اختتمت اليوم اعمال ورشة العمل الوطنية بعنوان "التكلفة الاجتماعية للاصلاحات الاقتصادية في لبنان: المنظور البرلماني ومنظور المجتمع المدني"، التي بدأت صباح امس في المجلس النيابي، بعد ان عقدت جلستها الثالثة والاخيرة بعنوان: "التكلفة الاجتماعية للاصلاحات الاقتصادية في لبنان: طاولة مستديرة حول منظور البرلمانيين".


وادار الجلسة الثالثة، عضو لجنة المال والموازنة النائب غازي يوسف، في حضور النواب: عبد اللطيف الزين، روبير غانم، ابراهيم كنعان، ميشال موسى، غازي يوسف وغسان مخيبر، كما حضر السفير الايطالي غبريال كيكيا واختصاصيون ورئيس معهد "ايبالمو" داريو ريغولتا.


بداية، تحدث رئيس لجنة حقوق الانسان النيابية النائب ميشال موسى، فقال: "لا شك في ان المجتمعات تقوم على مصالح واهداف مشتركة، نتاج تاريخ من الانصهار الوطني الحاضن لكل التناقضات والاختلافات والثقافات. غير ان مصلحة هذه المجتمعات تقتضي الارتكاز الى قواعد ثابتة، تشكل اساسا لحمايتها وتوفير السلامة لها افرادا ومجموعات".



اضاف: "اما مجتمعنا اللبناني فتحكمه سلسلة قواعد اجتماعية تشكل صمام امان للمصلحة الاجتماعية، رغم الحاجة الى تعزيز هذه القواعد بشراكة بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، توصلا الى انشاء بيئة يمكن في اطارها تنمية الرأسمال الاجتماعي وتأمين استدامته".


وتابع: "نظرا الى ان لبنان التزم في مقدمة دستوره شرعة حقوق الانسان، وشارك في صياغة الشرعة الدولية، بات بديهيا صقل هذه القواعد لجعلها منسجمة مع مبادىء حقوق الانسان ترسيخا لقيم المساواة والعدالة. وهذا ما نسعى في لجنة حقوق الانسان النيابية الى ترجمته في مشروع الخطة الوطنية لحقوق الانسان، بالتعاون مع مكتب برنامج الامم المتحدة الانمائي في مجلس النواب، ومكتب المفوضية السامية لحقوق الانسان في بيروت، بالاشتراك مع الوزارات والادارات الرسمية وهيئات المجتمع المدني المعنية والمنظمات الدولية ذات الصلة".


واردف: "من هنا، فإن الصحة تشكل احدى القواعد الاجتماعية التي من شأنها ان تساهم في توفير مظلة امان في مصلحة المجموع. فالحق في الصحة هو حق اساسي من حقوق الانسان المقوننة دوليا، حق يمتلكه الناس كافة بمعزل عن عنصر او لون او معتقد ديني او سياسي. انه هدف نبيل يرمي الى توفير الصحة للجميع، متجاوزا الاعتبارات الاخرى من نزاعات اهلية وخلافات سياسية وعقائدية لمصلحة الشعوب وتنميتها الصحية. غير ان اخطر ما يهدد الصحة في المجتمعات هو الفقر. وثمة توجه في كثير من دول العالم المتقدمة من اجل تغيير مفهوم الحق في الصحة لدى مجتمعاتها، من دائرة التركيز على الرعاية الصحية الى حق العيش في حياة صحية".


واعتبر ان "البيئة السليمة تمثل ايضا حقا لصيقا بالانسان، كون البيئة والانسان في اي مجتمع يشكلان وحدة متكاملة لا يمكن تصور جدوى احدهما دون الاخر. لذلك بات حق الانسان في بيئة سليمة مكرسا في معظم الاعلانات العالمية والاتفاقات الدولية والقوانين المحلية. فسلامة البيئة هي احد ابرز مقومات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن هنا الحاجة الملحة الى وضع استراتيجية وطنية وتبنيها يمثل ضرورة لنهضة تنموية اقتصادية اجتماعية مستدامة، وتفعيل حق الانسان في بيئة سليمة وتكريس هذا الحق كحق من حقوق الانسان يقتضي ادراجه في الدستور اللبناني".


