة والمحاسبة والابتعاد عن التسويات التي من شأنهاان تعمم الفساد وتحمي الفاسدين مسؤولين كانوا ام موظفين"، مشيرا الى ان "مكافحة الفساد هي في صلب العمل البرلماني وهي عمل دؤوب ومستمر يسعى الى ايجاد مؤسسات المساءلة والمحاسبة وتعزيز آلياتها، عبر بناء نظام من الشفافية والنزاهة، في اطار العمل المؤسسي الذي يمكن من قيام الحكم الصالح والرشيد".
واكد النائب موسى "اننا أحوج ما نكون اليوم الى الخروج من لعبة التجاذبات السياسية، للانتقال الى بناء ثقافة مكافحة الفساد على كل المستويات"، لافتا الى انه "رغم الظروف التي تمر بها البلاد والمنطقة العربية، فان مجلس النواب اللبناني يعمل بحكمة، عبر هيئاته ولجانه وأعضائه، على ممارسة دوره التشريعي والرقابي، بما يحافظ على ايقاع الساحة الداخلية وتوازنها لامرار هذه المرحلة العصيبة التي تعصف في المنطقة".
وختم: "واذ نتمنى ان تهدأ الامور في المنطقة العربية في أسرع وقت ممكن، وان تنصب الجهود من اجل خلق مناخ من الشفافية والصلاح تحت سقف قانون عادل ضامن لحقوق الناس، امل ان تكون البرلمانات اساسا في المراقبة والمحاسبة وسن التشريعات ولا سيما منها ما غاب عن مواكبة التطور الحاصل في كل الميادين".
هذا ومن المقرر ان يناقش المؤتمر على مدى اليومين المقبلين اتفاقية الامم المتحدة لمكافحةالفساد، والدور الذي يمكن ان يلعبه البرلمانيون العرب لتطبيقها والمساهمة في مكافحة الفساد.

اليوم الثاني

عرض المشاركون في ورشة العمل التي تنظمها منظمة "برلمانيون عرب ضد الفساد" برئاسة النائب غسان مخيبر عن "اتفاق الامم المتحدة لمكافحة الفساد، برنامج الرصد العالمي للبرلمانيين 2012"، لليوم الثاني على التوالي، واقع الفساد وآليات مكافحته في كل من الدول الاعضاء".

واكد المشاركون في الجلسة الافتتاحية التي ترأسها نائب رئيس منظمة "برلمانيون عرب ضد الفساد" ("آرباك") النائب والوزير السابق الاردني ممدوح العبادي "أهمية وضع قوانين وتشريعات خاصة بمكافحة الفساد"، مشددين على "ضرورة تشكيل هيئات متخصصة لملاحقة ملفات الفساد في الدول العربية لمواجهة هذه الآفة".

وأجمع المشاركون على "اعتماد استمارة موحدة تشكل ركيزة لآلية متابعة تنفيذ اتفاق الامم المتحدة لمكافحة وآلية تتابع لاحقا لرصد التقدم في كل من البلدان المشاركة في مدى التزامها تنفيذ الاتفاق".

وشارك في هذه الجلسة الامين العام للاتحاد البرلماني العربي نور الدين بوشكوج وألقى كلمة حض فيها الدول على "تطبيق اتفاق الامم المتحدة لمكافحة الفساد"، مؤكدا "دعم الاتحاد البرلماني العربي لتنفيذ هذا الاتفاق".

ودعا الدول التي "لم تصادق على اتفاق الامم المتحدة لمكافحة الفساد الى الاسراع للمصادقة عليه"، وقال: "هناك تقدم في مجال مكافحة الفساد نظرا الى الواقع الجديد الذي تعيشه بعض الدول العربية".

من جهته، عرض رئيس المنظمة العالمية لمكافحة الفساد الدكتور ناصر الصانع "الجهود التي يبذلها مجلس الامة الكويتي لاقرار حزمة التشريعات المتعلقة بالفساد، وهي انشاء هيئة مكافحة الفساد وقانون حماية المبلغ وتشريعات الذمة المالية ومنع تضارب المصالح وتشريع حرية الوصول الى المعلومات".
وطالب الحكومات العربية ب"تبني استراتيجيات وطنية لمكافحة الفساد واعلانها استنادا الى ما ينص عليه اتفاق الامم المتحدة لمكافحة الفساد".