واشار الى ان "التماسك الاجتماعي الذي يفترض ان يتوافر في المجتمعات، ينبغي تأمين مقوماته من المساواة والعدالة والحق في العمل والضمان الاجتماعي، وحقوق المرأة والطفل والمعوقين والحق في التعليم والثقافة والسكن، اضافة الى حرية التعبير والرأي والاعلام والجمعيات".


وختم: "ان صمام أمان المجتمعات هو تمتعها بجملة مكونات ومقومات تتلاقى عند مصلحتها العامة، وترسخ وحدتها وتضامن ابنائها وتكافلهم. فكلما كانت مستوفية لهذه القواعد الاساسية، كلما اقتربت من الوحدة والتضامن، مبتعدة عن الشرذمة والتناحر وعدم الاستقرار التي تعصف بالمجتمعات التي يضربها الفقر وتفتقد الى ادنى هذه المقومات".


وتحدث النائب ابراهيم كنعان فقال: "الشعب، في الأنظمة الديموقراطية، هو مصدر السلطات والرقيب الأصيل على أعمال الحكام الذين يتولون إدارة شؤونه. وهو يمارس هذه الرقابة بواسطة ممثليه في البرلمان. ولذلك فإن رقابة البرلمان على أعمال الحكومة، أو الرقابة البرلمانية، هي رقابة شاملة، ومن أبرز مظاهرها الرقابة على أعمال الحكومة المالية بصورة مستمرة قبل التنفيذ وأثناءه وبعده، من خلال إقرار القوانين المتعلقة بالضرائب وتعديلاتها، ومن خلال إقرار الموازنة وبالتالي الإذن بالجباية والإنفاق، ومن خلال الأسئلة والاستجوابات، ومن خلال استدعاء الحكومة للاستماع إليها في مواضيع مالية معينة عامة أو خاصة، وأخيرا من خلال إقرار الحسابات المالية النهائية بنتيجة كشف حساب تقدمه الحكومة عن تنفيذها للموازنة وعن مدى تقيدها بإجازتي الجباية والإنفاق".


اضاف:"أما رقابة البرلمان على الإنفاق الحكومي المتعلق بالشأن الاجتماعي والوسائل المتاحة لممارسة هذه الرقابة فتدخل ضمن نطاق الرقابة البرلمانية الشاملة على أعمال الحكومة المالية ووسائلها قبل التنفيذ وأثناءه وبعده كما سيجري بيانه. وفي لبنان خصص الدستور المواد من 81 إلى 89 للمالية العامة وللرقابة المالية البرلمانية على أعمال الحكومة المالية:


أولا: على صعيد التشريع الضريبي: 1- نصت المادة/81/ على أن: "تفرض الضرائب لأجل المنفعة العمومية، ولا يجوز إحداث ضريبة وجبايتها في الجمهورية اللبنانية إلا بموجب قانون شامل تطبق أحكامه على جميع الأراضي اللبنانية دون استثناء". 2- ونصت المادة/82/ على أن: "لا يجوز تعديل ضريبة أو إلغاؤها إلا بقانون". 3- ومن البديهي أن المجلس النيابي، ولا سيما لجانه المختصة، يطلب من الحكومة تقديم الإيضاحات والأسباب الموجبة لكل تعديل يطال القوانين الضريبية النافذة، ويقرر الموافقة أو التعديل أو الرفض في ضوء مدى تحقيق التعديل المقترح للمنفعة العامة كما نصت المادة /81/ من الدستور، ويقتضي أن تراعي مبادئ العدالة والمساواة والشمول التي تميز كل نص قانوني.

 

ثانيا: أما على صعيد الموازنة، التي عرفها قانون المحاسبة العمومية بأنها: "صك تشريعي تقدر فيه نفقات الدولة ووارداتها عن سنة مقبلة، وتجاز بموجبه الجباية والإنفاق". 1- فقد نصت المادة /83/ من الدستور على ما يلي: "كل سنة، في بدء عقد تشرين الأول تقدم الحكومة لمجلس النواب موازنة شاملة نفقات الدولة ودخلها عن السنة القادمة ويقترع على الموازنة بندا بندا".

 

2- ونصت الفقرة الأولى من المادة /85/ من الدستور على أن: "لا يجوز أن يفتح اعتماد استثنائي إلا بقانون خاص".

 

3- ونصت المادة /27/ من قانون المحاسبة العمومية على أن: "لا تفتح الاعتمادات الإضافية إلا بقانون، ولا تنقل الاعتمادات من بند إلى آخر إلا بقانون".

 

حيث يتبين بأن حق إقرار الموازنة العامة مكرس دستوريا للمجلس النيابي الذي يجيز للحكومة: الإذن بالجباية، أي جباية الواردات وفقا للأحكام التي ترعى فرض الضرائب والرسوم وسائر الإيرادات، وهذا الإذن مطلق، أي أن بإمكان الحكومة تجاوز الواردات المحددة شرط التزامها بأحكام القوانين المتعلقة بطرح الضرائب والرسوم وتحصيلها. الإذن بالإنفاق المشروط بسقوف الاعتمادات الملحوظة بالنسبة لكل بند حيث يتم التصويت على الموازنة العامة بندا بندا. كما أن حق المجلس النيابي بتعديل الموازنة بعد إقرارها مكرس دستوريا وقانونيا بحيث لا يجوز أن يفتح أي اعتماد استثنائي إلا بقانون خاص، ولا أن ينقل أي اعتماد من بند إلى آخر إلا بقانون أيضا.

 

4- وإذا كان الدستور قد قيد حق المجلس النيابي في إقرار الموازنة العامة فأجاز للحكومة نشرها بمرسوم بناء على قرار متخذ في مجلس الوزراء، إلا أنه اشترط لكي تمارس الحكومة هذا الحق توفر ثلاثة شروط أساسية: أن تكون الحكومة قد تقدمت بمشروع الموازنة إلى المجلس النيابي قبل بداية عقد تشرين الأول بخمسة عشر يوما على الأقل، وأن يكون المجلس النيابي قد أعطي الوقت الكافي لدراسة مشروع الموازنة دون أن يتمكن من البت به، وهذا الوقت يمتد لأكثر من أربعة أشهر.

 

وأن تنشر الحكومة الموازنة بالشكل الذي تقدمت به إلى المجلس النيابي. هذا مع العلم بأن الإنفاق، في حال بدء السنة المالية دون البت بمشروع الموازنة، يتم على أساس القاعدة الإثنتي عشرية وفقا لأحكام الفقرة الثانية من المادة /86/ من الدستور. ومن المتعارف عليه أن الإنفاق على أساس هذه القاعدة يشكل قيدا على الإنفاق الحكومي.

 

5- وإن كان الدستور في المادة /84/ منه التي تنص على أن: "لا يجوز للمجلس في خلال المناقشة بالميزانية (المقصود مناقشة الموازنة) وبمشاريع الاعتمادات الإضافية أو الاستثنائية أن يزيد الاعتمادات المقترحة عليه في مشروع الموازنة أو في بقية المشاريع المذكورة سواء كان ذلك بصورة تعديل يدخله عليها أو بطريقة الاقتراح. غير أنه يمكنه بعد الانتهاء من تلك المناقشة أن يقرر بطريقة الاقتراح قوانين من شأنها إحداث نفقات جديدة".

 

وقد قيد المجلس النيابي إذ حصر حقه بتعديل النفقات المقترحة من الحكومة ضمن السقف الإجمالي المقترح، إلا أن الدستور كما يتبين من نص الفقرة الأخيرة من المادة/84/ منه قد أعطى الحق للمجلس بإقرار اقتراحات قوانين يتقدم بها أعضاء المجلس وترمي إلى إحداث نفقات جديدة. كما أن المادة /19/ من قانون المحاسبة العمومية قد أعطت الحق للجنة المال والموازنة وللمجلس النيابي بزيادة القيمة الإجمالية لنفقات مشروع الموازنة ولمشاريع الاعتمادات الإضافية بعد استطلاع رأي وزارة المالية خطيا وموافقة مجلس الوزراء.

 

6- وإن كانت الفقرة الثانية من المادة /85/ من الدستور قد أجازت لرئيس الجمهورية، بناء على قرار يتخذ في مجلس الوزراء، أن يصدر مرسوما يرمي الى فتح اعتمادات استثنائية أو إضافية أو بنقل اعتمادات في الموازنة، أي تعديل الموازنة بعد إقرارها، فإن هذا الحق مقيد بتوفر ثلاثة شروط مجتمعة: - أن يكون الاعتماد لتغطية نفقات مستعجلة اقتضتها ظروف طارئة. - ان يكون ضمن حد أقصى يحدد سنويا في قانون الموازنة العامة، أي خاضع لموافقة المجلس النيابي عند إقرار الموازنة. -أن يعرض التدبير المتخذ على موافقة المجلس النيابي في أول عقد يلتئم فيه.

 

ثالثا: الرقابة البرلمانية المالية أثناء تنفيذ الموازنة: يمارس المجلس النيابي هذه الرقابة بالطرق التالية ووفقا لأحكام الباب الثالث من النظام الداخلي لمجلس النواب:

 

1- الطلب الى الحكومة تقديم الإيضاحات والمعلومات المتعلقة بسير النفقات والواردات في أي وقت من السنة، وذلك عن طريق الاسئلة الشفهية والخطية والاستجوابات.

2- استدعاء الحكومة الى اللجان النيابية ومنها لجنة المال والموازنة عندما تشاء هذه اللجان للاستماع إليها في مواضيع مالية عامة أو خاصة.

3- كثيرا ما تلجأ الحكومة الى طلب فتح اعتمادات إضافية أو تحيل الى المجلس مشاريع اتفاقيات قروض، وعليها في كل مرة أن تبرر الطلب، مما يفسح المجال أمام المجلس النيابي ولجانه المختصة للاطلاع على سير تنفيذ الموازنة وبالتالي مناقشة الحكومة في سياستها المالية.

4- تتولى أجهزة الرقابة لاسيما التفتيش المركزي وديوان المحاسبة وضع تقارير دورية وخاصة تتناول قضايا تتعلق بتنفيذ الموازنة، وتودع نسخة عنها المجلس النيابي بحيث يمكن للمجلس أو لأي لجنة من لجانه أو لأي نائب أن يستوضح الحكومة عن القضية موضوع التقرير.

5- كما يمكن للمجلس النيابي تأليف لجان تحقيق برلمانية تتولى التحقيق في قضايا مالية تتعلق بتنفيذ الموازنة.

 

رابعا: وأما على صعيد تقارير الانفاق الحكومي:

1-       فقد نصت المادة /87/ من الدستور على ما يلي: "إن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة التالية التي تلي تلك السنة. وسيوضع قانون خاص لتشكيل ديوان المحاسبات".

2-       ونصت المادة 163 من قانون المحاسبة العمومية على ما يلي: "تدون العمليات التي يقوم بها المحتسب في حسابات يمسكها وفقا لتصميم عام للحسابات يقر بمرسوم يصدر بناء على اقتراح وزير المالية"

3-       وبالفعل فقد صدر المرسوم رقم 10388 بتاريخ 9 حزيران 1997 (التصميم العام لحسابات الدولة والمؤسسات العامة والبلديات) ونصت المادة الرابعة والثلاثون منه على ما يلي : "يتألف الحساب العام للدولة من: -الميزان العام الموحد للحسابات بنتيجة توحيد حسابات المحتسبين المركزيين. - بيان بإيرادات موازنة الدولة. - بيان بنفقات موازنة الدولة. - بيان الخلاصة على صعيد القطاع العام والذي يوضع على شكل حساب نتائج وميزانية"، ونصت المادة الخامسة والثلاثون منه على ما يلي: "يصدق على الحسابات بموجب قانون قطع الحساب الذي يبت نهائيا بالنتيجة التي اقترن بها تنفيذ موازنة الدولة."

4-       ونصت المادة /197/ من قانون المحاسبة العمومية على ما يلي: "على الحكومة أن تحيل مشروع قانون قطع حساب الموازنة الى مجلس النواب قبل أول تشرين الثاني من السنة التي تلي سنة الموازنة".

5-       إن رقابة المجلس النيابي على قطع حساب الموازنة هي نتيجة لإجازتي الجباية والأنفاق الممنوحتين من المجلس للحكومة. فنتيجة تنفيذ الموازنة، أي مدى التزام الحكومة بإجازتي الجباية والأنفاق خلال سنة الموازنة، تظهر في قطع الحساب أو الحسابات المالية النهائية.

6-       ولكي تكتمل حسابات الإنفاق خلال سنة الموازنة بتقرير عن الأنفاق من الخزينة بواسطة سلفات الخزينة، أوجبت المادة /214/ من قانون المحاسبة العمومية أن: "يضم الى مشروع قانون قطع الحساب بيان بسلفات الخزينة المعطاة وفقا لأحكام المادة /203/ من هذا القانون، وبما سدد منها خلال سنة الموازنة".

 

ولما كان المجلس النيابي لا يملك الوسائل الفنية والإدارية الكافية لإجراء رقابة عملية تتناول تفاصيل مراحل تنفيذ الموازنة في حقلي الواردات والنفقات، فقد نصت المادة/87/ من الدستور على أن "يوضع قانون خاص لتشكيل ديوان المحاسبات"، الذي يعتبر من الأجهزة التي تسهل إجراء الرقابة المالية البرلمانية على الانفاق الحكومي.

 

خامسا: في ديوان المحاسبة ديوان المحاسبة هو هيئة إدارية قضائية مهمتها السهر على إدارة الأموال العمومية، وذلك بمراقبة استعمالها بالفصل في صحة حساباتها وقانونية معاملاتها وبمحاكمة المسؤولين عن مخالفة القوانين والأنظمة المتعلقة بها. فقد أناط قانون إنشاء ديوان المحاسبة وتعديلاته بالديوان صلاحيتين اساسيتين: 1 - صلاحية إدارية تتمثل في:

- الرقابة المسبقة على عقد النفقات وعلى الواردات ضمن حدود معينة. - الرقابة المؤخرة على حسابات تنفيذ الموازنة.

- الرقابة المؤخرة بإعداد بيانات المطابقة. ب - صلاحية قضائية وتتمثل في: -الفصل في صحة حسابات كل من يتولى إدارة الأموال العمومية من قبض ودفع. - محاكمة الموظفين الذين يتولون تنفيذ الموازنة وإدارة الأموال العمومية عند المخالفة.


2- ولكي يتمكن ديوان المحاسبة من إجراء رقابته على حسابات تنفيذ الموازنة وإعداد التقارير وبيانات المطابقة أوجب قانون المحاسبة العمومية بموجب المادتين /194/ و /195/ منه أن: "تدقق مديرية المحاسبة العامة في وزارة المالية حسابات المحتسبين والمحاسبين الاداريين وتقوم بتوحيدها. تضع مديرية المحاسبة العامة كل سنة: - قطع حساب الموازنة الذي يجب تقديمه إلى ديوان المحاسبة قبل 15 آب من السنة التي تلي سنة الموازنة. - حساب المهمة العام الذي يجب تقديمه إلى ديوان المحاسبة قبل أول أيلول من السنة التي تلي سنة الحساب". وبذلك يتاح للديوان الوقت الكافي لتدقيق قطع الحساب ووضع تقرير عنه وإعداد بيانات المطابقة بحساباته وإيداع نسخة عنه مجلس النواب للاستئناس بها قبل الموافقة على مشروع قانون قطع الحساب".


وتحدث النائب غسان مخيبر عن دور القطاع الخاص في اعتماد القوانين في البرلمان واهمية التشريعات بمواضيع القطاع الخاص.

 

ثم تحدث النائب روبير غانم الذي شكر إيطاليا "على دعمها الدائم السياسي والإقتصادي والمالي والإجتماعي والإداري للبنان، خاصا بالشكر "مؤسسة "إيبالمو" "IPALMO" التي تساهم مساهمة فعالة في ترجمة هذا الدعم على مستوى المؤتمرات والندوات واللقاءات بينها وبين المؤسسات اللبنانية والعربية".

 

ونوه "بالدور الكبير الذي قام يقوم به السفير غبريال كيكيا منذ توليه مسؤولياته كسفير لدولة إيطاليا في لبنان".

 

وقال: "ان دور السلطة التشريعية في لبنان هو أساسي لكل عملية إصلاح أو تطوير أو تحديث في مجالات المال والإقتصاد كما في مجالات الحماية الإجتماعية التي تؤثر تأثيرا كبيرا على نجاح الإقتصاد أو فشله".

 

اضاف: "لقد طرحت في لبنان إصلاحات مالية وإقتصادية عبر مؤتمرات دولية كان آخرها باريس - 3 وإذا كان ثمة تأخير في مواكبة هذه الإصلاحات والمقترحات من قبل السلطة التشريعية والتنفيذية معا لأسباب مختلفة أملتها ظروف صعبة مر بها لبنان، إلا أنه أصبح ملحا علينا ولوج باب التشريعات اللازمة لإكمال البنية الإقتصادية الملائمة خاصة بعد أن تجاوز لبنان محنة الأزمة الإقتصادية العالمية بفضل التشريعات المصرفية والمالية والإدارية المعمول بها وأصبح نموذجا يحتذى به على هذا الصعيد. ومن أجل استكمال الهيكلية الإقتصادية والمالية وتحصين البيئة الملائمة للنمو الإقتصادي يقتضي على سبيل المثال وليس الحصر، تعديل وتطوير القوانين التالية:

1- إنجاز قانون الأسواق المالية لتفعيل القطاعات الإنتاجية وتأمين المصدر الأهم للنمو لا سيما وقد بلغت نسبة النمو في لبنان ما يفوق 8%.

2- تطوير سوق بورصة بيروت باعتماد قواعد جديدة أكثر مرونة للتداول بسندات البورصة.

3- إنجاز قانون المعاملات الألكترونية بما فيه التوقيع الألكتروني.

4- البدء بإجراءات الخصخصة لا سيما للمطار والمرافئ والكهرباء.

5-إرساء قواعد تشريعية مرنة للعمل بمبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

6- إفادة المؤسسات المتوسطة والصغيرة التي ترغب في الإندماج فيما بينها من قروض مدعومة وطويلة الأجل.

7-       تعزيز النقل العام بما فيه سكة الحديد وتشغيل مطار رياق للشحن بين لبنان والدول العربية.

8-       الإسراع باعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة وهو اقتراح تقدمت به عام 2007 ويدرس حاليا في لجنة الداخلية والبلديات.

9-       إعطاء حوافز ضريبية للشركات الدولية لجعل مقرها العام في لبنان "quartier général" كمثل تحميلها ضريبة مقطوعة قدرها 10% على جميع المصاريف التي تدفعها في لبنان شرط أن يقوم المقر العام بالأعمال الإدارية والمالية والتنظيمية والترويجية والعلاقات العامة لشركات مجموعته باستثناء التعاطي التجاري في لبنان.

10-   تبسيط المعاملات والإجراءات المتعلقة بمباشرة الإستثمار في لبنان وتخفيض كلفتها عند الحاجة.

11-   إنشاء مناطق صناعية وزراعية وسياحية مؤهلة وفقا لخصوصية كل قضاء.

 

هذه التشريعات المقترحة يجب أن تقترن بتعزيز دور السلطة القضائية واستقلاليتها واتخاذ الإجراءات اللازمة للتسريع في بت الدعاوى التجارية والمدنية".

 

وتابع: "إن تلازم التشريعات المالية والإقتصادية والتشريعات المتعلقة بالحماية الإجتماعية هو ضروري وأساسي لكل تحديث وتطوير في هذه التشريعات. فلا نجاح لأي تطوير منهما بدون الآخر. وفي لبنان تحديدا أضحت الحماية الإجتماعية من أهم العناصر الملازمة للسلم الأهلي. وإذا كان لبنان قد بدأ في عهد الرئيس فؤاد شهاب بتأسيس صندوق الضمان الإجتماعي وأرسى قواعد العدالة الإجتماعية بين الطبقات الرأسمالية والعاملة وقواعد المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين، إلا أن تطوير نظم الضمان الإجتماعي اصطدم أحيانا بالتجاذبات السياسية والمحاصصة مما أدى الى عرقلة مسيرته وتطويره كما يجب. إن العقد الإجتماعي لا يقوم إلا بتوافق الأطراف الثلاثة، أعني بها الدولة اللبنانية، أرباب العمل والعمال. وإذا كان الفلاسفة هوبس ولوك وروسو، قد حدد كل منهم نظرته الى العقد الإجتماعي إلا أنهم أجمعوا على هدف أساسي هو تأمين حرية الأفراد من خلال الحماية الإجتماعية. لقد أصبح حتميا على هذه الأطراف في لبنان أن تبادر الى معالجة مشاكل صندوق الضمان الإجتماعي والى وضع الأسس اللازمة لإصلاحه وتحديثه بكل تجرد ومسؤولية من أجل حفظ حقوق الفئات اللبنانية التي تستفيد من هذا المرفق الحيوي والهام".

 

واردف:" إن قانون إنشاء نظام التقاعد والحماية الإجتماعية، على أهميته القصوى، وهو حاليا على وشك إقراره في مجلس النواب، يهدف الى إبدال تعويض نهاية الخدمة بمعاشات تقاعدية ودمج طريقتي التمويل القائمتين على الرسملة والتوزيع وإيجاد آليات حديثة لاستثمار الإحتياطات والإنتقال من نظام نهاية الخدمة الى النظام الجديد. وهذا القانون، عند إقراره في مجلس النواب يكون الرافعة الأساسية لتطوير التشريعات المالية والإقتصادية. وحتى موعد المباشرة في تنفيذ هذا القانون قريبا، يقتضي تعديل بعض أحكام قانون الضمان الإجتماعي ضمن الأطر التشريعية التالية:


1- إعادة تنظيم حديث لإدارة الصندوق من خلال فتح ملف الإصلاح الإداري ومكننة أعمال الصندوق وتحديد مهام للادارة العامة وصلاحياتها.

 

2- خفض عدد أعضاء مجلس الإدارة ليتمكن المجلس من القيام بدوره بعد تحديد مهامه ومنع الإزدواجية والتضارب في الصلاحيات بينه وبين الإدارة العامة.

 

3- إعادة هيكلة إدارة الصندوق بما يتلاءم مع النظرة الجديدة للموارد البشرية.

 

4- إيجاد هيئة رقابة مستقلة من خبراء وإختصاصيين تتمتع بصلاحيات واسعة ويكون من أعضائها قاض أو أكثر من قضاة ديوان المحاسبة.

5- العمل على تأمين إلزامية الضمان الإجتماعي لكل مواطن لبناني فور ولادته كما هو معمول به في الدول المتقدمة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لخفض عدد الصناديق المعمول بها حاليا في بعض الإدارات والمؤسسات العامة تأمينا لخفض الكلفة وزيادة نوعية الخدمات.

 

6- تفعيل دور المجلس الإقتصادي والإجتماعي وتعزيز صلاحياته".

 

وقال: "تطورت عمليات التأمين التي أصبحت في بعض القطاعات رديفا للضمان الإجتماعي وقد رافق هذا التطور تشريعات جديدة أمنت لهذا القطاع الإنتشار الواسع في لبنان. لكن الدولة هي الضامنة والحاضنة لكل اللبنانيين ومن هذا المنطلق يبقى على الدولة أن تتحمل المسؤولية الكبرى في تحديث وتطوير صندوق الضمان الإجتماعي بالتعاون مع الطرفين الأساسيين أرباب العمل والعمال. إن لكل مواطن لبناني الحق في العمل وكل عمل يقابله عطاء وكل عطاء يجب أن يترافق مع الضمانات الإجتماعية إلا أن الهدر في الوقت والتسيب في الإنتاج مرده عادة الى فقدان النوعية. لذلك، على المسؤولين كافة سياسيين وإداريين وارباب عمل وعمال أن يدركوا تماما أن النوعية هي أحد أهم الميزات التي يتمتع بها اللبناني. وإن أي إصلاح أكان في صندوق الضمان الإجتماعي أو في أية إدارة أو مؤسسة يرتكز على اعتماد النوعية وترسيخها وتحسينها لأنها الكفيلة بزيادة الإنتاجية وتأمين الرفاهية للمواطنين".

 

وختم: "أود التأكيد أن لا إصلاح في أي ميدان أكان إقتصاديا أو إجتماعيا دون إصلاحيين يملكون الإرادة والقرار في الإصلاح. وهو ما نأمل التوصل اليه في لبنان".

 

ثم تحدث خبير دولي في معهد "ايبالمو" في مجلس النواب الايطالي باولو فيسكا، كما تحدث انريكو سيتا منسق القسم الدولي في مجلس النواب الايطالي عن "الادوات البرلمانية للتأثير على السياسات العامة الاساسية".

 

ثم جرت مناقشة عامة.

 

وفي ختام الورشة، عقد النائب عبد اللطيف الزين الذي كان ترأس ورشة العمل ممثلا رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري مؤتمرا صحافيا، بمشاركة السفير كيكيا وريفولتا.

 

بداية، قال النائب الزين: "مرة جديدة تعود الينا مؤسسة "ايبالمو" المدعومة من الحكومة الايطالية، ومرة جديدة تعود الحكومة الايطالية الينا لتقديم المساعدات وهي تعمل دوما من اجل لبنان. وفي هذين اليومين استفدنا كثيرا من الخبراء المحترمين الذين تطرقوا الى عدد من المشاريع، والى مواقف متعددة حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان وفي اي دولة اخرى".

 

واكد "اننا سنرفع كل هذه المعلومات والخلاصات الى دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري لنتمكن من متابعتها، سواء في اللجان المختصة او في الندوة النيابية"، شاكرا "بصورة خاصة السيد جياني دوميكاليس رئيس "ايبالمو" الذي كان معنا بالامس، ولضرورات شخصية تركنا بسبب سفره الى اسبانيا، واكرر كامل شكري للحكومة الايطالية التي تعمل دوما ليس فقط على مساعدتنا على الصعيد البرلماني، انما كل الشكر للدولة ايطاليا على كل مساهماتها، خصوصا لناحية وجود قواتها العسكرية العاملة ضمن قوات "اليونيفيل" والتي تتعامل مع اهلنا في الجنوب بافضل طرق التعايش، وبدورنا نتعايش واياها كأهل، وكل ذلك لمصلحة لبنان، ولا استطيع هنا الا ان اثني على الجيش اللبناني لتعاونه مع "اليونيفيل" ليتمكن لبنان من تنفيذ القرار 1701 بكل تفاصيله ومضامينه وما يتطرق اليه".

 

وقال السفير كيكيا: "اضم صوتي الى صوت الاستاذ عبد اللطيف الزين واتوجه بالشكر الى دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري وهو صديق قديم لايطاليا على استضافته لنا في هذه الندوة، والى لجنة الشؤون الخارجية على دعمها ونشكر وزارة الخارجية والسيد دوميكاليس الذي كان حاضرا هنا البارحة والسيد ريفولتا الذي هو بيننا الان، وهو يمثل "ايبالمو"، هذه المؤسسة الرائدة التي تقوم بعمل رائع، وسيحاول ان يشاطر المنطقة الخبرات البرلمانية وسواها".

 

اضاف: "اخترنا اقامة هذه الندوة في لبنان، وهي ايضا شملت مصر والعراق، لأننا نشعر بأن علينا ان نتشاطر ولبنان الخبرات الديموقراطية، لاننا نعتبر ديموقراطيتنا اقرب الى ديموقراطية لبنان، الذي يجب على العالم ان يحذو حذوه. فهو متعدد الطوائف والاحزاب ومتنوع المؤسسات. وكما قلنا في البداية نحن هنا لنتعلم منكم وليس لكي نعلمكم، ونريد مساعدتكم على ان تكونوا اقوى وان يكون الناس اقرب الى المؤسسات والحكومة وان تكون الحكومة اقرب الى الناس والمؤسسات".

 

وتابع: "نحن هنا لكي نتشاطر واياكم بناء القدرات والديموقراطية. فليس بالصدفة تم اختيار لبنان، بل اختير لانه كان ولا يزال مصدرا للديموقراطية والتنوع، ولنستفيد من تجربته الديموقراطية"، مشيرا الى ان "هذه الندوة هي لتقويم اثر القوانين وتأثيرها على تعزيز المعرفة، وقد استمعنا الى المتحدثين والمشاركين واعجبنا بالباحثين والمفكرين الذين شاطرونا آراءهم".

 

وشدد على ان "ايطاليا تريد دائما ان تضمن سيادة لبنان، وهذا سبب وجودنا في "اليونيفيل"، وتعمل لدعم لبنان في مؤسساته وديموقراطيته".

 

قال: "نحن نتعاون مع لبنان في المجال البيئي والثقافي وفي مجال دعم الفئات المهمشة كالمرأة والاطفال ونسعى ايضا الى اجراء البحوث العلمية والثقافية".

 

ثم قال ريفولتا: "تزودنا خلال الندوة بمعلومات مهمة سنأخذها الى المؤتمر الاقليمي في مصر، الذي سيتمثل فيه لبنان والعراق، وسنحاول ان نستخرج منه المفيد، على ان نعرضه في اجتماع مقبل في روما".

 

اضاف: "ليس ثمة من يتوهم أن اجتماعات كهذه قادرة على حل المشكلات كلها، إنما الجميع مقتنعون بأنها تؤكد الصداقة المشتركة وتؤدي الى تبادل المعلومات بين البرلمانات والبرلمانيين مما يساهم في مواجهة المشاكل اليومية التي تتعرض لها الديموقراطيات المدنية".